التبجح بتصفية مخيمات المتظاهرين يذكرنا بتبجح كّتاب النظام السابق بتصفية الانتفاضة الشعبانية !!

بقلم مهدي قاسم

هناك بعض يجهلون ــ  بحكم ضيق تفكيرهم ، وبالأخص بسبب  ذهنيتهم البليدة و المتكلسة ــ حقيقة وجود ميزان القوى  الذي  يحدد ويحسم الصراع بين أطراف متنازعة ، ونقصد  هنا بميزان القوى الطرف الأقوى  وأكثر  تنظيما وتسليحا ، وضمن هذا المفهوم الواضح فكان من الطبيعي جدا أن ” ينتصر ”  مقتدى الصدر على المتظاهرين مستعينا  بوحدات قبعات الأزرق  الهمجية حينا و بميليشيا سرايا السلام المدججين والمتدربين  جيدا حينا آخر  ، وهي  ليست فقط متسلحة  بأسلحة خفيفة  وأنما بالثقيلة أيضا ، مقابل مجموعات من متظاهرين عزُل من أي سلاح  وغير منظمين  أصلا ضمن قوات مسلحة ولا حتى مدنية ، وبالتالي فلا يشكّلون حزبا ولا تيارا أو جبهة ، مثلما حال معظم التظاهرات والمتظاهرين في العالم الذين يتظاهرون من أجل تحقيق مطالب معينة ..

ومثلما استطاع مقتدى الصدر أن يصفي التظاهرات بميليشياته البلطجية و ” ينتصر ” على المتظاهرين  العُزل من السلاح  فإن قوات النظام السابق أيضا استطاعت وبنفس السهولة أن تنتصر وتصفي منتفضي “الانتفاضة الشعبانية ”  بالرغم من  أن عدد المنتفضين كانوا ـ على الأرجح ـ أكثر عددا من قوات النظام السابق التي استطاعت أن تسحق الانتفاضة الشعبانية لكونها كانت تتمتع  بقوات مسلحة ضاربة  ، في الوقت الذي كان معظم المنتفضين عزلا حينذاك ،مثلما أسلفنا ، وفوق ذلك لم يجمعهم حزب أو قيادة  بقدر ما انطلقت الانتفاضة عفوية وعلى سجيتها ، مثلما انتفاضة تشرين اليوم..

ومع ذلك رأينا آنذاك كيف تبجح كتّاب النظام السابق بسحق الانتفاضة الشعبانية بمقالات طويلة وعريضة في جريدتي الثورة والجمهورية ، ولفترات طويلة  ، بالرغم من معرفتهم  الجيدة بذلك التفاوت والاختلال الكبيرين  في ميزان القوى لصالح النظام السابق ، مثلما يتبجح الآن بعض من كتبة أحزاب سلطة الفساد بتصفية المتظاهرين من قبل رجل المواقف المتقلبة مقتدى الصدر ، وهي مسألة قد تحتاج الى دراسة سيكولوجية معمقة حول تلاقي المواقف ونمط التفكير وانحطاط القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية بين الضحايا والجلادين وتبادل الأدوار فيما بينهم ، باعتبارهم لا يختلفون عن بعضهم كثيرا  إلا من ناحية الفرق بين أيهما يمتلك القوة والبطش  في وقت من الأوقات ليحل محل الآخر ..

وإذا ظهر بعض ممارسات غير أخلاقية على هامش التظاهرات في ساحة التحرير ــ حسبما أُشيع من قبل رداحي  أحزاب سلطة الفساد ، فنحن أيضا سمعنا وقرأنا عن حدوث ممارسات غير أخلاقية  في معسكر رفحاء ـ كاللواط مثلا ــ انتشرت  بين فئات اجتماعية هناك ، كانت محسوبة على الانتفاضة الشعبانية ، وهي لم تكن دعاية مغرضة  من قبل أبواق النظام السابق،  إنما أكدها بعض الرفحاويين أنفسهم ، ولكن ما من أحد اعتبر تلك الممارسات الشاذة وغير الأخلاقية صفة عامة يجب تعميمها  على جميع سكان رفحاء ، ولا ينبغي  على ضوء ذلك اعتبار كل رفحاوي لاطا أو مُلاط به !..

مثلما لم يكونوا كلهم عملاء للنظام الإيراني حيث حاولت ماكنة الدعاية للنظام السابق ترويج ذلك..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here