ضحالة الرؤية السياسية عند ضيقي النظر

ضحالة الرؤية السياسية عند ضيقي النظر

ما أن جرت عملية التحالف الانتخابي بين تيار” السائرون ” و التيار الصدري حتى تعرض هذا التحالف لانتقادات حادة و ساخرة ، و كانت أغلبها ، على الأرجح ، من قبل اليساريين السابقين وكذلك من قبل أولئك الذين لا زالوا يعتبرون أنفسهم ثوريين حتى الآن !! ، لاعتقادهم استحالة عقد التحالف بين حزب علماني و حزب إسلامي أو ديني آخر ، و ذلك انطلاقا من رؤيتهم للأمور من منظور ضيق واحد فحسب ، وقد فات هؤلاء ــ ربما بحكم قلة إطلاعهم على تاريخ الحركات الثورية العالميةــ واقع تحالف الأحزاب الثورية واليسارية ــ عموما ــ في عديد من دول أمريكا اللاتينية مع رجال كنيسة من رهبان وقسس ، حيث انخرطوا في مسار الكفاح المرير والشاق ضد الأنظمة اليمينية الفاشية والعسكرية القمعية المسيطرة آنذاك ..
إذن فضرورة مرحلة سياسية معينة قد تتطلب تحالفا من هذا القبيل ، تفرضها ظروف مستجدة أو طارئة فلابد مهرب من استغلالها ، من حيث قد يتتحق من خلالها الحد الأدنى من البرامج المتفق عليها في عقد الاتفاق ، ولا سيما في نظام ديموقراطي وتعددي حقيقي و سليم ، حيث الجميع يسعى إلى تحقيق اهدافه السياسية بطرق سلمية و عبر تنافس سياسي بين الأحزاب النشطة تحت قبة البرلمان على صعيد تحسين مستوى المعيشة و تقديم الخدمات للمواطنين ..
فهذا يعني ـــ حسبما أظن و أعتقد ــ بأنه لا غبار على تحالف الشيوعيين مع الصدريين أو مع أي حزب إسلامي ذات مصداقية مبدئية ثابتة ــــ إن وجُدت أصلا ــ و الذي يحارب الفساد فعلا و حقا و يلزم أمره في تقديم الخدمات و الإنجازات للناخبين ، نقول من حيث المبدأ و ضمن ضروريات ومتطلبات المرحلة السياسية الراهنة ، غير أن المسألة الأساسية وجوهرها في هذا الصدد تحديدا ، تكمنان في مدى ثبات موقف السيد مقتدى الصدر إلى جانب هذا التحالف أو ذاك :
ـــ فالمعروف عن مواقف مقتدى الصدر أنها سريعة التغيير و التبدل ــ كرمال متحركة دوما ــ ومن أنها لا يُراهن ولا يعوّل عليها حتى نهاية المشوار .
ولكن من يدري ؟! ..
لعله في هذه المرة سيسبب لنا خيبة أمل طريفة ومريحة و يبقى على ثبات موقفه على صعيد تحالفه مع الشيوعيين و القوى المدنية الأخرى حتى نهاية المطاف ، أي حتى نهاية الانتخابات .

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here