المونيتر: عمالة الأطفال تفشت ولا إحصاءات رسمية عن الأعداد

ترجمة/ حامد احمد

فتيات صغيرات يبعن الورد عند التقاطعات المرورية. اولاد صغار يدفعون عربات محملة بفاكهة او مثلجات او يبيعون شاي في الشوارع او يفرغون حمولة شاحنات من بضائع ويعملون في محال تجارية.

عمالة الاطفال هي اصلا متواجدة كجزء من حياة العراقيين اليومية، ولكن منذ بداية تفشي وباء كورونا كوفيد – 19 العام الماضي ازدادت نسبة الاطفال الذين دخلوا سوق العمل الى معدلات قياسية .

تانيا جيلي، نائبة مديرة مؤسسة سييد فانونديشن، وهي منظمة دولية معنية بتأهيل الشباب لفرص عمل، قالت: “في الواقع انه ليس من اولويات الحكومة في العراق متابعة هذا الامر”، مشيرة الى ان “غياب هذا الاهتمام يعني انه لا تتوفر لدى الحكومة احصائية رسمية بصددهم”، مؤكدة دعوتها لـ”المنظمات غير الحكومية العاملة في العراق وكذلك منظمة العمالة الدولية ILO ان تقوم باتخاذ اجراء بهذا الخصوص” .

آخر رقم معروف لعدد عمالة الاطفال في العراق منذ عام 2018 يقف عند نسبة 7.3%، ولكن في شهر تشرين الثاني الماضي وجدت وكالة غوث اللاجئين UNHCR التابعة للامم المتحدة ان 17% من النازحين البالغ عددهم 1,600 شخص الذين التقت بهم لجأوا الى ارسال اولادهم للعمل في الشارع لمساعدتهم في المعيشة. ولاجل تقليص النفقات قام 42% من العوائل النازحة هذه بتزويج بناتهم دون السن القانونية .

وأشارت جيلي من مكتبها بأربيل عاصمة اقليم كردستان الى ان المسبب الرئيس المؤدي لزيادة عمالة الاطفال هو معدلات الفقر المتنامية. واستنادا لاحصائيات عراقية اخيرة، فان نسبة العراقيين الذين يعيشون دون خط الفقر قد وصلت الى ما يقارب من ثلث السكان بتسجيل نسبة 32% مسجلة بذلك ارتفاعا عن النسبة المسجلة في عام 2018 والتي كانت بحدود 20%. كثير من العراقيين، بسبب اجراءات الحظر واجراءات اخرى متعلقة بوباء كورونا، فقدوا مصادر رزقهم .

واضافت جيلي بقولها “قسم كبير من ابناء الشعب العراقي هم فقراء، ويعود ذلك لعدة اسباب .”

قبل الازمة كان طفل واحد من بين خمسة اطفال او خمسة مراهقين يعتبر فقيرا. أما الان فان طفلين من بين كل خمسة هم فقراء، أي ما يقارب نسبة 38% من جميع اطفال العراق .

واشارت جيلي الى ان هذه الحالة موجودة خصوصا لدى العوائل التي فقدت معيلها، حيث تضطر الامهات الى ارسال اولادهم للعمل. واستنادا للقانون العراقي فانه من غير الجائز ان يتم ارسال أطفال دون 15 عاما للعمل. وقالت ان قسما من الناس ما يزالون يعتقدون بانه ليست جميع الاعمال هي غير مناسبة للاطفال. انهم لا يعرفون بان ادخال الاطفال لسوق العمل سيجردهم من طفولتهم ومن اللعب، وسيبعدهم ذلك عن المدرسة وبالتالي حرمانهم من فرص تحقيق مستقبل افضل.

لاوين هاوزي، رئيس قسم الاستشارة الفنية لمنظمة العمالة الدولية ILO فرع العراق، قال “عمالة الاطفال تعتبر خطرة ويجب معالجة هذه المشكلة ومتابعتها فهي تحرم الاطفال من طفولتهم ومستقبلهم وكرامتهم، وانها تضر كذلك بنموهم الذهني. ولكي اكون دقيقا أكثر فان عمالة الاطفال خطرة ذهنيا وبدنيا واجتماعيا ومعنويا عليهم، وهذه العمالة مؤذية للاطفال .”

واشار هاوزي الى انه بغض النظر عن الاعمال الاعتيادية، فانه قبل الازمة كان 6% فقط من الاطفال منخرطين باعمال السوق المنهكة. هذا يعني “ان الاطفال يتم استعبادهم وابعادهم من عوائلهم ويعرضوهم لمخاطر وامراض ويتركون للاعتماد على انفسهم في الشوارع”.

ولاجل معالجة المشكلة قال هاوزي ان منظمة العمالة الدولية قد ادخلت خطة عمل وطنية لمكافحة عمالة الاطفال وستدعم من خلالها 1500 طفل عراقي متضرر بسوق العمالة أو انه على وشك دخول سوق العمل من قبل عائلته .

من ناحية أخرى هناك تطور مقلق آخر يكمن في ان معدل سن الاطفال لدخول سوق العمل بدأ بالتناقص مؤخرا. وتقول مديرة مكتب حماية الاطفال أفراح موسى، من لجنة الحماية الدولية للطفل التابعة لليونيسيف، انه قبل الازمة كان اغلب الاطفال الداخلين لسوق العمل هم من مراهقين تتراوح اعمارهم ما بين 14 و 15 عاما. أما الان فان اغلب الاطفال الداخلين للعمل لا تزيد اعمارهم عن 7 أو 8 سنوات .

ومن مكتبها في اربيل قالت موسى، ان ذلك لا يعزى لاجراءات حظر كورونا فقط، بل ان هذه المشكلة ناجمة ايضا عن عمليات الاغلاق المفاجئة لعشرات من مخيمات النازحين من قبل الحكومة العراقية والتي ادت بدورها الى زيادة نسبة عمالة الاطفال. واضافت موسى بقولها “اغلب الاطفال المتضررين انتهى بهم الحال بارسالهم للعمل. العوائل لم تكن مستعدة لمغادرة المخيم، انهم اصلا يعانون من فقدان مصدر عيشة لهم، والان فهم يعتمدون على اطفالهم من اجل العيش. كثير من الاطفال الذين عانوا من ضغوطات نفسية جراء الحرب، يتعرضون الان لضغوطات اضافية بالاعتماد عليهم في معيشة عوائلهم. ان العبء غالبا ما يكون على الاولاد خصوصا اذا كانت الأم لوحدها .” وتقول جيلي من منظمة، سييد فاونديشن لتأهيل الشباب بانه هناك حاجة لبرامج اشراف على العوائل الفقيرة بالاضافة الى تدريب الامهات المعيلات لكي تتمكن من ايجاد فرصة عمل ليضمن دخل لعوائلهن .

ودعت جيلي الحكومة العراقية الى ان توثق حالة عمالة الاطفال لديها بشكل افضل، في وقت يقوم فيه مكتب منظمة العمالة الدولية فرع العراق بانشاء منظومة رقابة عمالة الاطفال في العراق. والتي ستضم ممثلين من منظمات وسلطات محلية تضمن قانونية ادخال الاطفال للعمالة وفقا لاعمارهم مع منع استغلالهم في اعمال خطرة ومضرة بهم .

عن: المونيتر

 بقلم جوديت نيورنك

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here