وقفة صراحة :مهزلة اختيار السيء

بقلم مهدي قاسم

كأنه مكتوب على جبين العراقيين ــ كقدر لا مهرب منه ــ أن يختاروا السيء دائما ، ما بين الأسوأ ..

ذلك لعدم وجود الأفضل حسبما يزعمون و يدعون ..

كأنما ” الوضع الأفضل ” عبارة عن بضاعة نادرة في السوق لا يمكن شرائها ..

بينما الوضع الأفضل يُخلق بفضل الإرادة الخيرة و المبدعة وليس يُشترى ..

لربما لهذا السبب يحّن البعض إلى النظام السابق لأنه كان في نظرهم أفضل بعض الشيء من النظام السياسي المحاصصتي القائم حاليا ..

ناسين طاحنة حروب الديكتاتور البائد الداخلية و الخارجية و زنزاناته السرية الرهيبة والوضع المعيشي الكسيف حين كان سعر طبق البيض ــ مثلا ــ بثلاثة دينار وهو ما يعادل رواتب أغلب الموظفين حينذاك ! ..

كما أن بعضا فضّل أو يفضّل حيدرالعبادي على نوري المالكي لكون عهده أفضل بعض الشيء من عهدي المالكي الكارثيين ..

في الوقت الذي ــ مثلما أسلفنا في مقال سابق ـــ أن حيدر العبادي ليس برجل دولة ليحكم العراق في السنوات الأربع القادمة ..

فهو لم يستطع مغادرة ظله الدعوي إلا قليلا .

ونستطيع أن نعدد أمثلة أخرى كثيرة على هذا الصعيد حول تفضيل البعض للسيء دون السعي الجدي والإصرار العنيد على اختيار الأفضل وحده و حصريا ، و في كل الأحوال و الظروف ، مثلما فعلت و تفعل شعوب حية و واعية و محبة لعمل وإبداع لتخلق بيدها وبقوة إرادتها لنفسها مستلزمات و أجواء حياة كريمة ومريحة وعيش مرّفه ونظاما سياسيا محترما ، حيث أثبتت تجارب هذه الشعوب الحية واليقظة والمتحررة من أوهام العقائد الظلامية ، أن إرادتها القوية والإيجابية والمبدعة لهي أقوى من أية قوة قمعية غاشمة أو معرقلة لنواحي ومجالات التطور و الازدهار.

عندما نتكلم عن إرادة شعب ما ، نقصد خروج خمسة ملايين ــ مثلا ــ من نسبة ثلاثين مليون نسمة لشعب ما ــ فليكن الشعب العراقي على سبيل المثال ) ليندفع طوفانا بشريا هادرا و كاسحا ، فآنذاك لا تستطيع أية قوة أمنية أو عسكرية مدججة وقفها بل ولا حتى مواجهتها ، لذا فأن في هذه الجماهير الكاسحة تستطيع تغيير أي نظام كان ومهما كان ، وبطريقة سلمية إذا لم يجبروا على استخدام وسائل العنف ( مثلما في فعلوا في مصر من أجل رمي الأخوانجيين والسلفيين في قمامة التاريخ ..

إذن

فكيف الأمر بنظام الخراتيت الكارتوني في المنطقة الخضراء ؟ ..

أن الميل نحو اختيار السيء أو القبول به له لهو عامل عرقلة أمام التطلع نحو الأفضل و الأحسن بل أنه تكريس دائم للواقع السيء والمزري القائم .

مثلما الحال راهنا و سابقا في العراق ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here