خطة إخلاء مخيمات عوائل داعش تفشل والسلطات تتكتم عن نازحي جرف الصخر

بغداد/ تميم الحسن

فشلت السلطات في أول يومين من خطة الاغلاق التام لمخيمات النازحين (باستثناء اقليم كردستان)، حيث رفض سكان تلك المراكز العودة التي تعني الموت للكثيرين.
وأعلنت الحكومة الاسبوع الماضي، تمكن وزارة الهجرة من اغلاق 90 بالمئة من مخيمات النازحين وتأمين العودة الطوعية لآلاف الاسر النازحة.

وهناك نحو 30 الف شخص محكوم عليهم مجتمعيا بالاعدام لانتماء احد ذويهم الى “داعش”، او ستقتلهم عشيرتهم فور عودتهم بسبب نزاعات قديمة، او ان بيوتهم تحولت الى ركام. هذه المجموعة موجودة الان في آخر 3 مخيمات موزعة بين الانبار ونينوى، لكن الملفت ان وزارة الهجرة تتحدث عن مخيمين اثنين فقط! ويظهر في المخيم الذي يبدو انه سقط من حسابات الوزارة، انه عائد لسكان اغرب بقعة على الارض وهي جرف الصخر، جنوب بغداد. وبحسب التسريبات ان الحكومة تسعى الى ان يكون ملف النازحين قد أغلق قبل الانتخابات المزمع اجراؤها في تشرين الاول المقبل. وهذه الحملة الاخيرة هي الثالثة التي تنفذها السلطات في البلاد بعد عام 2014 لإنهاء ملف النازحين، بمعدل حملة قبل كل انتخابات مفترضة.

الذهاب إلى الموت !

وخلال اليومين الماضيين حاولت السلطات اخلاء المخيم المركزي في عامرية الفلوجة، جنوب شرقي الانبار، لكن “السكان رفضوا لان اغلبهم من عوائل داعش”، بحسب مسؤول محلي هناك. وقال شاكر العيساوي قائممقام العامرية في تصريح امس لـ(المدى) إنه “قبل يومين صدر قرار بإخلاء آخر مخيمات في الانبار على ان تنتهي الحملة خلال 10 ايام فقط”. ويبلغ عدد النازحين في المخيم المركزي 591 عائلة بواقع 2700 شخص، اغلبهم بحسب ما يقوله العيساوي، “من عوائل داعش”. ويضيف قائلا: “يومي السبت والاحد الماضيين، امتنع الجميع عن صعود السيارات الخاصة بنقل النازحين لان ذهابهم هناك يعني تعرضهم للقتل”. ولا تستثني التعليمات، وفق المسؤول، من لا يملك دارا او تهدم منزله اثناء المعارك او خلال سيطرة داعش، من العودة. ويتابع العيساوي: “الاوامر جاءت بشكل اخلاء تام، ومن لايملك منزلا عليه ان يأخذ خيمته ويضعها قرب منزله المدمر”. لكن في النهاية فشلت عملية الاخلاء. واكد العيساوي ان “محافظ الانبار ابلغني بان الاخلاء سيتوقف لانه لا يمكن اجبار النازحين على العودة الا بشكل طوعي”. وبحسب وزارة الهجرة، بقي اثنان فقط من مخيمات النازحين بمحافظتي نينوى والأنبار، إذ قالت وزيرة الهجرة والمهجرين، إيفان فائق جابرو قبل ايام، إن هناك خططا لإغلاقهما خلال “فترة قصيرة” من الزمن.

ماذا عن بزيبز؟

لكن شاكر العيساوي يستغرب من تجاهل مخيم آخر في الانبار هو الاكبر (اكبر من المخيم المركزي).

ويؤكد المسؤول المحلي ان “مخيم بزيبز في عامرية الفلوجة يضم 3 آلاف عائلة، وهم من اسر منطقتي جرف الصخر، والعويسات (منطقة قرية من الجرف)، وهي مناطق لم تصدر اوامر باعادة سكانها”. ومؤخرا قال محمد الحلبوسي وهو رئيس البرلمان، إن “جرف الصخر لغز لم يتم فك شفراته حتى الآن”.

واضاف الحلبوسي في مقابلة تلفزيونية ان “اكبر جهة امنية او عسكرية في العراق لا تستطيع ان تدخل جرف الصخر او حتى ان تلتقط صورة”. وتحرر الجرف منذ عام 2014، لكن لاسباب غير مفهومة تمنع فصائل مسلحة نحو 180 الف من سكانه (جميع السكان نازحين) من العودة.

