جمعة السليمانية

شهدت شوارع مدينة السليمانية مجدداً خلال اليومين الماضيين تظاهرات
حاشدة، سرعان ما تطورت الى صدامات بين المحتجين والقوات الامنية، بعد محاولة الاخيرة انهاء الاحتجاجات بالقوة، مستخدمة القنابل المسيلة للدموع والهراوات فضلا عن قيام الامن باعتقال العشرات من المحتجين ، واعلن مركز الطوارىء في محافظة السليمانية، الجمعة، اصابة 25 شخصا خلال تظاهرات اليومين الماضيين، نقل بعضهم الى المستشفيات ، فيما أغلق المحتجون طريق السليمانية – بغداد عبر الإطارات المحترقة.

صباح الجمعة أيضاً حذر عدد من الأساتذة في جامعة السليمانية، من تدهورالأوضاع في إقليم كردستان لمستويات أسوأ، ووقع 17 أستاذاً وتدريسياً في قسم التاريخ في الجامعة على بيان نشرت وسائل إعلامية متعددة نسخة منه، أن “التجارب تظهر أن إقليم كردستان يتجه لمصير مأساوي ومجهول بفعل العوامل الداخلية أكثر من الضغوطات والعراقيل الخارجية” وأضاف البيان، أن “الأزمات تتفاقم أكثر فأكثر، وأن الحالة الكردية شهدت عشرات من تجارب الحكم ، إلا أن ضعف الرؤية وعدم فهم أساليب الإدارة والابتعاد عن الأهداف أفشلت نجاحها واستمرارها، وقد ظهرت هذه الأعراض على التجربة الكردية في إقليم كردستان منذ فترة طويلة”
وتابع البيان، أن “نظام الحكم في الإقليم أصابه الجمود لخدمة فئات ومجموعات على أساس المحاباة ما جعل الجرائم والسطو أمراً عاديا حيث لا يأمن أحد على نفسه”
السؤال الآن، منذ الامس القريب ، كان الرافضون للتظاهرات والاحتجاجات المطلبية ، التي شهدتها مناطق الوسط والجنوب ، والخائفون منها ( رغم عدم قبولنا بالكثير من المظاهر التي تخللتها ) هولاء كانوا يتوهمون (او يوهمون) ان هذه الاحتجاجات لم تكن بسب حالة اليأس والجمود وشيوع الفساد المفرط وسوء الادارة وغياب الافق لدى الاطراف الحاكمة ، وانما موجهة الى الحكام (الشيعة) دون غيرهم ، وانها تسكت عن جرائم الآخرين لاسباب تتعلق بدفع خارجي تارة او الشعور بالدونية تارة أخرى ، وهي النغمة التي يشيعها ويطرب لها الفاسدون في الوسط والجنوب.
اذا كانت اربيل ودهوك ، تحكم بعقلية بوليسية ومخابراتية ، تجعل حصول احتجاجات فيها، بقوة احتجاجات السليمانية وحلبجة ، امراً اكثر صعوبة ( وإن كنا نراه مسألة وقت ) ، فها هي السليمانية وجميع المدن الكردية خارج سلطة العائلة البرزانية ثائرة شأنها شأن الناصرية وبغداد والحلة وواسط ، فهل بقي لهؤلاء ما يقولونه للتسفيه والاستهانة بسخط الناس وغضبهم ورغبتهم بالخلاص.
مثل ما كانت الجمعة الماضية ( جمعة الناصرية) ، حيث خرج متظاهرون في مدن عراقية عديدة للتضامن مع متظاهري الناصرية ، لماذا لا تكون الجمعة القادمة ( جمعة السليمانية ) ليتوحد الغضب والرغبة بالتغيير والتوق نحو الخلاص على امتداد مساحة الظلم ومصادرة الحقوق والاستهانة بالناس ومصائرهم.

عبدالامير الخاقاني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here