الفئة الفاشلة ستبقى فاشلة سواء لوحدها أو مع غیرها

بقلم مهدي قاسم
إذا كان ثمة حسنة وحیدة لسقوط النظام السابق فهي قد تجسدت في خوض تجربة
الحكم الذاتي أو المحلي في العراق عبر مجالس المحافظات والحكومات المحلیة ،
بحیث أصبح المحافظ أو رئیس البلدیة بمثابة حاكم یتمتع بصلاحیة شبه مطلقة ،
و قد فُسح المجال لأي واحد منهم ــ لو اراد وشاء ــ أن یجعل من محافظته مدینة
متطورة ومزدهرة بخدماتها الراقیة و مشاریع عمرانها المتقدمة والعصریة و
بجذب استثمارات وطنیة أو أجنبیة بهدف الاستمرار في عملیة التطور و التنمیة ،
وقد لاحظنا دلیلا واحدا و یتیما على ذلك ـــ وإن لم یكن بمستوى الطموح
المنشود ــ هو السعي في هذا الخصوص من قبل محافظ میسان علي الدواي ــ
في محاولة منه لتطویر المحافظة نحو أفضل من غیرها ، دون أن نعلم إلى أین
انتهى به المطاف على الصعید ..
فنحن نثمن حتى النوایا الحسنة للإصلاح بهدف التشجیع و إثارة الحماس ..
و هذا یعني أن من یرید أن یكون نزیها و شریفا في موقعه السیاسي ومجال
مسؤولیته الوظیفیة ، وهوعازم على خدمة مدینته أو بلده بشكل عام وبكل
إخلاص ووفاء و نزاهة ، فهو یستطیع أن یفعل ذلك بغض النظر عن طبیعة
النظام السیاسي القائم ، طالما توجد تحت تصرفه میزانیة مخصصة لهذه الغایة ،
وهو راغب في ذلك كطموح سیاسي ووطني في آن ، بینما هو مطلق الیدین
وكامل المسئولیة في أن یفعل ذلك بدون عوائق أو عراقیل قانونیة أو سیاسیة ..
أما السیاسي الفاشل أو اللص الفاسد فهوة سیبقى هكذا ، سواء كفرد أو فئة
سیاسیة و حزبیة ، حتى ولو تحت نظام تعددي أو فیدرالي أو اتحادي أو أي
ّ نوع آخر من نظام سیاسي قائم ، ما لم تلوح فوق رأسه هراوة الترهیب والردع
القانوني الصارم من مغبة فساده و خیانته لمسئولیة وظیفته ..
بعد سقوط النظام السابق و إجراء انتخابات محافظات وبلدیات أصبحت أغلبیة
المحافظات و البلدیات في العراق ذات صبغة طائفیة واحدة حسب أغلبیة السكان
في هذه المحافظة أو تلك وعبرعدة دورات انتخابیة متتالیة ، أما النتیجة فمعروفة
، و لعل أكثرها إثارة للمأساة والاستغراب هو عجز توفیر حتى میاه صالحة
للشرب لسكان مدینة البصرة كدلالة على قمة الفشل ، وهو الأمر الذي لم یحدث
سابقا في العراق بغض النظر عن طبیعة الحكم و المراحل السیاسیة التي مرت
على العراق ..
فیا ترى لو كان یوجد الآن في العراق حكم فیدرالي فألیس نفس هؤلاء الساسة
والأحزاب و الزعماء المذهبیین الفاسدین والفاشلین كانوا سیحكمون مثلما الآن ؟
، أو بالأحرى فهل أن النظام الفیدرالي كان سیجعلهم منهم ساسة و احزابا
وزعماء نزیهین وساسة شرفاء وحریصین على المال العام و مصلحة الشعب و
خدمة المواطنین ؟ ، مع اعتقادنا بأنه لا یوجد هناك فارق كبیر جدا بین حكم
اتحادي و فیدرالي لو وجدت ثمة نوایا جدیة وصادقة مع نزاهة وإخلاص في
العمل والقیادة نحو الأفضل و الأحسن على صعید تحسین المستوى المعیشي و
تقدیم الخدمات الجیدة والممتازة للمواطنین ؟ ..
ُ علما أنا كنت ُ ولا زلت من دعاة نظام الفیدرالیة ، طبعا لیس حبا وولعا ، إنما
كنت أهجس كیف أن آخر ورقة توت ــ كذریعة یتخذها الطائفیون لتبریر فشل
الحكم الطائفي أو المذهبي في العراق ــ كانت ستسقط كاشفة عن عورة فشل
مطلقة لأناس أثبتوا ــ بالدلیل القاطع و عبر أكثر من عشر سنوات طوال ــ بأنهم
لا یجیدون إدارة مقالید الحكم تحت أي نظام سیاسي كان ، بقدر ما هم عبارة
عن مجموعة لصوص ..
و یا ریت لو بدأت تجربة نظام الفیدرالیة في العراق بعد سقوط النظام السابق
مباشرة ، لكنا الآن قد تخطینا هذه المرحلة أیضا بعد فشلها الذریع حتما ، لأننا
نفترض أن هؤلاء الساسة الفاسدین والفاشلین أنفسهم كانوا سیتحكّمون بمصیر
المحافظات حسب مكوناتها المذهبیة و القومیة بكل مظاهر فسادهم وفشلهم
الذریع إلى جانب الأقتتال وخوض المعارك مع بعضهم بعضا من أجل الهیمنة
الفئویة الواحدة والوحیدة ….
مجرد تنویه عابر : هذه المقالة و سابقاتها لیست ردا على شخص بعینه ، بقدر
ما هي محاولة لتشخیص أوهام لا زال البعض یتمسك بها أملا عریضا ، كحل
جذري و شامل لكل أزمات العراق تحت حكم نفس الطغمة السیاسیة الفاسدة !!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here