الأمام علي الانسان

لا يمكنني ان اصف الامام علي الا بعبارة الانسان فكل العبارات الاخرى تقلل من شأنه فصفة الانسان صفة راقية عالية لا توازيها اي صفة أخرى فالانسان سيد هذا الوجود كل شي في خدمته ومن اجله لانه روح الله ابن الله وهذه المنزلة التي وصلها الانسان بواسطة وبفضل عقله فلولاه لا قيمة له و لا يختلف عن اي حيوان في الوجود بل أقلها شأنا وهذا العقل هو روح الله ( وجعلنا فيه من روحنا ) فمهمة الانسان منذ ان وجد في هذا الوجود ان يكون انسانا وفعلا تحرك بموجب عقله الذي اخذ بالتطور والرقي بكل قوة وتحدي من اجل تحقيق هذه المهمة فواجه تحديات كبيرة وقدم تضحيات جسام من اجل ذلك ولا يزال مستمر في التحدي والتضحيات

لا شك ان الكثير من بني البشر الاحرار لهم مساهمات كبيرة في دفع الأنسان الى مستوى الانسان في كل زمان وفي كل مكان خاصة الذين يملكون عقل راجحا ومتطورا وكان من ابرز هؤلاء هو الامام علي لهذا فهو المقياس الذي نقيس به الانسان رغم انه ولد قبل اكثر من 1450 عام في منطقة صحراوية تحكمها القيم الوحشية الحيوانية الا انه قدم المثال السليم للانسان حيث امتاز بصفات انسانية صادقة ونزيهة لا تعرف الغش ولا الزيف ولا الكذب ولا التضليل انه انسان حقا عاش للانسان واستشهد من اجل الانسان

المعروف ان الانسان عاش كالحيوان مئات الألوف من السنين ومن الطبيعي تطبع بطابعها ومنذ بدأ عقل الانسان يعي بدأ يتخلى تدريجيا عن القيم الحيوانية ويركن الى عقله ا لبسيط لكنه الى الآن لم يتخلص من العادات الحيوانية الوحشية فلا زلنا نحل مشاكلنا بأيدينا ولا تزال الكثير من تصرفاتنا حيوانية بعيدة عن العقل وهذا يحتاج الى تحدي وتضحية ووقت حتى نصل الى مستوى الانسان الى مستوى الامام علي

قيل ان الفرق بين الانسان والحيوان الانسان يستخدم عقله والحيوان يستخدم يده اظافره انيابه فهذه الحروب والنزاعات بين بني البشر سببها تخلف وضعف العقل فما يبدده الانسان من مال وجهد ووقت في هذه الحروب والنزاعات لو استخدمها في صالح الحياة في سعادة الانسان والله لصنع الانسان الجنة في الارض ومع ذلك فان الانسان سيحقق ذلك في المستقبل

نعود الى الامام علي الانسان لو دققنا في حياته في تعامله في حبه للحياة والانسان في نكران ذاته

انه لم ينطلق ابدا من مصلحته فائدته منفعته الخاصة ابدا مهما كانت الظروف مهما كانت التحديات فكانت كل منطلقاته في الحياة من مصلحة من منفعة وفائدة الآخرين حتى اذا تناول طعامه اذا نام على فراشه اذا جلس في بيته فكان عمله يسبق قوله

على المسئول الحاكم ان يأكل يلبس يسكن ابسط ما يأكله يلبسه يسكنه ابسط الناس

وكانت نظرته للكفر غير النظرة التي نسمعها من بعض رجال الدين وحتى الذين يتظاهرون بالتقرب منه فكان يرى الكفر هو الفقر الظلم فالمجتمع الذي فيه فقير مظلوم فهو مجتمع كافر حتى وان صلوا وصاموا

فهو يرى سبب الجوع المسئول الحاكم لانه هو الذي سرق تعبه طعامه (ما جاع فقير الا بتخمة غني) لم ار نعمة موفورة الا وبجانبها حق مضاع ) يعني هذه الاموال الهائلة التي حصل عليها بعض المسئولين اللصوص سرقوها من تعب من عرق الآخرين

وهذا يعني ان الذين يريدون القضاء على الكفر ان يقضوا على الفقر والظلم فالقضاء على الفقر والظلم يعني القضاء على الكفر وعلى كل المفاسد والموبقات والسلبيات في الارض

فالامام علي لم يعلن الحرب الا على الفقر والظلم على اللصوص والظالمين

فكان يرى الجهاد هو قول كلمة حق بوجه ظالم لص فاسد وكان يرى الشهادة ان يقوم هذا الظالم اللص بقتله بل انه افضل الشهداء لهذا عندما واجه سيف الفئة الباغية اللص الفاسد الظالم معاوية صرخ فزت ورب الكعبة

فكان شعاره مهمته اقامة العدل وازالة الظلم والشهادة دون ذلك هو الفوز العظيم

فالقضاء على الفقر والكفر يعني خلق الانسان المحب للحياة والانسان وبقاء الفقر والظلم يعني خلق الحيوان المتوحش

كان المفروض بنا نحن اكثر قربا من الانسان من الانسان الامام علي للأسف اكثر بعدا منه فنحن الاكثر فقرا والاكثر ظلما

مهدي المولى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here