الصحة تحذر من استمرار إقامة المناسبات: تسببت بعشرات الإصابات

حذرت وزارة الصحة ، من ظاهرة استمرار إقامة المناسبات الاجتماعية، مشيرة إلى أنها تهدد بتفشي فايروس كورونا في العراق.

قال المتحدث باسم الوزارة سيف البدر في مقابلة متلفزة تابعتها المدى إن “أحد أهم الأسباب التي أدت لتسجيل عشرات الإصابات في الآونة الأخيرة هو استمرار إقامة مناسبات اجتماعية كالأعراس ومجالس العزاء وأعياد الميلاد دون الاكتراث أو أخذ التحذيرات الصحية بنظر الاعتبار رغم أننا حذرنا منذ بداية دخول الفايروس وتطبيق حظر التجوال من هذا الخطر وصدرت قرارات حكومية مُلزمة بمنع حصول هكذا تجمعات”.

وحذّر من أن “استمرار هكذا وضع فإنه سيمهد لخطر كبير قد نسير معه لتفشي كبير للفايروس”. كان مدير دائرة صحة الكرخ، جاسب الحجامي، أعلن في 4 أيار/مايو إصابة 15 شخصاً بفايروس كورونا، بسبب إقامة حفل زفاف في مدينة الكاظمية

من جهة أخرى أعلنت دائرة صحة النجف، عدم تسجيل أي إصابة بفيروس كورونا في المحافظة لهذا اليوم، مشيرة إلى ارتفاع عدد حالات الشفاء إلى 292 حالة من 307 إصابة مؤكدة في المحافظة. قال إعلام الدائرة ببيان صدر في 6 أيار وتلقت المدى نسخة منه ، إن “مختبر الصحة العامة في النجف قام بإجراء ٣٣٤ فحصاً لحالات مشتبه بها بواقع ٩٠ بطريقة PCR و٢٤٤ بطريقة المسح السريع ومن ضمنها ١٢ نموذجاً من عينات الحجر في ضيافة الدائرة، وتبين من خلال الفحوصات عدم وجود حالة موجبة حاملة للفايروس”.

ووفقاً للبيان فإن الموقف التراكمي للحالات المسجلة في محافظة النجف كما يلي:

307 حالة مؤكدة

292 شفاء

6 حالات وفاة

2 مغادرين

أوضحت الدائرة أن “المجموع التراكمي للفحوصات المختبرية في مختبر الصحة العامة في النجف بلغ 4873 فحص PCR و682 بطريقة الفحص السريع”. فيما أكدت صحة النجف “استمرارها وبكافة ملاكاتها بتفانيهم في عملهم وعلى مدار 24 ساعة لتشخيص الحالات الموجبة وتقديم كافة الخدمات الطبية الوقائية والعلاجية للملامسين والمصابين”، داعية جميع المواطنين إلى “لالتزام بالتعليمات الصادرة من خلية الأزمة وتجنب التجمعات والتقيد بأساسيات النظافة الشخصية والعامة ومنها غسل اليدين بالماء والصابون باستمرار ومراجعة أقرب مؤسسة صحية عند الشعور بأعراض المرض”.

من جهة أخرى تعدت تأثيرات كورونا الجانب الصحي في العراق ، حيث بدا تأثيرها على الاقتصاد بشكل واضح وفي تقرير نشرته وكالة رويترز يقول بعض المواطنين في حي الأعظمية ببغداد إن إغلاق أبواب المتاجر والبيوت عندما تحين ساعة حظر التجول يوقظ ذكريات صدمات سابقة حصدت الأرواح وضيعت الأرزاق ، وفي مقابلات صحفية روى ستة أشخاص من سكان حي الأعظمية كيف دفعت الجائحة بأسرهم إلى أسوأ حالات العوز التي تعيها ذاكرتهم.

قال عبد الوهاب قاسم، عامل اليومية البالغ من العمر 46 عاماً، ”على مدى عامين سكنت مع صديق لتوفير الإيجار وأرسلت كل ما أحصل عليه، ربما 350 دولاراً في الشهر، لزوجتي المريضة وأطفالي في تركيا… ومنذ الإغلاق بسبب الكورونا لا يوجد عمل. وليس بوسعي أن أقدم شيئاً لأسرتي“. وقال قاسم إن ما يحصل عليه من دخل متواضع هو وعدد متزايد من جيرانه الذين يؤدون أعمالاً يدوية من حين لآخر أو يديرون متاجر صغيرة قد تبخر. وأصبحوا يعيشون على وجبات الإفطار التي تعدها أسرة في المسجد المحلي خلال شهر رمضان وكثيرون منهم يقبلون مثل هذه المساعدة الخيرية للمرة الأولى.وأضاف قاسم ”كثيرون فقدوا أعمالهم في أقل من شهرين من حظر التجوال“.

وحتى الآن تحاشى العراق تفشي فايروس كورونا المستجد على نحو كارثي إذ لم يسجل سوى نحو 2200 إصابة وأقل من 100 حالة وفاة وفقاً لبيانات وزارة الصحة.

