«جمهور بالإكراه».. كيف تكسب الميليشيات الأصوات الانتخابية في العراق؟

صعّدت الفصائل المسلحة في العراق، نشاطها الدعائي مع انطلاق الحملات الانتخابية، استعداداً لاقتراع العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، فيما تحدث سياسيون عراقيون ومصادر مطلعة، عن ضغط يتعرض له الناخبون، للتصويت باتجاه معين.

ورغم وجودها المكثف في المحافظات الجنوبية، فإن الفصائل المسلحة دفعت بممثليها السياسيين في المحافظات الغربية من البلاد، مثل صلاح الدين ونينوى، فضلاً عن توطيد العلاقات مع مرشحين عن محافظة الأنبار غربي البلاد، حيث تتمتع كتائب حزب الله بسطوة كبيرة، بسبب أهمية المدينة لإيران، حيث تربط بغداد بدمشق.

وارتكز خطاب تلك المجموعات على قتالها ضد تنظيم داعش، فضلاً عن اعتماد الخطاب الطائفي والمناطقي لجذب الجماهير، بالإضافة إلى استخدام طرق أخرى، مثل الإكراه والتلويح بالقوة والتضييق على الناخبين وحتى المرشحين المنافسين.

تهديد المواطنين

وقال رئيس تحالف ‹الفتح› هادي العامري في تجمع انتخابي بمنطقة الجادرية وسط بغداد، وهو يطلق الحملة الدعائية للجناح السياسي للميليشيات المسلحة: «نحن نحمي العراق بأرواحنا وما قوافل الشهداء التي قدمها أبناء الحشد وجحافل المقاومة إلا دليل قاطع على صدق ما نقول».

وأضاف «نحن في استعداد دائم للدفاع عن الوطن أمام أية محاولة للنيل منه أو الإضرار بتجربته الديمقراطية التي سقيناها بدماء الشهداء».

وإذا كانت تلك المجموعات لديها مؤيدين في بغداد والمحافظات الجنوبية، فإن الحال يختلف في محافظة صلاح الدين، ونينوى، حيث تستحصل الفصائل تعهدات من الناخبين في تلك المدن، باختيار ممثليهم الذين ترشحوا في أغلب الدوائر الانتخابية، فضلاً عن التضييق ومنع الحملات الانتخابية للمرشحين المنافسين.

أحمد الجبوري، رئيس حزب الجماهير، (من أكبر الأحزاب في صلاح الدين)، وعلى رغم علاقته الوطيدة بالمجموعات المسلحة، فإنه هاجم سلوك الميليشيات في المحافظة، وأكد أنها تمارس تهديدات على المواطنين.

وقال الجبوري في تصريح متلفز، إنه «لا يمكن لأحد خلال الانتخابات تعليق صورة، حيث قامت عصائب أهل الحق بجمع استمارات وتدوين رقم البطاقة وأسماء الأشخاص»، مشيراً إلى «وجود جماهير بقناعة، لكن هناك جماهير أخرى بالتهديد».

وطالب الجبوري، الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، بـ «جمع 50 شخصاً من سكان مدينة يثرب، بشرط منحهم الأمان، وسؤالهم عن أحوالهم، ليتحدثوا له بحقيقة ما يجري هناك».

مطالبات بسحب الميليشيات

نائب في البرلمان العراقي من مدينة تكريت، تحدث عن «وجود نشاط واضح للمجموعات المسلحة داخل المدينة، بهدف استقطاب الناشطين والمواطنين الناخبين، من خلال الإكراه والتهديد والتلويح بالقوة، والتضييق أحياناً على مصادر الرزق، أو الحد من ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، حيث وردتنا مئات الشكاوى من مناطق يثرب وبلد والدجيل، عن أخذ التعهدات بالتصويت لمرشح معين، وفق ما تريد تلك المجموعات».

