عفا الله عما سلف:

د. عبدالحميد العباسي

هذه الآية الكريمة طالما كثر الجدل حول شموليتها ومن له الحق في الاخذ بها ومن هم الذين يشملهم منطوقها وما هو الخطأ الذي يجوز العفو عنه وهل أن العفو العام كما يُلوحُ به بين حينٍ وآخرَ والذي يساوي بين المخالفين لتعليمات وبين عتاة المجرمين, هل يجوز وحاله حال او مقارب للعقوبة الجماعية التي تساوي بين المجرم والبريء. وهل العفو مُقنَّن ام يشمل الجريمةَ وتبعاتِها؟. لا انوي, في محاولتي إدراك مضمون الآية اعلاه, لا انوي التطفلَ على الميدان الفقهي ولا انا قادر على ذلك. لكني كمواطن سوي لي تساؤلاتي حول ما نحن بصدده, تساؤلات طرحتها في اعلاه واتمنى على من له الأهلية, ان يُضيء ظلمةً تلف ابعاد مفهوم تلكم الأية الكريمة. وأرى (انا) وبتواضع ان نتفهم هذه الآية الكريمة في سياق او بالتزامن مع آية كريمة اخرى, *وما كنّا مٌعذِبين حتى نبعثَ رسولا*, فسبحانه لم يعفوا عمن احطأ أُرتكبتْ جرماً, بعد أن ابلغ الرسولُ (ص) الناسَ بأحكام الله. والله عزَّ وجل, عفا عمن كانوا عن الاحكام, هم وآبائهم, عنها غافلون. الناس اليوم مُبَلغون وليسوا غافلين, مبلغون بواسطة الانظمة والقوانين والدساتير بما يجوز وما لا يجوز لهم فعله, فهم ليسوا عن الاحكام والحدود غافلين. لذا فالعفو عن اخطائهم وعدوانهم, يصبحُ غيرَ واردٍ. واذا ارادت الدولة ان تعفوا لمبررات عليا تراها, فهي تعفوا عما أُرتكب بحقها وما وقع لممتلكاتها. الله سبحانه لم يعطِ لنفسِه حقَّ التنازل عن حقوق الضحية وترك للضحية او وليِّها حقَ مقاضاة المعتدي وبَيَّنَ الاحكام. اما من تعدى حدود الله فقد يعفوالله عن بعض من قُبلت توبتُه وتُركَ بابُ جهنمَ مفتوحا للآخرين. كيف تمنح الذولة لنفسها ما لم يمنحه الله لنفسه. فالحكومة ليس لها ان تعفوا عمن اضرَّ بمواطنيها, بل العكس, الحكومة (المدعي العام) ملزمة بمقاضات المعتدي وانصاف المظلوم. أما تداعياتُ العفوِ العام أو التلويح به, فهي اولا: سدور المجرمين في غيِّهم, فالعفو قادم. ثانيا: أن يأخذ المواطنون (الضحايا واوليائهم), أن يأخذوا القانون بايديهم وقد يذهب ابرياء ضحايا الوهم والشكوك.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here