الفوضى تقترب من الإطباق على كركوك بعد خروق أمنيّة رافقت الاعتصامات

بغداد/ وائل نعمة

تنتظر كركوك إعلان نتائج التحقيق مع عدد من المعتقلين يشتبه بتورطهم في أعمال عنف جرت في المدينة تزامناً مع فضّ اعتصامات عدد من المحتجّين ضد ما يصفونه بتزوير الانتخابات البرلمانية في المحافظة.
ودخل داعش الذي لم يغب عن المشهد هناك منذ 4 سنوات،على خطّ المواجهات الجديدة حيث تشير أغلب التكهنات الى أن التنظيم المتطرّف الذي مازال يمتلك أذرعاً في المدينة يحاول خلط الأوراق وضرب مكونات كركوك مع بعضها.
ولا يستعبد مسؤولون في المحافظة وجود أجندات إقليمية تدفع إلى استمرار الفوضى وعدم عودة الحياة الى المؤسسات السياسية المشلولة منذ 8 أشهر، في وقت ما تزال القوى الكردية، أكبر الفائزين في الانتخابات الاخيرة بالمحافظة بـ6 مقاعد من أصل 12، ممنوعة من التدخل في الملف الأمني.
وتسبّب الفوز الساحق لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بعد قرار انسحاب الحزب الديمقراطي من السباق في المحافظة، بظهور اتهامات من أحزاب تركمانية وعربية بوجود عمليات تزوير واسعة أدت الى نصب خيم الاعتصام، قبل أن تنفضّ الجمعة الماضية، بعد إقرارالبرلمان قانوناً بإعادة العد والفرز اليدوي لصناديق الاقتراع.

ليلة فضّ الاعتصام
وفي نفس الليلة التي عاد فيها المحتجون الى منازلهم بعد 27 يوماً من الاعتصام، ضربت المدينة 3 انفجارات، بعضها كانت قريبة من موقع الاعتصام السابق، تسبّبت بمقتل وجرح نحو 20 شخصاً بينهم أطفال ونساء، كما تعرّض مقهى شعبي ومدرسة الى قصف بالهاونات.
وفي هذا الشأن يقول نجاة حسين، عضو مجلس محافظة كركوك، في اتصال مع (المدى) أمس إن أسلوب الهجمات يشبه أسلوب داعش، لكنه يضيف قائلا:”توقيت الحادث شتّت الاذهان، وتوقع البعض ان للقضية أبعاداً سياسية”.
ويوضح المسؤول المحلي أن”كركوك تنتظر أن تعلن القوات الامنية نتيجة التحقيقات مع معتقلين أُلقي القبض عليهم عقب الحادث، يقال أنّ لهم يداً في الهجمات الاخيرة”، مبيناً أنه”تم اعتقال اثنين فيما هرب شريكهم الثالث”.
ويؤكد العضو في مجلس المحافظة أن”داعش مازلت لديه حواضن في كركوك خصوصا في الحويجة”. وينقل الاخير كلاماً عن المحافظ بالوكالة راكان الجبوري، وهو من سكنة الحويجة، يقول فيه إن”داعش يسيطر على القضاء في المساء ويتجول بين السكان ويسطو على المنازل”.
ويرى المسؤول المحلي أن التنظيم المتطرف في الحويجة – تحررت قبل 8 أشهر- قد استخدم”تكتيكاً”مختلفا عمّا جرى في الموصل. ويضيف قائلا:”في الموصل واجه القوات وخسر أغلب مسلحيه، لكن في الحويجة استبدل المسلحون ملابسهم وحلقوا ذقونهم واختفوا بين السكان”.
ولم تجر في”الحويجة”عمليات تطهير وتدقيق بعد إعلان تحريرها مطلع تشرين الاول الماضي، بسبب اندفاع القوات المحررة باتجاه كركوك والمناطق المتنازع عليها، ما سمح بعودة داعش بشكل تدريجي.
وكشف اللواء الركن معن السعدي، القائد في جهاز مكافحة الإرهاب، وقائد مايعرف بـ”خطة فرض القانون في كركوك”، عقب التفجيرات الاخيرة عن”تنفيذ عملية تفتيش لـ6 قرى جنوب غربي المحافظة، تمكنت خلالها من اعتقال شخصين مطلوبين للقضاء بتهمة الإرهاب”.

