الحملة الاستعمارية الصهيونية بدات من فلسطين فالعراق ولن تنتهي في ايران 

لقد اخبرنا الله تعالى باسباب قوتنا واعلمنا بمواطن ضعفنا فقال “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”. وقال ايضا “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بينكم”. انبانا رسول الله من جهة اخرى بالاسباب التي ستؤدي الى تمزقنا بحيث نرى المعروف منكرا والمنكر معروفا. واعلمنا باننا سنكون اعدادا كثيرة مهملة كغثاء السيل. وتصبح الدنيا والصراع عليها اكبر همنا ومبلغ علمنا. حتى نصبح عالة على البشرية وننعق مع كل ناعق. كما ان ولاة امورنا لا يكادون يفقهون حديثا وتتلاعب بهم القوى الاستعمارية كما تشاء.
اصبحت وامست الخيانة والغدر لباس ولاة امورنا في الدول العربية. ولا تصيب هاتين الصفتين الذميمتين امة ما الا وكان مصيرها الفناء. ينبغي الا نكابر ونتمنى على الله الاماني. فنحن العرب الذين تركنا الحبل على غاربه لقادة اختارهم المستعمرون بكل عناية. ولا نريد عزلهم ومحاسبتهم لخيانتهم الاسلام والمسلمين. نكون بذلك قد حفرنا قبورنا بانفسنا وفتحنا باب الفتنة “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة”.
ان مراحل الانهيار الكبير بدات قبل حوالي سبعة عقود ونصف عندما احتلت فلسطين. ثم جاءت المرحلة الثانية من العراق عندما غزى النظام العراقي الكويت. ذلك الغزو الذي تحول الى فخ خلق شرخا واسعا بين الدول العربية والاسلامية. وكان تمهيدا من قبل القوى الصليبية لغزوه فيما بعد. بهدف وضع مشروع إسرائيل الكبرى قيد التنفيذ.
بدا الحكام العرب يتسابقون بصورة جماعية للمسارعة في ارضاء عدو المسلمين امريكا وإسرائيل. اذ وقفت كل من الكويت والسعودية وغيرها مع العدو الامريكي لفسح المجال ليس لتحرير الكويت. انما لتثبيت اقدام الاستعمار الامريكي المتغطرس في كل المنطقة والذي يخدم الرغبات الصهيونية العنصرية. لقد ساهمت ايران هي الاخرى تسهيل احتلال العراق عندما سمحت لعملاءها الطائفيين العراقيين الانخراط كمرتزقة للغزاة. لقد خانوا بلدهم ودينهم ومذهبهم عندما اصبحوا كابو رغال او حتى ابرهة الحبشي نفسه. لا ينافس الطائفيين العراقيين في الخيانة والغدر سوى قادة بعض الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيونى.
يبدو ان اللعبة الامريكية الصهيونية تسير بسلاسة بعد ان اصبح التضامن الاسلامي في خبر كان. فجاء اليوم دور ضرب ايران. بعد ان اجبرتها الظروف الاعتماد على الولاء الطائفي لانصارها في العراق وسوريا ولبنان واليمن. لقد خان قادة الدول العربية السنية التضامن الاسلامي بعدائها ايران واستبدلوه بالتضامن مع الصهاينة المحتلين والامريكان المجرمين.
لقد بات باس الدول الاسلامية فيما بينها شديد ومرير. بل طال التمزق وحدتها الداخلية ونسيجها الاجتماعي. لقد جعل اغلب القادة العرب من العدو الظالم الصهيوني والامريكي صديق وجعلوا من بعض الدول الاسلامية كايران وتركيا وغزة اعداء لدودين. انه امر يتناقض مع اسس الاسلام “لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المومنين”.
لقد ارتد اولئك القادة نتيجة الاستسلام والركوع للصهاينة والامريكان والاوروبيين. كما ان هذه الخيانات سوف لن تنقذهم او تشفع لهم عندما يقرر حلفاءهم الصهاينة بان دورهم انتهي وينبغي احتلال بلدانهم كما حدث في العراق.
يقول رسول الله حول فطنة المؤمن لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين. لكنه من المقرف والمحزن ان مسلمي اليوم يلدغون مئات المراد من نفس المكان. تركوا امريكا واوربا وإسرائيل تفعل ما تشاء فتخطط لهم نهضتهم وترسم طريقهم السياسي والاقتصادي. لم يدركوا بعد ما يريده الغرب وامريكا بان إسرائيل ستكون لها الكلمة الفصل في المنطقة باسرها.