ويقول قائممقام عامرية الفلوجة ان “مخيم بزيبز الاهم لان سكانه ليسوا دواعش ويعيشون في مخيمات عشوائية واعدادهم اكبر، لكن يبدو ان الحكومة لاتعدهم نازحين”. وافتتحت تلك المخيمات في عام 2014، عقب انتشار تنظيم “داعش” في الموصل وزحفه على مدن اخرى. ولا توجد حتى الان خطة حكومية واضحة للتعامل مع ملف ذوي تنظيم “داعش”، فيما يشير مسؤولون الى ان “مؤتمرات المصالحة” و”اعادة الاندماج” هي من ابواب الفساد. ويقول شاكر العيساوي ان “العشرات من سكان مخيمات عامرية الفلوجة في موجات اخلاء سابقة، عادوا مرة اخرى بعد نقلهم بايام بسبب رفض مناطقهم لهم”. وكانت خلية الاعلام الامني قد قالت يوم الاحد الماضي ان “وزارة الهجرة والمهجرين، نجحت بإغلاق (90%) من مخيمات النازحين، على مستوى العراق، من اصل (174) مخيماً، وإعادة (577) الف أسرة نازحة الى مناطق سكناها الاصلية”. واضافت في بيان ان تلك الاجراءات “اسهمت في إعادة (66671) أسرة من محافظات صلاح الدين، نينوى، وديالى، فضلا عن إعادة نحو الف مواطن لاجئ من إيران وتركيا واوروبا”، لافتة الى ان “عدد المخيمات المتبقية في البلد بلغت (28) مخيماً، سيتم غلقها هذه السنة ضمن الخطة الوطنية لإعادة النازحين التي اطلقتها الوزارة واقرها مجلس الوزراء”. ومن مجموع الـ28 مخيما التي تحدث عنها البيان، هناك 26 مخيما داخل اقليم كردستان، حيث لم تظهر نوايا من الاقليم باغلاقها حتى الآن.

اللجوء إلى كردستان

بل العكس يحدث الان، حيث يقول نائب عن نينوى، ان “300 عائلة” كانت قد أخليت من مخيمات المحافظة لجأت الى مراكز الايواء التابعة لكردستان.

ويضيف النائب شيروان الدوبرداني في حديث امس مع (المدى) ان “تلك العوائل كانت في الصحراء بعد ان رفضت مناطقهم الاصلية استقبالهم واضطروا للجوء الى مخيمات الخازر، لكن وزارة الهجرة قد قطعت عنهم التمويل والمعونات”.

وتبقى مخيم وحيد في نينوى وهو مخيم “الجدعة 5” حيث يضم 1400 عائلة، 80% منهم من عوائل “داعش”. وهؤلاء بحسب الدوبرداني ينقسمون الى ثلاثة اصناف وهي “فريق ينتمي احد ذويه الى التنظيم، والثاني لديه مشاكل مع عشائرهم، والفريق الاخير منازلهم قد هدمت”. ويعتقد النائب عن نينوى ان “الفريق الثالث يمكن ايجاد حلول له حيث تقوم بعض المنظمات بمنح من 2 مليون الى 3 مليون لبعض النازحين لاستئجار منزل، وبينما تحاول الحكومة عقد صلح مع العشائر لاعادة الفريق الثاني”.

وهناك 75 عائلة قد قررت العودة من “الجدعة” بعد ان تلقوا اموالا من منظمات دولية. المشكلة وفق ما يقوله دوبرداني في تلك المخيمات هي في الصنف الاول (عوائل داعش) “حيث سيبقون هؤلاء في المخيمات لحين بناء مساكن خاصة لهم او ايجاد اي خطة بديلة”. لكن الامر قد يتفاقم لو بدأ العراق فعليا بارجاع سكنة مخيم الهول السوري القريب من الحدود العراقية. ويتابع دوبرداني: “توجد تفاصيل نهائية للاسماء والقوائم والاعداد في المخيم، هناك 30 الف عراقي الغالبية الساحقة منهم من ذوي داعش، وقرار عودتهم قريب”. وكان مخيم في ناحية زمار، شمال الموصل، قد اغلق بضغط من نواب نينوى بسبب قربه من سنجار.

ويضيف النائب عن نينوى: “ستكون هناك عدة مراحل لتدقيق العائدين، وربما سيضعون في المخيمات التي اغلقت”.

وبين 30 الف عراقي في “الهول” هناك 18 من سكان الانبار، و4 آلاف من نينوى، وآلاف اخرى من كركوك وبابل، وبعض الافراد من سكان البصرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here