* د. رضا العطار
كان ابونؤاس يستطيب دنيا الطرب و كل ما فيها من مرح ونشوة وقصف تجعله خفيف الروح متدفق الشاعرية يلتقي مع الخلعاء من اصحابه يمضي بهم الى سوق الكرخ في بغداد يستمتعون بالوقت في مساجلات ادبية يتذاكرون ضروبا من الشعر,
هذا العرض العابر من شعر ابي نؤاس هو وحده يحرك الأمانة العلمية وروح الموضوعية ان تحفز اصحاب التراث والمتخصصين فيه كي يرجعوا الى النصوص الحية للأرتفاع الى قمم تلك العوالم, فشأن مطالعة الدواوين شأن الذين تستهويهم المتاحف . فالأستعراض في كليهما اشبه بالكشف عن الحضارات.
اما منزلة ابي نؤاس فأوسع من ان تحدد في سطور لكننا ونحن نسوق ابرز آراء النقاد فيه نتلمّس مواطن عبقرية الشاعر واسباب خلود شاعريته.
قال ابو عبيدة : ذهبت اليمنُ بجيد الشعر لأمرؤ القيس في قديمه. و ذهب ابونؤاس بحداثته الذي فتح بها الفطن ودلّ على المعاني وارشد الى الطريق .
وقال عبيد الله بن محمد : من طلب الأدب ولم يقرأ شعر ابي نؤاس فهو ليس بأديب .
وقال الصولي : اذا رأيت الرجل يحفظ شعر ابي نؤاس اعلم ان ذلك عنوان ادبه ورائد ظرفه .
استلم ابو نؤاس لواء شعر المجون ورفعه عاليا بعد ان أضاف الى كشكوله جميع منتوجات الأخطل والأعشى وكل شعراء المجون . ثم طور في معانيه واعطاها بعدا اعمق متجاوزا عالمه الحسي , مستخرجا دقائقها بعد ان بعث فيها الحياة والبسها اردية جديدة انتزعها من خياله الخصب والواقع المتنوع الذي ينم عن سمات الحياة في القرن الثاني للهجرة. .
وكأس كمصباح السماء شربتها * * * على قبلة او موعد بلقاء
اتت دونها الايام حتى كأنها * * * تساقط نورِ من فتوق سماء
ترى ضوءها من ظاهر الكأس ساطعا * * * عليك وان غطيتها بغطاء
واضاف :
هي العروس اذا داريت مزجتها * * * وان عنفتَ عليها اخت شيطان
وقال :
ذخرت لأدم قبل خلقته * * * تعير قلبك حُلّة السراء
وقال :
دارت على فتية دان الزمان لهم * * * فما يصيبهم الاّ بما شاؤوا
وقال :
جاءت كشمس ضحى في يوم أسعدها * * * من برج لهو الى آفاق سَرّاء
المصادر :
1 – ديوان ابي نؤاس لمحققه غريغور شول المجلد الاول والرابع بيروت 1994
2 – ديوان ابي نؤاس لمحققه ايفالد فاغنر المجلد الثاني والثالث بيروت 1994
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط