أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١٢)

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ

السَّنةُ السَّابِعَةُ

(١٢)

نـــــــــــــــزار حيدر

{وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ}.

أَروعُ درُوس التَّمكين في التَّجارب، شريطةَ أَن نستوعبها.

ولذلكَ ضربَ الله تعالى لنا الكثير من تجارِب الأُمم والأَقوام السَّابقة لنتعلَّم منها مقوِّمات النَّجاح وأَسباب الفشل، فوصفها {أَحْسَنَ الْقَصَصِِ}.

وإِنَّ أَغبى عبادَ الله تعالى هُم الذين يمرُّون على التَّجربة من دونِ أَن يتَّعظُوا بها، فهُم يُفرِّطونَ بعلمٍ كانُوا بحاجةٍ إِلى جُهدٍ ووقتٍ ليمرُّوا بتفاصيلهِ، كما يصفهُأَميرُ المُؤمنينَ (ع) {في التَّجارِبِ عِلمٌ مُستَحدَثٌ} خاصَّةً إِذا كانت قد ساقها الله تعالى في كتابهِ الكريم، فهي تجارب لا يرقى إِليها الشَّك ولا يُمكنُ أَن تكونَناقصةً مثلاً أَو غامِضةً أَو غَير واضحة ليتذرَّع بذلكَ المرءُ فيتجاهَلها.

يقولُ تعالى {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}.

فقَصصُ القُرآن الكريم وتجارِبهُ عِلمٌ بحدِّ ذاتهِ يوفِّر علينا الكثير من الجُهدِ والوقت، ولذلكَ فالذي لا يستفيدُ منها للتَّمكين للنَّجاحِ وتجنُّبِ الفشل لن يستفيدَ منغيرِها.

يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {وَمَنْ لَمْ يَنْفَعْهُ اللهُ بِالْبَلاَءِ وَالتَّجَارِبِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْء مِنَ الْعِظَةِ، وَأَتَاهُ الْتَّقْصِيرُ مِنْ أَمَامِهِ، حَتَّى يَعْرِفَ مَا أَنْكَرَ، وَيُنْكِرَ مَا عَرَفَ}.

أُنظُر كيف يوطِّئ القُرآن الكريم ليستفيدَ المرءُ من التَّجربة، يقولُ تعالى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَاتَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.

فبالعقلِ المُنفتِح القادر على هضم التَّجربة واستيعاب الدَّرس تتحقَّق الغاية من التَّجارِب، أَو أَن يمُرَّ بها الإِنسانُ مرُورَ الكِرامِ، كما هو حالُ أَغلبِنا دائماً، عندما[نقفُل] عقولَنا كلَّما مررنا بتجرِبةٍ وكأَنَّها مثلٌ ضربهُ الله تعالى لغيرِنا!.

وأَنَّ قصَص القُرآن الكريم يُستفاد منها بوجهَيها؛ النَّتائج السلبيَّة كما في قولهِ تعالى {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ* فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُمَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ* فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ* وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.

وقولهُ تعالى {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ* وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}.

والإِيجابيَّة، كما في قولهِ تعالى {بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}.

وقولهُ تعالى {فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.

وعن فلسفةِ التَّاريخ وتجارب الأُمم السَّالفة وكيفيَّة توظيفَها لخلقِ فُرص التَّمكين، يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {فَاعْتَبِرُوا بَمَا أَصَابَ الاَْمَمَ المُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْبَأْسِ اللهِ وَصَوْلاَتِهِ، وَوَقَائِعِهِ وَمَثُلاَتِهِ، وَاتَّعِظُوا بِمَثَاوِي خُدُودِهِمْ، وَمَصَارعِ جُنُوبِهِمْ.

أُنظرُوا كيف يهدي أَميرُ المُؤمنينَ (ع) عُصارةَ وعيهِ واستيعابهِ للتَّاريخ لولدهِ الحسن السِّبط (ع) في وصيَّتهِ لهُ بقولهِ {أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْكَانَ قَبْلِي، فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ، وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَىآخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذلِكَ مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ، فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخِيلَتَهُ وتَوَخَّيْتُ لَكَ جَمِيلَهُ، وَصَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ}.

٥ مايس [أَيَّار] ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: [email protected]

‏Face Book: Nazar Haidar

Twitter: @NazarHaidar2

Skype: nazarhaidar1

‏WhatsApp, Telegram & Viber : + 1(804) 837-3920

*التلِغرام؛

https://t.me/NHIRAQ

*الواتس آب

https://chat.whatsapp.com/KtL7ZL3dfhi8dsTKUKjHOz

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here