تواجه عملية التحول الديمقراطي في العراق جملة من الاشكلات والمعوقات بحكم حداثة التجربة وطبيعة التغيير السياسي أو اللحظة الانتقالية , فضلا عن الموروث الاستبدادي في السياسة العراقية بوصفها حصيلة للتفاعلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية , الامر الذي يستلزم تفكيك هذه العقد , و اعادة قراءة عملية التحول الديمقراطي بمنظور مختلف يضع السياسة و النظام والدولة في سياق الفعل الاجتماعي بابعاده المختلفة . في هذا الاطار عقد مركز حوكمة للسياسات العامة ندوة نقاشية حول المؤشرات الاجرائية والاليات التشغيلية للتحول الديمقراطي في العراق , وذلك بتاريخ 20 \ 1\2018 , شاركت فيه هيئة الخبراء و عدد من المتخصصين في الشأن السياسي
أدار الندوة الاستاذ الدكتور مهند النعيمي المتخصص في الدراسات الاحصائية والمسحية . وقد جرى تقديم عدد من المقاربات المنهجية في قياس التحول الديمقراطي في محاور عدة , فعلى الصعيد المؤسسي ناقشت الندوة الاسس الدستورية والقانونية للمؤسسات السياسية في العراق , بالاستناد الى مبادئ ومؤسسات وآليات وضوابط وضمانات نظام الحكم الديمقراطي . كما أن الديمقراطية تستلزم وجود ودور المجتمع المدني المكثف والفاعل , الذي يعمل كقناة أرتباط في المساحة مابين المؤسسات السياسية والقطاعات غير الرسمية , بما يعزز نمو الادارة الاجتماعية للتحول الديمقراطي , لتطوير التعاقد الاجتماعي , و بروز و تعزيز رأي عام مستنير , لترسيخ الديمقراطية كقيمة وسلوك , وهو ما يتطلب ارساء مبادئ حقوق الانسان والحريات الاساسية , و المساواة النوعية بين الجنسين , وهو المحور الذي جرى مناقشته و تقديم رؤية لمبدأ المواطنة الكاملة والفاعلة . أما على الصعيد الاقتصادي فقد طرحت عدد من المؤشرات التي تتناول الادارة المالية والنقدية واستقلالية السلطة النقدية (البنك المركزي ) , ومدى الثقة بالمؤسسات المصرفية , والتوجهات الحكومية في خصصة عدد من أجهزة القطاع العام, و دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي , فضلا عن ظاهرة الفساد المالي التي استشرت على نطاق واسع , ذلك أن هناك ارتباطا واضحا بين الديمقراطية وعدد من مؤشرات مستوي التطور الاقتصادي , حتى أن التنمية الاقتصادية اعتبرت شرط مسبقا لنجاح التحول الديمقراطي . وتمثل العملية الانتخابية أحد المحاور المفصلية في التحول الديمقراطي , حيث قدمت عدد من المؤشرات في هذا الصدد, اهمها أن الانتخابات تتطلب اطارا دستوريا وقانونيا للنظام الديمقراطي , و أن تتسم الانتخابات بالتنافسية، وتحترم الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين , حيث شهد العراق مابعد 2003, عددا من العمليات الانتخابية , و هي تمثل انتقالة مهمة نحو الشرعية السياسية و ارساء المبدأ التمثيلي في الحكم , الا أن ذلك واجه عددا من المعوقات على ثلاثة اصعدة رئيسية وهي القوانين الانتخابية , و الادارة الانتخابية , والسلوك الانتخابي , مما انعكس على نتائج الانتخابات التي تمثلت في تشكيل المؤسسات على اساس المحاصصة الطائفية والعرقية , الا أن ذلك ادى بالمقابل الى نشوء رأي عام مطالب بأعتماد معايير انتخابية مختلفة و بروز سلوك انتخابي أكثر وعيا و فاعلية . وقد توصلت الندوة الى عدد من التوصيات والمقترحات والرؤى التي سيتم تضمينها في مؤشر لقياس للتحول الديمقراطي في العراق .
Read our Privacy Policy by clicking here