من يعود الازدهار إلى ليبيا؟

بعد أن دول حلف الناتو أسقطت الحكومة الشرعية برئاسة العقيد معمر القذافي في عام 2011 بحجة إقامة منطقة حظر جوي وحماية الشعب الليبي، وجدت ليبيا نفسها على وشك التدمير الكامل وواجهت كارثة إنسانية.

منذ التدخل الغربي خلال السنوات السبع الماضية عانيت ليبيا من الفوضى وتحولت إلى نقطة الانطلاق الجديدة لتغلغل الإرهابيين من سوريا والعراق واليمن وأفغانستان ودول أفريقية أخرى.

من حيث الأساس، اليوم تشارك في مكافحة الجماعات الإرهابية القوات الخاضعة للقائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر الذي يحصل على الدعم من مصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا. ومن الجهة الأخرى لا تلعب حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج المدعوم من الأمم المتحدة الدور الحاسم في هزيمة الإرهابيين وتوحيد البلاد.

أعلن حفتر في أغسطس 2017 أنه قد احتل جيشه نحو 90 بالمائة من أراضي البلاد من الإرهابيين. وأضاف حفتر أن المعركة ضد الإرهاب تستمر حتى اجتثاثه من كامل الأراضي الليبية.

وخلافًا لقائد الجيش الوطني الليبي، أختار رئيس الوزراء فائز السراج أبسط طريقاً. بدلا من توحيد جهود جميع قواتها، لجأ السراج إلى مساعدة راعه وطلب من الولايات المتحدة شن سلسلة من الغارات الجوية المكثفة على مواقع الإرهابيين في ليبيا. وردًا على ذلك، أنزلت الطائرات الأمريكية حوالي 500 ضربة على مدينة سرت الليبية وضواحيها. ونتيجةً لذلك نجحت في تدمير حفنة من الارهابيين فقط والبنية التحتية للمدينة بأكملها. من الواضح أن تعتبر هذه “المساعدة” غير فعالة بالمقارنة مع عمليات مكافحة الإرهاب الناشطة التي تقوم بها الجيش الوطني الليبي.

ليس لدى خليفة حفتر رعاء، ولكن توجد الحلفاء الموثوق بهم مثل روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك يضع المشير حفتر مصالح الشعب وبلاده فوق متطلبات البلدان الأخرى. ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، يحتاج نحو 1.3 مليون شخص في ليبيا إلى الغذاء والدواء. وعانيت ليبيا لمدة سبع سنوات من الجوع والفقر. فتدهور الوضع في البلد بسبب تدفق اللاجئين المتواصل من البلدان أفريقيا الفقيرة، الذين يرغبون في وصول إلى أوروبا.

تجدر الإشارة إلى أن مشروع إعادة الإعمار الليبي الذي وضعته الأمم المتحدة والسراج لم يكن فعالا بسبب ضعف حكومة الوفاق الوطني. وأخذ قائد الجيش الوطني الليبي زمام المبادرة في هذه المسألة وبوساطته تقدم المساعدات الإنسانية للمدنيين وخاصة اللوازم الطبية والضرورية من قبل روسيا ومصر.

وبالإضافة إلى ذلك، توجد لدى السياسيين وجهات نظر مختلفة بنسبة حل القضايا في المجال الاقتصادي. بعد التدخل العسكري في ليبيا، حصلت شركات النفط والغاز الغربية على السيطرة الكاملة على استخراج وتصدير النفط والغاز في البلاد فقط.

ووفقا للبنك الدولي، أدى النزاع في ليبيا إلى الانهيار الاقتصادي بسبب انخفاض عائدات تصدير النفط. وانخفض إنتاج النفط بأربعة أضعاف من 1.6 مليون برميل يوميًا في 2010 إلى400 ألف برميل يوميًا في عام 2015. فيزيد هذا الدليل حتى 550 ألف برميل يوميًا في عام 2016، وزادت قدرة إنتاج النفط نحو 1 مليون برميل يوميًا في عام 2017.

ليس من الصعب تخمين أن هذه التغيرات الحادة في إنتاج النفط تسببت في انخفاض كبير في الأسعار ولذلك سارعت بعض الدول الغربية لاستفادة من هذا الحال خاصة إيطاليا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة. ويتجاوز اليوم حجم استيراد النفط الليبي إلى هذه الدول أحجامه قبل التدخل الغربي في ليبيا.

ويصرّ المشير خليفة حفتر بدوره على أن جميع الموارد الطبيعية الليبية والإيرادات من صادراتها يجب أن تمتلكها ليس الغرب بل الشعب. وبالإضافة إلى ذلك، يقول إن بلاده ينبغي ألا يسمح للبلدان الأخرى بأن تملي شروطها ومتطلباتها.

ومن الواضح أن مثل هذا الاختلاف في سياسة حل النزاع، الذي قام بها الزعيمان، تؤثر مباشراً على أراء الليبيين. ويدرك المواطنون أنه بعد إطاحة معمر القذافي، تحولت بلادهم إلى ما يسمى البئر الكبير تضخ الدول الغربية نفطاً منه. وأصبحت ليبيا نوعاً من قاعدة للجمعات الإرهابية. ومن جانبه يعتبر السراج مجرد دمية والذي موالي لواشنطن، يستعد لتنفيذ أي طلب من راعيه. هذا هو السبب في أن معظم الشعب الليبي يعبر عن دعمه للمشير حفتر. ويعتقد المحللون أن لديه كافة الفرص للفوز في انتخابات عام 2018.

عادل كريم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here