بعد كشف المتورّطين
وعلى الرغم من الكشف عن خيوط الحادث، إلا أنه وبعد ثلاثة أيام فقط، هاجم نحو 20 مسلحاً، بحسب مصادر أمنية، حاجز تفتيش تابعاً للحشد الشعبي في جنوب كركوك، أوقع ضحايا بين صفوف”الحشد”، كما اغتيل بعد الهجوم الاول عازف موسيقى شاب في العشرينيات من عمره في شرق المدنية، وتحدثت صفحات في”فيسبوك”عن محاولة فاشلة لاغتيال ضابط في المدينة.
ويعترف محمد مهدي البياتي، قائد محور الشمال في منظمة بدر، إحدى أكبر فصائل الحشد الشعبي، وجود ما أسماهم بـ”المخربين”الذي يختبئون بين الوديان والمناطق المتعرجة في كركوك، لإرباك الوضع الامني واستهداف القوات الامنية.
وقال البياتي في تصريح لـ(المدى) أمس:”في مساء اليوم أو الغد سيتم اعتقال مهاجمي نقطة التفتيش، حيث يجري البحث عنهم في بعض القرى في جنوب كركوك”. وأشار الى أنّ داعش لا يمكنه شن هجمات واسعة بسبب حجم القوات الامنية المتواجدة هناك.
كما أكد أنّ”المسلحين يقومون بعمليات سريعة لزرع العبوات في المساء، ثم يتوارون عن الأنظار في مناطق جبلية”، نافياً قدرة التنظيم على إعلان سيطرته على بقعة صغيرة في المحافظة.
وكانت القوات الجديدة التي حلّت محل البيشمركة قد واجهت مشاكل عديدة في السيطرة على كركوك، بسبب عدم امتلاكها قاعدة معلومات عن المشتبه بهم، وعدم اطلاعها على وضع المدينة.
وما تزال الحكومة الاتحادية تعارض تدخّل القوى الكردية أو البيشمركة و”الآسايش”في الملف الامني، حيث تحجب كل المعلومات الامنية عنهم بشكل كامل، بحسب مسؤول شيعي في المدينة.
وأكد المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه في تصريح لـ(المدى) أمس أن”عناصر البيشمركة متواجدون في المدينة كمواطنين، لكن لا يسمح لهم بالقيام في أي مهمات”، واتهم تركيا بتغذية الصراع في المدينة والدفع نحو بقاء الوضع من دون تغيير.

المعادلة الصعبة
وأحدثت الخلافات في كركوك منذ العام الماضي، معادلة سياسية تمنع أي مكون في المحافظة من تحقيق نصاب قانوني لمجلس المحافظة المشلول منذ ذلك الوقت، أو اختيار محافظ جديد.
وبحسب المسؤول فإن الكرد الذين يملكون 26 مقعداً من أصل 41 في مجلس المحافظة، يستطيعون لوحدهم تحقيق النصاب واختيار المحافظ ورئيس المجلس، لكنّ عدم وجود ممثلي”الديمقراطي”- 12 مقعدا – الذين اعترضوا على طريقة دخول القوات الاتحادية الى المدينة، يحول دون ذلك.
في المقابل يؤكد المسؤول المطلع أن التركمان – 9 مقاعد- الذين يسعون للحصول على منصب رئيس المجلس مقابل إعطاء الكرد منصب المحافظ، لا يستطيعون التحالف مع الاتحاد الوطني لتشكيل حكومة جديدة في المحافظة، بسبب ضغط تركي على 7 من التركمان بعدم تسليم منصب المحافظ الى الكرد، وإبقائه بالوكالة بيد العرب.
من جهته، يشير شوان الداوودي، النائب عن محافظة كركوك، الى وجود”أجندات إيرانية وتركية”تعمل بوضوح في المدينة، تسعى لتعميق الخلافات بين مكونات المحافظة. واضاف في تصريح لـ(المدى) ان”من يسمع تصريحات الرئيس التركي طيب رجب أردوغان يعرف جيدا انه يريد السيطرة على كركوك”. ومنذ أيام تهدد تركيا بالدخول اكثر في العمق العراقي لمطاردة حزب العمال الكردستاني.
ويرى النائب الكردي ان “الاعتصامات” هي جزء من التدخلات التركية، فيما يقول ان تلك التدخلات”أعطت مساحة لداعش للتحرك ومهاجمة السكان، وآخرها اختطاف 5 مزاعين كرد في ليلة الأحد من داقوق الواقعة جنوب كركوك، ولا يعرف مصيرهم حتى الآن”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here