الكتل الكبيرة تفصّل الدوائر الانتخابية على مقاسها

بغداد/محمد صباح

بينما تستمر المحادثات والمفاوضات بين الكتل البرلمانية، للاتفاق على ترسيم حدود الدوائر الانتخابية لمحافظتي نينوى وكركوك، كشف خبراء في الشأن الانتخابي أن الكتل الكبيرة وزعت الدوائر الانتخابية في كل محافظة استنادا لوجود جماهيرها.

وتؤكد مصادر مطلعة لـ(المدى)، أن القوى المتنفذة، حسمت أمرها بشأن موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة. لهذا السبب قامت تلك الكتل بتمرير قانون الانتخابات في جلسة يوم أمس الأول. وتضيف المصادر، أنه من المرجح أن تمرر الكتل قانون المحكمة الاتحادية في أقرب وقت. وكانت مفوضية الانتخابات قد أمهلت مجلس النواب حتى نهاية شهر تشرين الأول الحالي، لتمرير قانون الانتخابات، وبخلاف ذلك فأن الانتخابات لن تجري في موعدها المقرر في 6 حزيران من العام المقبل. نائب رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب محمد الغزي قال لـ(المدى) إن “هناك اتفاقًا بين الكتل البرلمانية على حسم توزيع الدوائر الانتخابية لمحافظتي كركوك ونينوى في جلسة غد (اليوم) الاثنين، بعدها سيرسل قانون الانتخابات إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه”. وبعد مشاورات ومفاوضات بين الكتل تمكن مجلس النواب من التصويت على تقسيم الدوائر الانتخابية لست عشر محافظة، فيما أرجأ التصويت على توزيع دوائر محافظتي كركوك ونينوى إلى جلسة اليوم الاثنين بسبب الخلافات بين الأطراف السياسية على آلية التوزيع.

وقبل جلسة اليوم الاثنين، سيعقد رؤساء الكتل البرلمانية اجتماعات حاسمة للتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الخيارات المعروضة لحسم آلية التوزيع، وفقا إلى النائب محمد الغزي، الذي أضاف أن” طبيعة الخلاف تدور حول تداخل بعض المناطق في محافظتي كركوك ونينوى”. وفي جلسة سابقة صوت ‏‎مجلس النواب على مقترح تقدمت به اللجنة القانونية النيابية باعتبار توزيع عدد الدوائر الانتخابية في ‏كل محافظة مساويا لعدد المقاعد المخصصة لكوتا النساء في ‏المحافظة وسط خلافات واعتراضات أبدتها كتل برلمانية متنفذة. بالمقابل يؤكد شيروان الدوبرداني النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني أن “الاجتماعات والمفاوضات مازالت مستمرة بين الكتل للتوصل إلى اتفاق بخصوص توزيع الدوائر الانتخابية في غرب وجنوب وشمال محافظة نينوى على أمل التصويت على دوائر محافظي كركوك ونينوى”.

ويضيف الدوبرداني في تصريح لـ(المدى) أن إكمال تقسيم الدوائر الانتخابية سيساعد مفوضية الانتخابات على المباشرة باستعداداتها اللوجستية لإجراء الانتخابات المبكرة في توقيتها المقترح من قبل الحكومة”.

وحدد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي تأريخ السادس من حزيران ٢٠٢١ موعدًا لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة، مؤكدا انه سيعمل بكل الجهود على إنجاح هذه الانتخابات وحمايتها وتأمين مستلزماتها.

ويضيف النائب عن محافظة نينوى أنه “بعد الانتهاء من تقسيم الدوائر الانتخابية وإرسال القانون إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه ونشره في جريدة الوقائع سيقوم مجلس النواب بتعديل الفقرة الخاصة باستخدام بطاقة البايومتري ضمن قانون الانتخابات البرلمانية”. وكان مجلس النواب قد صوت في جلسة سابقة على استخدم بطاقة البايومتري حصرا من قبل الناخبين في الانتخابات البرلمانية المبكرة بدلا من بطاقة الناخب الالكترونية.

ويتابع عضو لجنة الاقاليم والمحافظات البرلمانية ان “هناك امورا فنية وتخصيصات مالية، يجب أن توفرها الحكومة إلى المفوضية كي تمضي الأخيرة بالمباشرة بأعمالها اللوجستية تحضيرا للانتخابات البرلمانية المبكرة”.

ويبين النائب، أن “مفوضية الانتخابات رهنت التزامها في إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة بإنجاز مجلس النواب للدوائر الانتخابية قبل نهاية شهر تشرين الأول الجاري، وبالتالي فأن الكتل البرلمانية أكملت هذه الدوائر وتركت إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد للحكومة ومفوضية الانتخابات”، مضيفا أن “إجراء انتخابات برلمانية شفافة ونزيهة يتطلب حصر السلاح المنفلت مع وجود اشراف من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية”.