لكن الإجراءات اللازمة، ومنها حظر التجوال في مختلف أنحاء البلاد الساري منذ منتصف مارس آذار مثلما هو الحال في دول كثيرة، أدت إلى توقف متاجر عن العمل وفرضت على من يعيلون أسرهم البقاء دون عمل في البيوت الأمر الذي أضر بشدة بالقطاعات الضعيفة من السكان.

وقال عبد الزهرة الهنداوي المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية إن 20 في المئة من السكان يعيشون حالياً في فقر وإن من المتوقع أن ترتفع النسبة إلى ما يقرب من 30 في المئة هذا العام بسبب تعطل الناس عن العمل بفعل الأزمة.

وفي الشهر الماضي أعلنت الحكومة توزيع إعانة شهرية قدرها 25 دولاراً للأسر التي لا تحصل على أجور من الدولة. وقال الهنداوي إن 13 مليون شخص أي حوالي ثلث العراقيين تقدموا بطلبات للحصول على هذه الإعانة.

ويعاني الاقتصاد العراقي الآن من هبوط أسعار النفط الذي يمثل تقريباً مصدر إيرادات البلاد كلها الأمر الذي أرغم الحكومة على التفكير في خفض مرتبات العاملين في القطاع العام الضخم. وقد تجاوزت نسبة هبوط سعر النفط 55 في المئة منذ بداية العام.

ديون محلية

يواجه العراق المأزق ذاته الذي يعيشه قطاع كبير من العالم. فهل يخفف القيود المفروضة من أجل دعم النشاط الاقتصادي أم يواصل العمل بها لتحاشي انتشار الفايروس.

وقد رفعت السلطات مؤخراً حظر التجوال أثناء النهار لكنها أعلنت غرامات جديدة على من يخالفونه أثناء الليل. وتقول منظمة الصحة العالمية إن على العراق مواصلة العمل بالقيود السارية. ويقول قاسم وجيرانه إنهم يخالفون الحظر حتى يتمكنوا من الحصول على وجبات الإفطار. ونظرا لإغلاق المسجد فإنهم يتجمعون للصلاة ويتصافحون ثم يفطرون أمام واجهة متجر كل مساء. ويأكل الرجال من أواني بلاستيكية كبيرة وتجمع النساء علب الأرز والدجاج للعودة بها إلى البيت. قالت إخلاص مجيد التي تطهو الطعام في مطبخها الصغير إن عدد الأسر المحتاجة ازداد عما كان عليه الحال من قبل. وأضافت ”هؤلاء الناس ليس لهم أي دخل من الدولة. فهم يحصلون على ما يمكنهم من أجر من العمل في متاجر أو الأعمال اليدوية. وبسبب الصراع السابق توجد أسر كثير بلا رجال ليس لها دخل“. أما إسراء خليل التي لقي شقيقاها مصرعهما على أيدي فصائل مسلحة في 2006 وتوفي زوجها بعد إصابته بعدوى في الحلق منذ عدة سنوات فتعول طفليها بإعانة كانت والدتها تحصل عليها من الدولة.

لكن أمها توفيت في آذار وتوقف صرف الإعانة.

وقالت ”لأني أرملة لا يمكنني الخروج للبحث عن عمل“. وأضافت أنها تدين الآن بمبالغ مالية للمتاجر المحلية ومنها البقال الذي قال إن دخله الآن يبلغ ربع ما كان يحصل عليه قبل ظهور الفايروس. وقال الهنداوي إن وزارة التخطيط تجري دراسة لمعرفة عدد العراقيين الذين فقدوا أشغالهم أو انضموا لصفوف الفقراء. ولم يتسن الاتصال بمتحدث باسم الحكومة لمزيد من التعليق على الأزمة الاقتصادية.

غياب الحكومة المستقرة

يواجه العراق التحديات الاقتصادية والصحية من جائحة كوفيد-19 في غياب حكومة مستقرة.

فقد اضطرت حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للاستقالة العام الماضي بسبب مظاهرات شعبية نظمها عراقيون من الشباب والعاطلين احتجاجاً على ما يصفونه بفساد النخبة الحاكمة.

ويتولى عبد المهدي الآن رئاسة حكومة تصريف الأعمال. ويكافح رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، وهو ثالث عراقي يكلف بتشكيل الحكومة في ثلاثة أشهر، لتأليف حكومة تقبلها أحزاب متنافسة في مهلة تنتهي هذا الأسبوع.

ومن دون حكومة جديدة لا يمكن تعديل ميزانية العراق القائمة على أسعار نفط تزيد نحو ثلاث مرّات على الأسعار الحالية. وقد توقع البنك الدولي هذا الأسبوع أن ينكمش الاقتصاد العراقي بنسبة 9.7 في المئة هذا العام.

وقال عبد المهدي في بيان الشهر الماضي إن جميع الدول تواجه أزمة من الجائحة وإن من المهم أن يقلل العراق اعتماده على دخل النفط.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here