اني نذل .. اني نذل

خالد الناهي
التاريخ يحدثنا عن جيل يجوع من اجل شراء كتاب، ويحبس وحتى يقتل من اجل اقتناء كتاب
لذلك كنا نسعد كثيراً عندما نسمع مقولة ( مصر تكتب، بيروت تطبع، وبغداد تقرأ) فترانا فقراء ماديا نعم، لكن نجتهد كثيراً في اقتناء الكتاب، ربما نضطر لنمشي مع شخص او حتى نصادقه ليس لتقارب افكارنا او اعمارنا، انما فقط لأنه يمتلك مكتبة او لديه الكثير من الكتب
نعم كنا نقرأ الكتب المختلفة، فجميع ما يقع تحت ايدنا نقراءة دون تردد او خوف، لذلك في السابق كان من اصعب الشعوب هو الشعب العراقي، فترى الشاب نعم متدين، لكن لدية اطلاع كامل على ما قالة مراكس او لينين او اي فكر اخر كان موجود حينها، فهو لا يخشى الخوض من الأطلاع على كل التفاصيل الفكرية الموجودة
ولهذا تجد الأهل لا يخشون عليه من اي موجه قد تصادفة، او اي محاولة اختراق يحاولون الحركات المتطرفة ادخالها للمجتمع العراقي
نعم كانت بغداد تقرأ، فكانت حصينه ومحصنة بلقاح اسمة الفكر
وقد حصل هذا في وقت لم تكن فيه التكنلوجيا، او وسائل التواصل او حتي المكتبات الألكترونية موجودة

اما الأن بغداد مخترقة فكرياً من جميع النواحي، فمن يريد ان يروج لفكر معين، ويكون له اتباع ما عليه الا القدوم الى بغداد و طرح هذا الفكر حتي وان كان فكراً غريب وشاذا سرعان ما تجد الشباب يتقبلوه ويروجوا له، ويضحون في انفسهم من اجله
وخير دليل ما جاءت به القاعدة من فكر متطرف، ثم التوحيد والجهاد واخيرا داعش، جميعهم افكار متطرفة لكن لكل واحد منهم طريقة في التفكير، وبالرغم من كونهم جميعاً استهدفوا جمهور محدد، لكن كان له مساحة ومقبولية للكثير من الشباب

اما ساحتنا نحن، فنجد ما يقوم به بعض مدعي الدين مثل ما يسمى احمد ابن الحسن واليماني وغيرها من المسميات الاخرى قد اخذت من شبابنا الكثير
والسبب الجهل الفكري الذي اصاب المجتمع منذ اكثر من ثلاث عقود
لقد ابتعد الشباب عن المطالعة، واتصف مزاجه بالحدية، واخذت عينيه لا تستطيع التركيز او متابعة القراءة لموضوع يحتوي على اكثر من خمسة اسطر
واخذ يستهوي السخرية والأستهزاء، حتى وان كانت عليه او على جيله
ومن يتابع بعض البرامج ومقاطع الفيديو على اليو تيوب ويشاهد عدد المشاهدات للمقاطع المضحكة والتي دائما ما تستخدم الكلام البذيئ مثل كلمة ( اني نذل) وكيف الكثير من الشباب يرددونها، يعرف عن اي جيل نتحدث، نعم ليس الجميع، لكن يسمى الجيل ويصنف حسب الأغلبيه او حسب الصفة التي يكون صوتها اعلى

ربما البعض يقول ان سبب ذلك هو ما يحصل بالعراق من ظروف غير طبيعية، جعلت الشاب يرغب بالهروب والبحث عن متنفس، والبعض الأخر يقول ان انشغال المجتمع بامور اخرى يعتقد انها اهم من القراءة، والبعض الأخر يتصور ان القراءة فقط هي المناهج التعليمية، والبعض الأخر يعزوا ذلك للانغلاق الذي عاشه العراقيين طيلة فترة صدام تجعل منه يرغب بتعويض تلك الفترة التي ضاعت من عمره بالامور السريعة والمستعجلة .
وكلها اسباب موضوعية ومقنعة، وربما جميعها تشترك في ذلك
لكن ما هو ليس موضوعي او طبيعي ان تبقى الأمور على ما هي عليه دون ايجاد حلول
وان بقيت فلنعلم ان الأمور تتجه الى الهاوية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here