انتخابات كوردستان.. التنافس يشتعل على المركز الثاني فمن الاول وأين الحلبة؟

تدرك جميع القوى السياسية وان لم تعترف علنا أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني سيبقى في المركز الاول لذلك تتجه الأنظار هذه المرة الى المركز الثاني الذي يسعى وراءه الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير بقوة.
ففي آخر انتخابات برلمانية والتي جرت عام 2013، انتزعت حركة التغيير لأول مرة المركز الثاني من الاتحاد الوطني بفوزها بـ (24) مقعدا مقابل (18) مقعدا للاتحاد، اما الحزب الديمقراطي الكوردستاني فبقي في المركز الاول بـ (38) مقعداً.
ويركز الاتحاد الوطني في الانتخابات المقبلة على انتزاع المركز الثاني من التغيير مرة اخرى في حين لا تريد التغيير التنازل عن مركزها بسهولة.
آخر منافسة انتخابية خاضتها حركة التغيير والاتحاد الوطني وانتهت لمصلحة الاتحاد الوطني هي الانتخابات البرلمانية العراقية الاخيرة التي جرت في الثاني عشر من أيار (مايو) الماضي، واظهرت نتائج تلك الانتخابات تفوق الاتحاد الوطني على التغيير إذ حصل الاتحاد على 10 مقاعد في محافظات اقليم كوردستان الثلاث فيما حصلت التغيير على نصف هذا العدد.
وتفيد احصاءات المفوضية المستقلة للانتخابات والاستفتاء في الإقليم بان حوالي ثلاثة ملايين شخص يحق لهم التصويت.
أصوات الانتخابات البرلمانية العراقية كانت مبعث امل للاتحاد الوطني وقلق شديد للتغيير، ومع ذلك لا يصدق كثير من مسؤولي حركة التغيير تلك النتائج ويقولون انه لو لم يكن هناك “التزوير” لكانت اصوات التغيير اكثر مما اعلن بكثير.
ويقول بلين اسماعيل عضو غرفة الانتخابات التابعة للحركة إن “النتائج المعلنة لا تمثل الاصوات الحقيقة للأطراف ولاسيما حركة التغيير والاتحاد الوطني، لأن الاتحاد الوطني كان يملك اصوات أربعة مقاعد في محافظة السليمانية، ولكنه حصل على ثمانية، وعلى العكس كانت حركة التغيير تملك ثمانية مقاعد وحصلت على اربعة”.
واستدل اسماعيل خلال حديثه لـ”نقاش” بأن النتائج التي وصلتهم أكدت أن التغيير حصلت على 38% من الاصوات في اقليم كوردستان وفي المقابل حصل الاتحاد الوطني على 21% من الأصوات.
من جانبه يرفض الاتحاد الوطني حصول “تزوير” في الانتخابات ويقول بريار رشيد المتحدث باسم مؤسسة الانتخابات للحزب حول ذلك إن “الفرز اليدوي اثبت ان ما كان يقال حول الاتحاد الوطني لم يكن له اساس، لانه لم يكن هناك فرق بين العد الالكتروني واليدوي للأصوات”.
نتائج انتخابات الثاني عشر من أيار اثارت في كوردستان خلافات عميقة، فالأحزاب غير المشاركة في السلطة (التغيير، التحالف، الاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية) وقفت ضدها بقوة وطالبت بعد الأصوات يدويا رغم ان العملية لم تغير شيئا من النتائج.
وبسبب التصريحات المتضاربة للاتحاد الوطني وحركة التغيير حول الانتخابات البرلمانية العراقية من الواضح ان الانتخابات البرلمانية في كوردستان ستشهد ايضا صراعا حادا بين الطرفين، وسيتوقف الامر على ايهما سيتمكن من الحصول على اصوات اكثر في هذه الانتخابات لإحراز المركز الثاني بين احزاب الإقليم.
بريار رشيد قال حول ذلك ان: “لدى للاتحاد الوطني مشروع وبرنامج خاص لانتخابات برلمان كوردستان يتمثل في تقديم الخدمات لمواطني الاقليم، لذلك نحن متأكدون من اننا سنخوض صراعا جيدا للفوز بأكثر الأصوات عبر هذا البرنامج”.
وشدد على انهم انتزعوا المركز الثاني من حركة التغيير خلال الانتخابات التشريعية العراقية ويعملون من اجل المنافسة على المركز الاول خلال الانتخابات المقبلة.
أما حركة التغيير فهي ليست من القوى التي تستسلم بسهولة، اذ يقول القائمون عليها انهم سيمنعون “التزوير” هذه المرة وسيثبتون للناس ان بإمكانهم احراز اصوات اكثر من الاتحاد الوطني كما فعلوا سابقا.
بلين إسماعيل قال مجددا ان: “الحركة التغيير كل ما في وسعها لمنع تكرار التزوير الذي حصل ضده خلال الانتخابات السابقة وذلك عن طريق اتخاذ عدة إجراءات، ونعتبر ذلك الطريقة الوحيدة لنقول للناس ان بإمكاننا الحصول على اصوات اكثر من الاطراف الاخرى وخصوصا الاتحاد الوطني”.
وتكمن المشكلة في ان جماهير الحزبين قريبة من بعضها بل كانت تقريبا جمهورا واحدا في الماضي، لان ابرز قادة التغيير خرجوا من احشاء الاتحاد الوطني، حتى ان منطقة صراعهما هي واحدة، فمحافظة السليمانية التي كانت تسمى فيما مضى بالزون الأخضر، اصبحت تدعى الزون الاخضر والازرق – في اشارة الى لون علم الحزبين.
لكن اصوات محافظة السليمانية هذه المرة ايضا ستكون سلاح الحسم بالنسبة للحزبين، فأي منهما يتمكن من الحصول على اغلبية اصوات المحافظة سيكون بالتأكيد الفائز في الانتخابات.
ويحق لمليون و(193) الف شخص في حدود محافظة السليمانية التصويت في الانتخابات فان كانت نسبة التصويت فيها مرتفعة فانها ستشكل حوالي 35 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان الـ (111).
وتعمل التغيير الان للحصول على اكثر الاصوات في المحافظة، وعن ذلك يقول بلين اسماعيل: “تمثل السليمانية نقطة الحسم لأصوات حركة التغيير، لذلك فإننا نعمل في انتخابات برلمان كردستان على الفوز بأغلبية اصوات المحافظة، وقد وضعنا برنامجا متكاملا من اجل ذلك”. دون ان يكشف عن فحواه.
وبسبب الاحباط الذي اصاب الكثيرين فان من المتوقع ان تكون نسبة المشاركة في الانتخابات ولاسيما في محافظة السليمانية متدنية وهذا ليس في مصلحة التغيير.
ويرى الصحفي محمد رؤوف الذي نشر ابحاثا حول نتائج الانتخابات السابقة في العراق والاقليم في اطار عدة كتب وتحقيقات صحفية، يرى ان نسبة المشاركة ستكون اقل هذه المرة، الامر الذي سيصب في مصلحة احزاب السلطة كالحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني.
ويعتقد محمد رؤوف ان ما يميّز هذه الانتخابات عن باقي الانتخابات الاخرى هو ارتفاع نسبة المقاطعة، وان اكثر المقاطعين سيكونون بين اصوات التغيير والاطراف الاخرى غير المشاركة في السلطة كالاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية.
وأكد ان اصوات محافظة السليمانية ستكون حاسمة بالنسبة للتغيير والاتحاد الوطني، مشددا على ان اي طرف يتمكن من حسم أصوات المحافظة لصالحه فان الصراع سيحسم لمصلحته.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here