يُقتل يومياً أكثر من 10 دواعش.. تساؤلات عن طبيعة وجود التنظيم ومخاوف من اعتقالات «عشوائية»

تطرح حملة الاعتقالات المتصاعدة لعناصر تنظيم داعش المتشدد في العراق، تساؤلات عن قدرة التنظيم على إعادة صفوفه والعودة من جديد، وسط مخاوف من اعتقال أشخاص لا علاقة لهم بالتنظيم المتطرف.

وحذر نواب في البرلمان العراقي، مؤخرًا، من اعتقالات «عشوائية»، تشمل أبرياء في بعض المحافظات، وسط مخاوف من توسع تلك الحملات.

وتعلن القوات الأمنية العراقية، بشكل يومي، اعتقال عدد من عناصر التنظيم في المحافظات التي كان يسيطر عليها، مثل الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى، فيما تشير البيانات الرسمية التي تعلنها خلية الإعلام الأمني، إلى أن أعداد المعتقلين تتراوح بين 10 – 15 كمتوسط حساب يومي.

وتعني تلك الأرقام، أن أعداد المعتقلين سنويًا، يصل إلى نحو أربعة آلاف معتقل، فضلًا عن عناصر التنظيم الذين يعلن قتلهم.

ومؤخراً، أعلنت قيادة العمليات المشتركة أن القوات الامنية تقتل يومياً نحو 15 من عناصر داعش، مشيرة إلى أن خط الصد الأول ضد التنظيم يتمثل بالحدود مع سوريا.

وذكر المتحدث باسم القيادة اللواء تحسين الخفاجي، أن «القوات العراقية تمكنت خلال الشهرين الأخيرين من قتل نحو 250 إرهابياً في تحد كبير لتنظيم داعش»، مضيفاً أن «التطور الذي حصل على مستوى استهداف للمجاميع الإرهابية هو نتيجة طبيعية للتقدم في الجهد الأمني والاستخباري، وبإشراف مباشر من القائد العام للقوات المسلحة».

وتابع، أن «القوات الأمنية أصبحت تقتل بين 14 إلى 15 عنصراً من تنظيم داعش يوميا وما تبقى منهم يقدّر بالمئات، لا يتجاوز عددهم بالمجمل ألف مقاتل في عموم العراق».

اعتقال 5 دواعش لدى تسللهم عبر الحدود مع سوريا

تساؤلات عن الأرقام

وطرحت تلك الأرقام جملة تساؤلات عن طبيعة عمليات الاعتقال، وفيما إذا شملت أشخاصاً غير منتمين لتنظيم داعش، خاصة وأن القوات العراقية بدأت بحملات التطهير وتأمين المناطق، منذ أربعة أعوام عقب توقف الحرب ضد التنظيم نهاية عام 2017.

وأعلن النائب في البرلمان أحمد الجبوري مؤخرًا، اعتقال نحو 100 شخص من عشائر شمّر والعبيد، وغيرهم، فيما طالب رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، بإطلاق سراحهم، فورًا.

وبحسب الجبوري، فإن «تلك الاعتقالات هي من أهداف داعش، حيث يشن هجومًا على نقطة عسكرية، لتحدث بعد ذلك اعتقالات ضد أبناء المناطق التي تضم تلك النقاط، وهو الأسلوب الذي اتبعه قبل احتلال الموصل عام 2014».

بدوره، يرى المحلل السياسي، والمراقب للشأن العراقي، وائل الشمري، أن «عمليات الاعتقال التي تجري لمواجهة تنظيم داعش، تشمل كثيراً من الأبرياء، حيث يستغل بعض عناصر المؤسسة الأمنية، عدم وجود رقابة، للقيام بمثل تلك الاعتقالات بمساندة ضباط، حيث يتم اتهامهم بالانتماء لداعش، أو الاعتماد على المخبر السري في تنفيذ تلك الحملات، وهو ما يتطلب تدخلاً جدياً لإنهاء تلك الظواهر التي ما زالت تنخر المؤسسة الأمنية، للحصول على مكاسب مادية».