من جانبه اعتبر سلام الشمري النائب عن تحالف سائرون تمرير قانون الانتخابات وفق توزيع الدوائر الانتخابية الذي صوت عليه مجلس النواب، نصرا كبيرا للشعب وخطوة مهمة لإجراء الانتخابات بموعدها المعلن، مبينا أن أعضاء البرلمان قالوا كلمتهم بالرغم من وجود بعض القوى التي أرادت العودة للنظام القديم وفق سانت ليغو . ويضيف الشمري في بيان له اطلعت عليه (المدى) أن غدا (اليوم الاثنين) سيكتمل بالتصويت على توزيع دوائر محافظتي نينوى وكركوك.

فبالرغم من أن عملية ترسيم الحدود للدوائر الانتخابية عادة ما تكون من مهام مفوضية الانتخابات على اعتبار انها الجهة التنفيذية المعنية بعملية الاقتراع إلا أن الكتل الكبيرة في مجلس النواب أصرت على تكون هي من يقوم بالتوزيع لضمان تقسيم الدوائر وفقا لقاعدتها الجماهيرية في كل منطقة.

وعن حيثيات هذا الموضوع يتحدث عادل اللامي الخبير بالشأن الانتخابي في تصريح لـ(المدى) بأن “عملية تقسيم الدوائر الانتخابات التي اقرها مجلس النواب أتت وفقا للمصالح الحزبية الضيقة للكيانات المشرفة على عملية ترسيم حدود الدوائر الانتخابية”، مبينا أن “من البديهي ان تكون عملية ترسيم حدود الدوائر عادة من صلاحيات مفوضية الانتخابات وليس من مهام السلطة التشريعية”.

ويعتقد اللامي أنه من المفترض تكليف لجنة محايدة وفنية من داخل مفوضية الانتخابات لترسيم الحدود للدوائر الانتخابية بحسب مراكز تسجيل الناخبين الفرعية المنتشرة في العراق (1079 عددها في آخر إحصائية)، مبينا أن هناك تفاوتا في توزيع الدوائر بين منطقة واخرى، حيث ان هناك دوائر انتخابية يكون فيها مقعد لكل 65 الف نسمة، ودوائر انتخابية اخرى لا يتجاوز عدد ناخبي المقعد (13) الف نسمة، وبالتالي ان هذا التقسيم يعكس وجود حالة من عدم المساواة في الكثافة السكانية بين الدوائر الانتخابية “. وانحصرت الخلافات طوال الفترة الماضية بين الكتل والأطراف البرلمانية بمضمون المادة 15 من قانون الانتخابات البرلمانية، والتي تنص على أن يكون الترشيح فرديا بنسبة 100%، واحتساب كل قضاء دائرة انتخابية، فضلا عن فوز المرشح الحاصل على أعلى الأصوات.

ومحتوى هذه المادة الخلافية يتطلب من مجلس النواب إصدار ملاحق خاصة ترفق ضمن قانون الانتخابات البرلمانية تشرح فيها آلية توزيع الدوائر الانتخابية المتعددة والتي تلزم بمعرفة النسبة السكانية لكل قضاء.

ويضيف أن “الطريقة نصت على أن تتشكل الدوائر الانتخابية بين ثلاثة إلى ما لا يزيد عن خمسة مقاعد بمعنى أن تكون الدوائر متساوية قدر الإمكان”، مبينا ان العاصمة بغداد فيها 69 مقعدا بعد التقسيم سيكون لديها 17 دائرة انتخابية حسب مقاعد النساء، وبالتالي سيكون لدينا ستة عشر دائرة انتخابية، ذات اربعة مقاعد، ودائرة ذات خمسة مقاعد. ويلفت اللامي إلى ان “محافظة المثنى حصتها سبعة مقاعد بعد تقسيمها على دائرتين حسب عدد مقاعد النساء سوف تكون لدينا دائرة انتخابية من اربعة مقاعد، ودائرة ثلاثة مقاعد” معتقدا ان “توزيع الدوائر بهذه الطريقة يخلو من وجود اي عدالة”.

ويؤكد أن “من شروط الدوائر المتعددة ان تكون مساوية لعدد المقاعد في الدائرة الانتخابية الواحدة والكثافة السكانية”، موضحا ان “توزيع الدوائر قسم حسب مراكز التسجيل التي ستنشطر لبعض المراكز”. ويلفت إلى أن “مفوضية الانتخابات ستقوم بتحديد الحدود للدوائر الانتخابية من خلال تحديد مراكز الاقتراع لكل دائرة انتخابية استنادا على تقسيمات مجلس النواب”، مشيرًا إلى أن “ذلك يتطلب من الناخبين مراجعة مراكز التسجيل لمعرفة اين سيدلي الناخب بصوته بعد عملية الانشطار التي ستحصل لبعض المراكز”. اما عن ايجابيات الدوائر المتعددة يوضح الخبير الانتخابي ان “القانون وفق هذه الآلية احدث نقلة من النظام النسبي إلى نظام الاغلبية بالترشيح الفردي الذي يعد انجازا يجب استغلاله من قبل الجماهير العراقية لاعادة انتاج شكل السلطة التشريعية والتنفيذية نحو الافضل”، مؤكدا “ان المشاركة الواسعة ستكون العامل الرئيس في إحداث التغيير المنشود”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here