حمّى الحملات الانتخابية لا تفارق كردستان

سامان عمر

لم ترفع بعد شعارات وملصقات المرشحين والأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية العراقية في كردستان حتى تقرر إجراء انتخابات أخرى.

في آخر أيام الحملة الانتخابية لانتخابات مجلس النواب العراقي حسم نيجيرفان بارزاني رئيس مجلس الوزراء في الاقليم والذي يحتفظ ببعض صلاحيات رئيسه حاليا، بشكل غير منتظر وعبر اصدار مرسوم المصير المجهول للانتخابات البرلمانية في الاقليم اذ ستجرى في الثلاثين من ايلول (سبتمبر) من العام الحالي.

تحديد الموعد لإجراء الانتخابات جاء مثل رمي الكرة في ساحة أطراف المعارضة السابقة التي كانت تتهم الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي بأنهما يخشيان من إجراء الانتخابات.

وقال سمير هورامي المستشار الاعلامي لقوباد طالباني نائب رئيس حكومة الإقليم لـ”نقاش” ان “تحديد موعد الانتخابات هو تنفيذ لمطلب بعض الاطراف التي كانت تدعو الى حل هذه الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني بعد اجراء الاستفتاء وأحداث السادس عشر من تشرين الاول (اكتوبر)”.

واضاف: “لقد تم تمديد مدة الحكومة والبرلمان الحاليين لدورتين ومن هذا المنطلق فان الانتخابات باتت إجبارية ولابد من اجرائها”.

قرار نيجيرفان بارزاني ادى الى عدم انتهاء الحملات الانتخابية في الثاني عشر من أيار (مايو) بل امتدت لأربعة اشهر أخرى، فكل طرف يهاجم الاطراف الاخرى من منطلق هذه الانتخابات من اجل تهيئة جماهيرها للمشاركة فيها.

الحزبان الرئيسيان (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني) يفخران بأنهما حصلا على (44) مقعدا، فيما تتهم القوى الاخرى التي سجلت تراجعا كبيرا الحزبين بالقيام بتزوير كبير.

وقال د. يحيى ريشاوي استاذ الاعلام في جامعة بوليتكنيك في السليمانية لـ”نقاش” ان “استمرار هذه الانتخابات المتقطعة والمتتالية سيؤدي الى استمرار حمى الانتخابات الامر الذي يتعب ذاكرة الناخب وبالتالي سيؤدي الى عدم توجه الناخبين بحماس إلى صناديق الاقتراع وسيشوه العملية الانتخابية في الأخير”.

وزادت الخلافات بين الاطراف الكردية بعد انتهاء الانتخابات التشريعية العراقية وذلك بعد ان اتهمت ستة أطراف سياسية في اقليم كردستان الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي بالتلاعب بنتائج الانتخابات البرلمانية العراقية في محافظات الإقليم لمصلحتهما عبر اختراق النظام او برمجة اجهزة فرز الاصوات، ويحتاج تخفيف تلك الخلافات إلى مباحثات سياسية مركزة.

وقال ريبوار حمد المتحدث باسم الجماعة الإسلامية في كردستان لـ”نقاش”: “نحن الان نحمل على عاتقنا ثقة مجموعة من الناخبين و تنصب جميع مساعينا على تعديل عملية التزوير التي قام بها الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي خلال انتخابات مجلس النواب العراقي في محافظات الاقليم”.

وأضاف ان “الانتخابات في اقليم كردستان ليست سوى مهزلة لذلك لن ندخل تحت طائلة انتخابات اخرى مماثلة”.

وهذا ما اكده بلين اسماعيل عضو غرفة الانتخابات التابعة لحركة التغيير فهم يرون انه لابد من اجراء الانتخابات في عملية ديمقراطية خالصة وليس بالشكل الحالي.

وقال إسماعيل لـ”نقاش”: حول ذلك “نحن مستعدون للانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات، اما بالنسبة لانتخابات رئاسة الإقليم فنحن كما كنا في الماضي مصرون على انه يجب اختيار رئيس الاقليم من قبل البرلمان”.

وتمثل المفوضية احد نقاط الخلاف بين الاطراف لتكليفها بمهمة ادارة الانتخابات، فيما تتمثل المحافظة على استقلالية المفوضية واجراء الانتخابات بالشكل الذي تريده الاحزاب الهدف الاكبر للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في الاقليم.

وأبدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان في السابق استعدادها لإجراء انتخابات برلمان كردستان ورئاسة الإقليم ومجالس المحافظات معا كما افاد المتحدث باسم المفوضية.

وقد اجبر استخدام التكنولوجيا في انتخابات مجلس النواب العراقي ستة أطراف سياسية في الاقليم على رفض نتائج الانتخابات.

وحول ذلك قال شيروان زرار المتحدث باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في اقليم كردستان لـ”نقاش”: “كيفما قبلت الاطراف والمنظمات في الاقليم طريقة فرز الاصوات يدويا او الكترونيا فنحن سنختار تلك الطريقة”.

وقلما جرت الانتخابات في اقليم كردستان في موعدها فحين يقترب الموعد القانوني لأية رئاسة من الانتهاء عندها تتذكر الاطراف ان تحدد موعد الانتخابات.

وقال د. سرهنك صالح الخبير في مجال الانتخابات والاستاذ الجامعي لـ”نقاش”: انه “لكي لا تتعرض قانونية المؤسسات الشرعية لعلامات الاستفهام فمن المهم ان يكون بين الاطراف السياسية ميثاق وطني للالتزام باجراء الانتخابات في موعدها”.

وأضاف الخبير ان “الانتخابات فضلا عن كونها عملية سياسية فإنها في الوقت ذاته عملية اخلاقية ايضا، ففي البلدان المتقدمة يحترم الموعد الذي يحدد لإجراء الانتخابات”.

وقد استخدمت القوى الكردية بفشلها وانجازاتها خلال الأعوام الأربعة الماضية جميع إمكانياتها ورسائلها في الحملة الانتخابية لانتخابات مجلس النواب العراقي.

وكانت انتخابات الثاني عشر من أيار (مايو) بالنسبة لتلك القوى كالشوط الاول للمباراة من اجل حصد اصوات اكثرية الناخبين وإظهار نفوذ وقوة الناخبين لبعضهم خلال الشوط الثاني (انتخابات برلمان كردستان)، ولكن نتائج انتخابات الشوط الاول لأي سبب كان لا تصب في مصلحة الاطراف التي عرفت بالمحتجة والمعارضة، لذلك فمن غير المستبعد ان تتحول مقاطعة العملية السياسية من قبل الاطراف الستة الى قرار.

اما بالنسبة للانتخابات المقبلة في الاقليم فان المعادلة تتخذ شكلا آخر، فإذا كان الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي حتى الأمس يخشيان اجراء الانتخابات فأن الخوف من كيفية اجراء العملية الانتخابية قد انعكس هذه المرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here