مهمة الفن والفنان في الحياة

المعروف ان الفن مهمته خلق حياة حرة جميلة وهذا يعني مهمة الفن تحرير عقل الانسان وتجعله حرا مستقلا يرفض اي قيود اي اغلال لا ينطلق الا من قناعته الخاصة لا خوفا من احد ولا مجاملا احد فالحياة الحرة الجميلة لا يصنعها الا العقول الحرة على خلاف العقول المحتلة لا تصنع الا القبح والعبودية
منذ ان بدأ الانسان يعي بدأ يمارس الفن في تحرير العقل فأنشأ وخلق الطقوس الدينية البدائية المختلفة فكانت الخطوة الاولى لمواجهة التحديات التي تواجه الانسان في خلق حياة حرة وجميلة
وهكذا يعتبر الفن وخاصة المسرح الوسيلة الوحيدة لبناء الحياة الحرة والانسان الحر فالمسرحي معلم لكل افراد المجتمع للأستاذ للمدرس للطالب في الجامعة في المدرسة وللعامل في معمله وللفلاح في حقله وللتاجر في سوقه وللعسكري في وحدته العسكرية وللموظف في دائرته فالفنان يعلم ويخدم هؤلاء جميعا بكل انواعهم وبمختلف مستواياتهم
فالمسرحي ليس صاحب مهنة انما صاحب رسالة وهناك فرق كبير بين صاحب المهنة وصاحب الرسالة
فصاحب المهنة الناس تصعد اليه وتذهب اليه
اما صاحب الرسالة فهو الذي ينزل الى الناس ويذهب اليهم ويرفع من مستواهم ويدفعهم الى المساهمة في بناء الحياة في سعادة الانسان
كما ان صاحب المهنة يخدم شريحة معينة مقابل بعض المال اما الفنان فهو يخدم كل شرائح المجتمع بدون مقابل بل كثير ما يحرق نفسه من اجل ان يضيء الطريق لهم يعذب نفسه من اجل ان يسعدهم فأنه يرى سعادته سعادته في سعادة الآخرين حياته في حباة الاخرين
نعم الفنان معلم الشعب من خلال تحرير عقول ابناء الشعب من قيود العبودية وانارة العقول من ظلامها
فالفنان نبي كما قلنا سابقا والنبي لا يصنعه الاخرين وانما هو الذي يصنع تفسه من خلال التحدي والتضحية والصبر على ذلك
فهذا الامام علي يصرخ متحديا اعداء الحياة خلال ضربة عدو الحياة ابن ملجم له فزت ورب الكعبة
وهذه صرخة الامام الحسين كونون احرارا في دنياكم
فمهمة الفنان والفن ان يعلمني ما معنى هذه العبارات انا والملايين من امثالي فهمنا تلك العبارات فهما خاطئا مخالفة لحقيقتها حتى كنا اكثر ضررا لهما من اعدائهما اعداء الحياة والانسان واكثر اساءة لهما ولقيمهما الانسانية وكنا نسئ لهما ونجمل وجوه اعدائهما من حيث لا ندري وربما يعضنا يدري كوسيلة لترسيخ الظلام والعبودية
فعلى الفنان ان ينزل الى واقع الناس ويدرس ذلك الواقع و يتمعن به لمعرفة سلبياته وايجابياته نقاطه المضيئة ونقاطه المظلمة و ينطلق من ذلك المستوى و من تلك الايجابيات وتلك النقاط المضيئة لرفع مستوى المجتمع الى مستوى تلك النقاط الايجابية والنقاط المضيئة سواء كان ذلك الآن او في الماضي
نعود الى صرخة الامام علي فزت ورب الكعبة وصرخة الامام الحسين كونوا احرارا في دنياكم المفروض ان تستمر مثل هذه الصرخة وتتطور اذا تمكنا من فهمها الفهم الصحيح وهذه مهمة الفن مهمة الفنان الصادق المخلص
الا اننا لم نفهما لهذا لم يحدث لها اي تطور اي تجدد كما تلك الملايين لم تكن بمستواها بل انزلتها الى مستواها المتخلف وهكذا بدلا من جعلها قوة تدفع الجماهير الى الامام لتحدي اعداء الحياة جعلت منها قيودا قيدت حركتها وظلاما أعمت بصرها وجهلا شلت عقلها
مثل ولادة اول سيارة او اول طائرة فاذا لم يحدث اي تطور اي تجديد لا قيمة لها بعد مثلا مائة سنة اقل اكثر لكن التطور والتجدد الذي يأتي عليها هو الذي منح مخترعها ومكتشفها هذه العظمة وهذا الاحترام وهذا التقديس
لهذا على الفنان على المثقف ان يطور تلك الصرخة ويجددها ليطور الحياة ويسعد الانسان ويصنع منه انسان حر
فالاغلبية المطلقة منا لم نفهم صرخة الامام علي فزت ورب الكعبة ولم تفهم صرخة الحسين كونوا احرارا في دنياكم على الفنان وخاصة المسرحي ان يتحرك وفق هذه الثقة المطلقة بالنفس والتفاؤل المطلق في الحياة
هل من المعقول نرى الفنان المسرحي يبكي ويذرف الدموع على الفن والمسرح قبل خمسين عاما اكثر اقل هل يمكننا ان نطلق عليه عبارة اسم فنان ماذا يختلف عن ذلك الامي الجاهل الذي يذرف الدموع على مقتل الامام علي ومقتل الامام الحسين
فلو عذرنا هذا الذي يبكي على قتل الحسين والامام علي لجهله فما هو عذر الفنان لا شك لا نعذره الا ان نقول له انت بوق رخيص تبحث عن من تطبل وتزمر له لقاء ما يرمى لك من مال
فالفنان نبي صاحب رسالة لا بوق يزمر لمن يدفع اكثر
مهدي المولى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here