حملات انتقائية لتمزيق صور المرشحين تتجنب بعض القوى السياسية

بغداد/ تميم الحسن

تتصاعد الحملات الانتخابية تدريجيا في الشهر الأخير قبل موعد الاقتراع المقرر إجراؤه في تشرين الأول المقبل، فيما تتزايد بالمقابل حملات تمزيق صور المرشحين.
ويخسر المرشح الواحد بمعدل 8 مليون دينار إذا قرر شخص واحد إتلاف لافتة انتخابية، وهي عملية قد لا تتطلب أكثر من بضع دقائق.

كذلك تقوم البلديات في المدن بإزالة الصور المخالفة للتعليمات الخاصة بطريقة نشر وتوزيع اللوحات الإعلانية للمرشحين.

لكن حملات التمزيق الشعبية والإزالة البلدية ليستا متساويتان، فهناك بعض الشخصيات والقوى السياسية لا تتعرض يافطاتها للتدمير لعدة أسباب.

وتدخل قناعات الجماعات التي تقوم بالتمزيق، وانتماءات بعض مديريات البلديات لبعض الأحزاب، في عملية المفاضلة في إتلاف الصور. كما تخشى بعض الحركات الشعبية، التي بدأت مؤخرا بإطلاق حملات تمزيق صور الترشيح لأسباب مقاطعة الانتخابات، من المساس بمرشحي الفصائل المسلحة خوفا من العقاب. بالمقابل تحذر اللجنة المختصة بحماية الانتخابات من تلك الأفعال، وتفرض غرامات بملايين الدنانير على الفاعلين.

وعلى غرار لجنة مكافحة الدوام، التي تشكلت شعبياً في فترة احتجاجات تشرين بين عامي 2019 و2020، هناك فرق جديدة لتمزيق صور المرشحين.

أساليب المقاطعة

يقول احمد سامي، وهو اسم مستعار لأحد المؤيدين لجماعة تمزيق الصور: “نحن نرفض الانتخابات بسبب الفساد ووجود الجماعات المسلحة، وإتلاف الصور احد وسائل المقاطعة”. وكان 11 تياراً سياسياً من بينهم التيار الصدري الذي عاد مؤخرا إلى الانتخابات، قد أعلن في تموز الماضي، مقاطعته الانتخابات.

ويضيف سامي وهو احد الناشطين في واسط والذي فضل عدم ذكر اسمه الصريح في اتصال مع (المدى)، أن “المرشحين اغلبهم معروفون لأهالي المدينة بالفساد وسوء الإدارة، ولا يمكن أن نقبل أن يكون هؤلاء ممثلين لنا في البرلمان”. ويشارك في الانتخابات أكثر من 3000 مرشح يتنافسون على شغل 329 مقعداً برلمانياً موزعة على 83 دائرة انتخابية.

وكانت دعوات قد انطلقت على منصات التواصل الاجتماعي، لتنفيذ حملة تمزيق صور المرشحين في الناصرية، بابل، واسط، الديوانية، والنجف.

وأمس نشرت صفحات في “فيسبوك” صورا أظهرت مسيرات شباب في الحلة (مركز محافظة بابل) يحتجون على نشر صور المرشحين.

لوحات مزيفة!

وبحسب مصادر سياسية، فان هناك عمليات “تزوير” تجري في لوحات المرشحين، وأن دعاوى منظورة أمام القضاء بهذا الشأن.

المصادر اكدت لـ(المدى) ان “بعض المرشحين يقوم بعمليات تضليل للناخب، حيث يكتبون على اللوحات بأنهم مرشحون مستقلون أو فرديون، لكنهم بالحقيقة ينزلون مع قوائم معروفة”. ووفق المصدر، أن هناك “دعاوى مرفوعة أمام الهيئة القضائية للانتخابات في محكمة التمييز الاتحادية حول عمليات التزوير وإيهام الناخب”. وسمح قانون الانتخابات الجديد الذي يقوم على الدوائر المتعددة والترشيح الفردي، أن يشارك المرشحون بشكل مستقل بعيدا عن الأحزاب والتحالفات. وبحسب المفوضية هناك 789 مرشحا فرديا يخوضون الانتخابات من أصل 3249 مرشحا. ويحق للمرشحين الفرديين بعد ظهور النتائج بحسب المادة 45 من قانون الانتخابات الأخير، أن يندمجوا مع قوى وائتلافات بمجرد أداء اليمين الدستورية في البرلمان.

تكاليف الصور

ويقدر حجم الإنفاق على الدعاية الانتخابية الخاصة بالصور فقط، بنحو 500 مليار دينار لكل المرشحين. بالمقابل كانت الأحزاب قد أنفقت على مجمل الدعاية الانتخابية في 2018، نحو 5 مليارات دولار، ما يعادل الآن أكثر من 7 تريليون دينار.

