الإندبندنت البريطانيّة: الصدر لا يعارض بقاء القوات الأميركيّة ويرفض التدخل الإيراني

ترجمة: حامد أحمد

التغيّر الزلزالي في انتخابات العراق البرلمانية يعكس تحولات هيكلية عميقة حصلت داخل المجتمع العراقي. قائمة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، تصدّرت القوائم الاخرى في نتائج الانتخابات محرزة أعلى عدد من المقاعد رغم أنها لم تصل الى مستوى الأغلبية، ولكنّ تحوله الواضح من شخصية دينية مؤيدة لإيران ومعادية للغرب الى شخصية وطنية محاربة للفساد هو جزء من صورة أوسع للتغيير الحاصل في البلاد وعبر المنطقة أجمعها .
وبينما يتعافى العراق من حرب ضارية مع تنظيم داعش ويكرس اهتماما جديدا بموقعه في المنطقة يتضمن إعادة تقييم علاقته مع إيران على نحو متزايد، فإن الائتلاف المحتمل بين الصدر ورئيس الوزراء حيدر العبادي قد يبدو مشجعا .
ارتقاء الصدر من شخصية عنف متمردة إلى بطل شعبي كانت بمثابة القصة الكبيرة لهذه الانتخابات. وبتحويل قواته من جيش المهدي إلى سرايا السلام التي حاربت داعش كان الصدر قد دخل مرحلة تحول سياسي، خصوصاً في تركيزه على حلفاء العراق التي توّجت بلقائه بمسؤولي القيادة السعودية .
تحوّل الصدر هو مؤشر بذاته على تغيّر أوسع طرأ على العملية الانتخابية العراقية حيث أن الناخب ابتعد عن الانتماءات العقائدية والطائفية في تصويته متجهاً أكثر نحو البراغماتية والرغبة بانتخاب حكومة فاعلة .
ويشير استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الستراتيجية والدولية CSIS الأميركي إلى أن المصوتين العراقيين وضعوا وراء ظهورهم الخيارات الدينية الطائفية والحزبية وتوجهوا بدلاً من ذلك نحو خيارات وطنية تهدف إلى نبذ قيود التدخلات الخارجية والمصالح الدولية .
ورغم مؤشرات التفاؤل الناجمة عن الانتخابات فإن هناك تحديات كبيرة ستواجه الحكومة القادمة. أحد أولويات الحكومة الجديدة ستكون ملاحقة الفساد وإعادة بناء اقتصاد العراق.
تعهدات حملته الانتخابية التي تضمنت رسالة “العراق أولاً” تعني أن الصدر كان قادراً على تخطي الحواجز الطائفية، وأظهرت صناديق الاقتراع حصوله على أعلى نسبة تصويت وتأييد في المناطق ذات الكيانات الطائفية المختلطة .
هناك نقطة مهمة أخرى هي موقف الصدر من نفوذ وتدخل إيران في البلد، غالباً ما يُنسب له اعتقاده بأن لطهران تدخلاً يتسبب بعدم الاستقرار داخل البلد. واستناداً لمساعده السياسي ضياء الأسدي، فإنّ الصدر زار السعودية الصيف الماضي “ليخبرهم بأنّ شيعة العراق لن يكونوا امتداداً للثورة الإيرانية، وإن زيارته كانت للطلب منهم بأن يكون لهم حضور أكبر في العراق .”
بينما كان ينظر للصدر على أنه شخصية معادية للغرب، فإن الحقيقة تبدو أكثر تعقيداً. يشير الاعتقاد إلى أنه يفضل بقاء القوات الاميركية في العراق لما لهم من دور في تحقيق الاستقرار في البلد، وفي ضوء تفضيله للعمل مع العبادي الذي كان شريكاً مهماً ضمن التحالف الدولي في الحرب ضد داعش فإنه يبدو عليه بأنه منفتح لبناء جسور مع الغرب .
التحدي الذي يواجه الغرب الآن هو أنّ عليه موازنة موقفه تجاه العراق. يتوجب على العراق أن يكون قوة رئيسة وشريكاً مهماً. من المحتمل أن يقوم الصدر بصياغة علاقته مع القوى الغربية متخذاً العبادي كغطاء، ولكنه من الواضح أنه سيكون بحاجة لإسناد غربي على أقل تقدير للمساهمة بجهود إعادة إعمار بلد خرّب بسبب الحرب ضد الإرهاب.

بقلم المحللينِ،
ميلو كوميرفورد، ودانييل سليت.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here