ويضيف النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن «السباق الانتخابي في تلك المدن يشوبه الصراع، والتنافس غير الشريف، وتغليب لغة السلاح على العقل والمنطق، وهو ما يعمق أزمات تلك المناطق التي كانت تعاني من تنظيم داعش الإرهابي، لكنها سقطت حالياً في براثن المجموعات المسلحة ومشاريعها التوسعية والانتخابية، ما يحتم على رئيس الوزراء سحب تلك الفصائل، وإحلال قوات من الجيش تطبق الخطط الأمنية، دون وجود مشاريع سياسية لها».

وشهدت محافظة صلاح الدين مطلع الشهر الجاري، تفجيراً انتحارياً استهداف مجلس عزاء في مدينة يثرب، مما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 10 أشخاص، وهو ما أثار الشكوك بارتباط هذا الهجوم بالتنافس السياسي، وتدخل المجاميع المسلحة، حسبما ألمح لذلك رئيس حزب الجماهير أحمد الجبوري.

في محافظة نينوى شمالي البلاد، بدا الحال مشابهاً لمحافظة صلاح الدين، رشحت الفصائل المسلّحة أشخاصاً مقرّبين منها في جميع مناطق نينوى، وهذه سابقة سياسية، ففي الانتخابات الماضية كانت هذه الفصائل تكتفي بالمشاركة في مدن ومناطق معينّة في المدينة، وهذا بهدف السيطرة على أكبر قدر ممكن من المقاعد في مجلس النواب.

وينتشر «اللواء 30» من الحشد الشعبي في مناطق سهل نينوى، ويضمّ إلى جانب المكوّن الشبكي، بعضاً من أبناء المكونات المسيحية والإيزيدية، حيث تمثل بعض تلك المناطق خزاناً انتخابياً لممثلي الجماعات المسلحة.

فريسة سهلة

ودفعت تلك الأوضاع ممثلي محافظة نينوى، بعد تحريرها من سيطرة تنظيم داعش، إلى المطالبة بخروج الفصائل المسلّحة الموالية لإيران من المحافظة، واستبدالها بقوات تابعة للحكومة الاتحادية العراقية، مثل الجيش أو الشرطة، إلا أن هذه المطالب لم يتم الاستجابة لها من رؤساء الحكومات العراقية المتعاقبة.

المراقب للشأن السياسي أحمد مولود الزيدي، أكد أن «المجموعات المسلحة أعدت العدة من الناحية السياسية للانتخابات المقبلة، واعتمدت طريقة الترهيب والترغيب بهدف استقطاب الناخبين، خاصة في الدوائر التي يأملون بالحصول فيها على مقاعد انتخابية، مثل تلك البعيدة عن مركز المدينة، حيث ترتفع نسب الفقر وتقل نسب التعليم، إذ تمثل تلك المجتمعات فريسة سهلة للفصائل المسلحة، لإجبارها على الاقتراع لمرشحيها السياسيين».

ويضيف الزيدي في تعليق  أن «محافظة نينوى تمثل الكثير بالنسبة لإيران والفصائل المسلحة القريبة منها في العراق، بسبب الطريق الرابط مع سوريا، وقربها من تركيا وإقليم كوردستان، حيث تطلق تلك المجموعات هجماتها الصاروخية من المناطق المحاذية للإقليم».

ورأى أن «الجناح السياسي للمجموعات المسلحة، ربما يحقق بعض المقاعد في محافظة نينوى».

ويعد تحالف ‹الفتح› الممثل السياسي لأغلب الفصائل المسلحة، حيث تنضوي بداخله (عصائب أهل الحق) و(منظمة بدر) وكتلة (سند) و(تصحيح)، حيث قال القيادي في التحالف أحمد الأسدي خلال تصريح متلفز: «نحن نمثل الجانب السياسي، وفصائل المقاومة تمثل الجانب العسكري، وفق تعدد أدوار ووحدة هدف».

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here