التلهية!!

التلهية!!
سياسة معروفة ومستعملة منذ أقدم العصور , فلكي تستبيح مجتمعا ما , عليك أن تشغله بما يلهيه ويبعد إنتباهه عنك وحذره منك , فتفعل به ما تشاء , وهو في ذروة إنهماكه بالملهيات اللازمة للقضاء عليه.
وفي الماضي عندما يذهب الحرامي للسرقة في الريف ليلا , يأخذ معه عظاما بعطيها للكلاب التي تحرس البيت فتتلهى بها , ويسرق ما يستطيعه والكلاب لا زالت لاهية بالعظام.
ولا فرق بين هذا المفهوم السلوكي وما يحصل في واقعٍ منشغل أصحابه بما لا يحصى من الملهيات , إبتداءً من الحرمان من الكهرباء والماء الصالح للشرب والرعاية الصحية , إلى موقدات الصراعات الخسرانية بأنواعها , ويأتي في مقدمتها تجارة الدين الذي صار سلعة ووسيلة لإغواء وإلهاء وتضليل الملايين.
والمشكلة في سياسة التلهي , أن ضحاياها لا يدركون هذا المرام أو المفهوم , ويحسبون ما يقومون به من ضرورات الدفاع عن وجودهم المستهدف , ولا يستوعبوا أنهم يحاربون أنفسهم , ويُقادون إلى سقر وهم لا يشعرون.
وقد لعب العديد من الرموز والقوى والفئات دورهم في التعمية والإلهاء , وحشر الناس في زوايا حادة خانقة قاتلة لا يرون فيها سوى الظلام , ويسقون من زقوم الأوهام كما يشاء مفترسهم المقدام.
وعندما تتأمل أي حالة مستهدفة , تجد عامل الإلهاء فاعل فيها ومؤثر في مسيرتها , وتكتشف أن الأجيال مصفدة ومتلهية ببعضها , لأنها قد سقطت في شراك الصراعات الخسرانية المتبادلة.
ولهذا فأن التوحل بالخمود والتقهقر والإنتكاس المتراكم , ديدن محطم لوجودها القويم.
ولن تتمكن من التمتع بحرية التعبير عن القدرات الحضارية , إلا بالتخلص من ألاعيب الإلهاء المهيمنة على وجودها , وحياتها الخالية من إرادة العقل المنور والروح العازمة الطامحة الوثابة.
فهل ستزاح الملهيات , وتتتعلم الجد والإجتهاد وما ينفعها ولا يضرها؟!!
د-صادق السامرائي
1\6\21

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here