وأضاف الشمري، لـ (باسنيوز) أن «الأرقام التي تعلنها خلية الإعلام الأمني، ووفق المراصد المتخصصة تفوق كثيراً الأعداد المعلنة لعناصر داعش، فإذا كانت القوات العراقية تعتقل 10 أشخاص يومياً وفق البيانات، فإنها في السنة الواحدة، ستعتقل نحو 3500 شخص، وهو رقم غير موجود لعناصر داعش، ما يثير علامات الاستغراب، وعلى الجهات المعنية، أيضاً إيضاح هذا الإرباك الحاصل».

القبض على 15 داعشيا بينهم “حسبة” في التنظيم – صحيفة المرصد الليبية

التنظيم لا يمتلك حاضنة شعبية

وبحسب تصريحات مسؤولين أمنيين عراقيين، فإن تنظيم داعش أصبح لا يمتلك أي حاضنة جغرافية أو سكانية، بل يعاني من الرفض الشعبي في المناطق التي كان ينشط فيها خلال المراحل السابقة، إلى جانب عدم امتلاكه مصادر تمويل، وعدم مقدرته على تطويع مقاتلين جدد، خاصة وأن عمليات الملاحقة والمطاردة مستمرة لداعش، ولا يوجد سقف زمني لها.

كما تشير تقارير أممية، إلى أنه منذ بداية هذا العام، تنامى التهديد في مناطق الصراع، كما يتضح من إعادة تجميع وتزايد نشاط داعش وبعض الجماعات التابعة له في العراق وسوريا، أما في المناطق التي لا تشهد نزاعات، يبدو أن التهديد قد انخفض على المدى القصير، تزامنًا مع إجراءات الإغلاق والقيود التي فرضها تفشي وباء «كورونا».

وبحسب تقارير منظمات حقوقية، فإن مراكز الاحتجاز العراقية تكتظ بالآلاف من ضحايا الشكاوى الكيدية والوشايات والتقارير الأمنية غير الدقيقة، وحتى مع ثبوت براءة بعض أصحابها فإنهم لا يحصلون على حريتهم بسبب الإجراءات البيروقراطية وحلقات الفساد المتداخلة وتعطل تنفيذ قرارات الإفراج الصادرة من محاكم ابتدائية، إذ تبطلها قرارات محاكم التمييز، وفقاً لتصريحات أسر معتقلين ومحامين ونشطاء مدنيين.

اعتقال 7 دواعش في الموصل القديمة

لا نستطيع الدفاع عن الأبرياء!

وتنفي القوات الأمنية العراقية، وكذلك فصائل الحشد الشعبي، وجود اعتقالات عشوائية، أو تهاون في مسائل القبض على المتهمين.

ويثير الحديث عن أعداد المعتقلين، وطبيعة انتمائهم لتنظيم داعش، حساسية جهات حكومية وسياسية وحتى شعبية، ترى في ذلك، دفاعًا عن التنظيم المتطرف، فيما يقول نواب عن المناطق المستهدفة، إن الدفاع الحاصل عن الأبرياء فقط.

ومع كل هجوم إرهابي تشهده المحافظات التي يتواجد فيها تنظيم داعش، تشن القوات الأمنية، والحشد الشعبي، حملة اعتقالات أو مداهمات تشمل غالباً القرى المحيطة، بموقع الهجوم، بحثاً عن المتورطين، لكن تلك الحملات تتخللها اعتقالات بمختلف الدواعي، وتحت تبريرات شتى.

ويرى الناشط عن محافظة صلاح الدين، إيهاب السامرائي، أنه «حتى المدونين وكتاب الرأي وأصحاب الأقلام لا يمكنهم الدفاع عن الأبرياء، أو إدانة تلك الحملات، تحسباً من الملاحقات، أو الإدانة، أو الاتهامات بأنهم يساندون عناصر داعش، وهذا غير صحيح».

وأضاف لـ (باسنيوز) أن «على النواب تلك المدن، إيضاح هذا الاشتباك الحاصل، وعدم السماح بالخلط بين الأبرياء وغيرهم، من عناصر داعش، واعتماد السبل القانونية، في مواجهة هذا الأمر، وعدم الرضوخ لبعض الضغوطات من هنا أو هناك، للاكتفاء بالبيانات الاستنكارية، أو الشجب على مواقع التواصل الاجتماعي».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here