ان كانت الانظمة الغربية تتمتع بقدر نسبي من الديمقراطية. لكن ديمقراطيتها عنصرية خاصة لشعوبها فقط وفق العنصر واللون والدين. ان ممارسة قيم الحرية والديموقراطية لتلك الانظمة ليست عادلة وتتعامل مع الاخرين بحيادية بغض النظر عن العرق والدين واللون. فنرى استئصال الغرب للشعب البوسني لانه مسلم وظلمه لايران والعراق وغيره لانها دول اسلامية. في حين تقف الدول الاوربية وامريكا مع إسرائيل رغم انها دولة تاسست بطريقة غير شرعية فقتلت وظلمت وهجرت اصحاب البلد الاصليين وقامت باغتيالات وارهاب لا مثيل له منذ اكثر من سبعة عقود. في الوقت الذي تتستر الدول الغربية وتبرر جرائم إسرائيل لاسباب دينية. ذلك الكيان المصطنع إلذي احتل كل فلسطين والجولان السورية واراضي كثيرة من الاردن ومصر ولبنان. وقصفها المفاعل النووي العراقي. نرى ردود الفعل العالمية من ايران التي هي في حالة حرب مع إسرائيل. نرى اليوم بان المكر الاسرائيلي يعمل لاختلاق حادث عرضي بارسال سفينة قرب السواحل الايرانية للتجسس على منشاءات ايران ثم اختلاق حادثة مشكوك في معرفة هوية فاعلها. هنا ينتفض العالم لصالح الدولة المدللة رغم ظلمها وعدم شرعية وجودها ويطالب بالانتقام من ايران. ان ممارسة هذا الظلم يجب ان يوقض الشعوب لنيل حريتها واستقلالها الحقيقي.
ينبغي ان يتذكر الحكام العرب على الدوام قصة الثور الابيض. انها من قصص كليلة ودمنة. اذ يقال ان هناك اسد وثلاث ثيران يتعايشون مع بعضهم. ففي يوم من الايام جاع الاسد واراد ان ياكل واحد من احد الثيران الثلاث. لكنه علم بان مهاجمته له ستكلفه حياته لان الثورين الاخرين سيقتلوه. فما كان منه الا ان استخدم الحيلة والمكر. لقد كان جلد الاسد يميل الى الاحمرار ولون جلود الثيران الثلاثة ابيض واسود واحمر. اجتمع مع الثورين الاسود والاحمر قائلا لهما ان الثور الابيض يشكل خطرا علينا في الغابة لان لونه جذاب وقد يستقطب الاعداء علينا فيجب التخلص منه. قالوا له وبغباء خلصنا منه. فما كان منه الا ان هاجمه وافترسه واكله. بعد فترة من الزمن اشتهى الاسد اكل اللحم. اجتمع الاسد مع الثور ذو البشرة الحمراء قائلا له انا وانت من نفس لون البشرة والثور الاسود يشكل خطرا علينا. هذه المرة ايضا وقع الثور في الفخ وقال للاسد لنتخلص منه اذن. فما كان من الاسد الا ان وثب عليه وافترسه واكله. بعد فترة قصيرة جاء دور الثور الاحمر فقال له الاسد جاء اليوم دورك حيث ستكون فريستي. قال له الثور ذلك الثور دعني اقول شيئا. قال قل ما بدى لك. فصاح الثور مرددا مرات عديدة اكلت يوم اكل الثور الابيض.
يظهر ان مصير الدول العربية مع امريكا لن يختلف عن مصير الثور الاحمر وقبله الاسود والأبيض. فمثلما تحسر ذلك الثور بالتفريط بالثورين السابقين. سوف تتحسر بقية الدول العربية لانها فرطت بفلسطين والعراق امام العدوان الصهيوني الامريكي. انه من المؤكد ان السعودية والمغرب وغيرهما ستتحسر وتندم لانها سلمت زمام امورها لامريكا وإسرائيل. لا فائدة بعد الان للندم لان السيطرة الكلية على الدول العربية ليست الا مسالة وقت. بعد ان سمحنا للاغراب غزونا في عقر دارنا.
د. نصيف الجبوري
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here