وتتنوع طرق إتلاف الصور، من تمزيق الصور، أو الكتابة عليها بعبارات ساخرة، أو رشها بألوان. وبحسب مصادر من داخل حملات انتخابية لبعض المرشحين، ان المرشح الواحد ينفق ما يقارب من 8 مليون دينار على تلك اليافطات كحد أدنى. ويقول بعض المسؤولين عن تلك الحملات لـ(المدى) إن “هناك جهدا ووقتا طويلا لتوزيع هذه الصور، لكن يمكن لأي شخص أن يمزق الصورة بدقائق”. وكان المتحدث باسم الأمن الانتخابي العميد غالب العطية ذكر انه تم فرض غرامة مالية قدرها 3 ملايين دينار بحق من يحاول تمزيق صور مرشحي الانتخابات.

وقال العطية في حديث متلفز، إن “اللجنة الأمنية العليا ستتعامل بحزم مع كل شخص يحاول تعكير الانتخابات وهناك تحقيق يجري في محاولة الاعتداءات على المرشحين في قضاء ابو غريب”.

وتابع “وصلتنا شكاوى من الانبار بخصوص التنافس الانتخابي وشكلنا لجنة تحقيقية وأصدرنا تعليمات بتبليغنا عند إقامة أي تجمع انتخابي لتوفير الأمن لهم”.

وبدلاً عن الصور، كان بعض المرشحين قد لجأوا إلى مواقع التواصل الاجتماعي للترويج عن الحملات الانتخابية، لمنع التلف وتقليص النفقات.

وأنشئت خلال الشهرين الماضيين آلاف الصفحات على تلك المواقع لدعم المرشحين، كما تحولت عدة صفحات وحسابات الكترونية إلى التثقيف الانتخابي، من بينها صفحات كانت خاصة بوصفات الطبخ والسياحة.

كما تحولت بعض الصفحات المعروفة لنواب إلى صفحات باسم “دعم المرشح…” و”أنصار المرشح…” لإبعاد أية علاقة للمرشح بتلك الصفحات.

محاذير إتلاف اليافطات

لكن عمليات إتلاف صور ولوحات المرشحين ليست متساوية، حيث بعض اليافطات لم تتعرض للتمزيق لأسباب سياسية وأخرى تتعلق بانتماء بعض المسؤولين المحليين القائمين على مراقبة أماكن نشر اللوحات الانتخابية.. وقامت دوائر البلدية في بعض المدن بحملات إزالة اللوحات بسبب التجاوز، لكن وبحسب بعض منظمي حملات المرشحين: “لم تكن الإزالة عادلة لانتماء بعض المسؤولين في تلك الدوائر إلى بعض المرشحين والتيارات السياسية”.

وحددت مفوضية الانتخابات، الثلاثاء الماضي، ضوابط الحملة الانتخابية للمرشحين، بعدة نقاط أبرزها: عدم لصق أي إعلان انتخابي على الجدران في عموم العاصمة بغداد باستخدام الصمغ أو الغراء.

عدم تثبيت لوحات الدعاية الانتخابية للمرشحين والأحزاب السياسية على قطع الدلالة المرورية للطرق العامة.

عدم تثبيت لوحات الدعاية الانتخابية في الحدائق العامة والجزرات الوسطية للشوارع والأرصفة باستخدام مادة الاسمنت.

عدم استخدام جدران ومباني الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات والجوامع والحسينيات والأماكن المقدسة والجسور والأماكن التراثية والأثرية والنصب والتماثيل لنشر إعلانات الأحزاب والمرشحين ضمن الحملة الانتخابية.

وقالت المفوضية في بيان انه “في حالة وضع وسائل الدعاية الانتخابية بشكل مخالف لما ورد أعلاه يتم توثيق المخالفة من قبل كوادر الدوائر البلدية وتتم إزالتها فورا”.

كما أكدت على فرض الغرامات المالية بحق المرشحين والأحزاب السياسية والتحالفات المخالفة وفقا لأحكام القرارات والقوانين البلدية. وكانت حملة احد المرشحين عن بغداد، قالت إن بعض اللوحات في العاصمة قد تعرضت للتلف دون الأخريات.

وأكدت حملة المرشح محمد الدليمي عن تحالف “عزم” الذي يقوده خميس الخنجر: “عندما تعلق صور المرشحين والدعاية الانتخابية في الشارع وضمن الأماكن المخصصة ينبغي على المرشحين احترام بعضهم البعض والتنافس بأخلاقٍ وشرف”..

وأضافت في بيان: “لكن ما شهدناه لا يدل على أية منافسة ولا شرف، فقد تم التعمد برمي الطلاء اسود اللون على صور دعايتنا الانتخابية في الأماكن التي وضعت فيها دوناً عن الجميع”.

وأشارت، إلى “تمزيق بعض الصور بطريقة من الواضح والجليّ أنها متعمدة ومقصودة ولا تصدر إلا من جهات خاسرة يائسة من الفوز”. كذلك كانت بعض الأطراف في كركوك قد أشارت في تصريحات، الى أن صور القوى السياسية الكردية قد تعرضت للتمزيق، بينما اللوحات القريبة منها والتابعة للتيارات العربية لم تتعرض للتلف.

ويقول منظمو حملات احد المرشحين في الجنوب لـ(المدى) ان “بعض حملات التشويه والتمزيق لا تتعرض لمرشحي الفصائل المسلحة خوفا من انتقام ذلك الفصيل من الفاعلين”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here