ولي العهد السعودي بحث مع رئيس الوزراء العراقي الملف الأمني والأوضاع الإقليمية

بغداد: حمزة مصطفى –
تناول الاجتماع الذي عقده الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، في جدة، مساء أول من أمس، مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، علاقات البلدين الثنائية، وفرص تطويرها في مختلف المجالات.
كما استعرض الجانبان تطورات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمتها الهجمات التخريبية التي تعرضت لها «معامل أرامكو السعودية» في بقيق وخريص، فيما أكد عبد المهدي حرص بلاده على أمن السعودية واستقرارها، منوهاً بالدور الإيجابي الذي قامت به المملكة من أجل استقرار أسواق الطاقة.
وكان بيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي أوضح أنه أجرى مباحثات مثمرة مع القيادة السعودية، وبيّن أن لقاءاته كانت مكثفة وعميقة وصريحة ومباشرة. وبالإضافة إلى بحث العلاقات بين البلدين «التي تشهد نمواً متزايداً»، تناولت المباحثات الأوضاع الإقليمية، «والسعي من جانبه» إلى تهدئة الأوضاع، ودرء أخطار نشوب أي صراع أو حرب، وتلافي المضاعفات.
وبيّن أن بعض التصورات وضعت في كيفية إيجاد حلول تساعد البلدين بالتقدم في علاقاتهما، خصوصاً في مجالي النفط والتبادل التجاري، ولتهدئة أوضاع المنطقة ومنع شرور الحرب فيها.
وكشف رئيس الوزراء العراقي أن ثمة تجاوباً طيباً لمسه خلال لقائه الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقال: «نحن أقرب إلى التفاؤل للمضي قدماً باتجاهات حلحلة الأوضاع ومنع حدوث أي صدام، أو احتمالات نشوب اقتتال أو حرب في المنطقة، والكل لا يريد الحرب، ويريد التهدئة، ولكن الأوضاع صعبة ومعقدة، ويجب أن نكون صبورين، ونسعى لإيجاد مفاتيح وأبواب وحلول مقبولة لكل الأطراف».
وتأتي زيارة عبد المهدي إلى السعودية، بعد يوم واحد من إعلان العراق دعمه للمملكة، بعد استهداف منشآت «أرامكو»، حيث عد الرئيس العراقي برهم صالح في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمن بلاده من أمن الخليج.
وحظيت زيارة عبد المهدي إلى السعودية باهتمام لافت من جميع وسائل الإعلام العراقية، فيما عبّر عدد من السياسيين العراقيين عن دعمهم لمثل هذه الزيارات والوساطات، وأنها تصبّ في مصلحة قرب البلدين من بعضهما، حيث أكد عضو البرلمان العراقي وعضو لجنة التخطيط الاستراتيجي، أراس حبيب كريم، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحراك السياسي العراقي الحالي «مؤشر مهم على حرص العراق وقدرته معاً على لعب دور متوازن في تجنيب المنطقة مخاطر التوترات والنزاعات والحروب، وهو ما يخدم في النهاية المصلحة الوطنية العراقية من منطلق أن العراق لن يكون في منأى عن أي تصعيد أو نزاع».
وفي السياق ذاته، أكد حسن فدعم الجنابي عضو البرلمان العراقي عن «تيار الحكمة» المعارض أن العراق وبحكم موقعه الجغرافي وتشابك مصالحه الدولية والإقليمية وحجم تأثيره السياسي، يستدعي ذلك منه أن يلعب دوراً كبيراً للضغط على الأطراف المتنازعة لإبعاد شبح الحرب «التي من المؤكد أن العراق سيتأثر بها في حال حصولها».
أما القيادي في حزب «تقدم» وعضو البرلمان العراقي السابق حيدر الملا، فقد أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن هناك موقفاً دولياً حيال سلوك إيران التوسعي، وذلك بالاستناد إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فضلاً عن تهديداتها للمنطقة، المتمثلة في استهداف شركة «أرامكو»، وبالتالي، فإن هذا الموقف الدولي بات واضحاً.
وأشار إلى أن بلاده أرسلت رسالة واضحة عبر الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية في الأمم المتحدة، بأن العراق، وبزيارة عادل عبد المهدي للسعودية، يمكن أن يستضيف حواراً إقليمياً للمساعدة في تأمين واستقرار المنطقة، مضيفاً أن هناك رسائل واضحة باتجاهين؛ بأن العراق يمكنه التحرك والمساعدة في استقرار المنطقة «من خلال تعزيز عمقه العربي»، وبالمقابل، فإن إيران حاولت أن تدعم عبد المهدي من خلال ما قدمته من «عربون» حيال إمكانية إجراء حوار مع الولايات المتحدة، عبر تحجيم دور رَجُلِها في العراق، أبو مهدي المهندس.
وأشار إلى أن هذه المعطيات تؤشر على وجود جهود عراقية يمكنها الإسهام في التفاهم الأميركي – الإيراني، وذلك في إطار ألا تكون إيران دولة نووية، وألا يكون هناك تصدير للثورة، وإنهاء محور التوغل الإيراني في المنطقة.
بينما رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، الدكتور خالد عبد الإله، أن رئيس الوزراء العراقي، حاول، خلال زيارته إلى المملكة، طمأنة الجانب السعودي بأن الهجمات على منشآت «أرامكو» لم تنطلق من بلاده، وأن الملف الأمني بين البلدين كان حاضراً في أجواء اللقاء، فضلاً عن ترطيب أجواء العلاقات بين العراق والسعودية، خصوصاً أن عبد المهدي حرص على القول إن زيارته جاءت للمباركة بمناسبة اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية «وهي إشارة إلى عمق العلاقات بين البلدين».
حضر لقاء ولي العهد مع رئيس الوزراء العراقي، الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة، والأمير تركي بن محمد بن فهد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية، والأمير عبد الله بن بندر وزير الحرس الوطني، والأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، والدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار وزير الشؤون البلدية والقروية المكلف، وعبد العزيز الشمري سفير خادم الحرمين الشريفين لدى العراق.
وحضره من الجانب العراقي، نائب رئيس الوزراء وزير النفط ثامر الغضبان، ومدير مكتب رئيس الوزراء محمد الهاشم، ورئيس جهاز المخابرات الوطني مصطفى الكاظمي، والقنصل العام لجمهورية العراق أحمد حسن زهير.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here