بوادر ازدهار “دويلة داعشستان”.. ورهان على دعم أمريكي للكورد

خلص تقرير لصحيفة “جيروزاليم بوست” الاسرائيلية الى ان استمرار احتجاز الالاف من مقاتلي داعش في السجون، قد يؤدي الى تكرار ظاهرة محاولات تهريبهم من جانب التنظيم، ما لم تقم دولهم الاصلية باستعادتهم من العراق وسوريا، فيما قد تزدهر “دويلة داعشستان” على حدود البلدين، اذا لم تواصل واشنطن تقديم دعمها الحازم للكورد.

واستندت الصحيفة في تقريرها إلى الهجوم الكبير على سجن غويران في مدينة الحسكة السورية، حيث هاجم اكثر من 100 مسلح السجن مستخدمين اسلحة رشاشة ثقيلة وعربات مفخخة لاقتحام بوابات السجن الخميس الماضي، من اجل تحرير السجناء ورفع معنويات مقاتلي داعش والمتعاطفين معهم في العراق وسوريا.

واعتبرت الصحيفة الاسرائيلية ان هذا الهجوم تحول الى المعركة الاكثر عنفا منذ سنوات بين تنظيم داعش وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، وشاركت فيها خلايا نائمة وانتحاريين الى جانب اندلاع اعمال شغب داخل السجن نفسه.

ونقل التقرير عن المدير التنفيذي لمركز البحث “دير الزور 24” للبحث والتحليل عمر ابو ليلى، المتحدث السابق باسم الجيش السوري الحر، قوله انه جرى التخطيط وتنظيم الهجوم واعمال الشغب داخل السجن، وتم اختيار التوقيت بناء على احوال الطقس. كما ان بعض المسلحين المهاجمين تنكروا بارتداء الزي العسكري لقوات سوريا الديمقراطية.

وذكر التقرير بان سجن غويران يعتبر الاكبر من بين عشرات المنشآت التي تديرها القوات الكوردية المدعومة من الولايات المتحد، وهو يضم عدة الاف من السجناء، بينهم كبار قادة داعش وشخصيات متطرفة اخرى. ونقل عن تغريدة للمتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي قوله ان 17 مقاتلا كورديا قتلوا واصيب 23 اخرون، الى جانب عشرات من داعش في حين لم يعرف عدد نزلاء السجون الذين تمكنوا من الهروب.

ولكن لقطات مصورة اظهرت عشرات من السجناء الذين اعيد اعتقالهم كما تم العثور على اعلام وازياء داعش في المنطقة التي دارت فيها الاشتباكات بين التنظيم وقوات سوريا الديمقراطية، في حين تبنى التنظيم المسؤولية عن اختراق سجن غويران عبر موقع “اعماق” الاعلامي التابع له، حيث تحدث عن اطلاق سراح 800 سجين.

الا ان التقرير نقل عن المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية نفيه هذه الادعاءات، مشيرا الى انه من المستحيل ان يتمكن 800 شخص من مغادرة المنطقة من دون ان يتم رصدهم وتتبعهم من جانب المقاتلين الكورد.

وبالاضافة الى سجن غويران، تحدث التقرير عن الهجوم الذي شنه مسلحو داعش على نقطة للجيش العراقي واوقع 11 قتيلا من الجنود يوم الجمعة الماضي، في حين قام العراق بتشديد الاجراءات الامنية على الحدود مع سوريا، فيما غرد الرئيس العراقي برهم صالح قائلا: انه “لا يمكن الاستخفاف بمحاولات احياء الارهاب في المنطقة”.

ولهذا، يتساءل الخبراء كما يقول التقرير، عما اذا كانت معركة سجن غويران هي بمثابة مؤشر على ان هذا التنظيم الارهابي الذي تمكن من السيطرة على مساحات شاسعة من الاراضي في سوريا والعراق في العام 2014 ، يسير في طريق اعادة تأهيل نفسه وسيشكل تهديدا لكلا البلدين مجددا.

ونقل التقرير عن ابو ليلى قوله انه برغم كثرة الدول التي اعلنت الانتصار على داعش، الا ان التنظيم ما زال يتمتع بالقوة في سوريا وتتبع له العديد من الخلايا النائمة المنتشرة في انحاء البلد، مضيفا انه “يجب ان نتذكر ان ايران تعمل على دفع داعش الى المنطقة الواقعة تحت سيطرة امريكا”.

كما نقل عن المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية اشارته الى انه بالاضافة الى القتلى السوريين بين المهاجمين، كان هناك مقاتلون اجانب ايضا.

وبحسب ابو ليلى فان الالاف من الاجانب، بينهم نساء واطفال، محتجزون في سجون تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، ويعتقد ان هذا الوضع هو بمثابة وصفة لكارثة.

واعتبر ابو ليلى ان “قضية سجناء داعش ما زالت صعبة، ومن الصعب ان تحتوى. كما ان الادارة الكوردية تعتمد عليها كورقة سياسية لكسب تاييد عالمي وانشاء محكمة دولية، وهو تكتيك لم يكن مفيدا دائما للادارة”.

واشار الى ان انه برغم ان التحالف الدولي قام بتزويد قوات سوريا الديمقراطية بمعدات لوجستية وطوافات لحراسة السجون، الا ان البنية الهشة للسجون، لا تتيح توفير سيطرة آمنة على هذا العدد الكبير من السجناء الخطرين، موضحا ان خمس محاولات شغب وهروب من السجون وقعت خلال العام 2021، الا ان الهجوم الحالي على سجن غويران كان الاسوا.

ولهذا، اعتبر ابو ليلى ان “6 محاولات خلال اقل من عام، تطرح التساؤل عن مدى جدية التحالف وقوات سوريا الديمقراطية في تامين السجن بشكل جيد”.

وبحسب الناشط في جمعية الخوذات البيضاء اسعد حنا فان “السلطات المحلية في شمال شرق سوريا تتهم كل معارضة عربية لهم، بانهم من داعش. الواقع هو ان قوات سوريا الديمقراطية ليست قادرة على احتجازهم (اسرى داعش) هناك لفترة طويلة، ويتحتم على الدول التي كانوا مواطنين فيها، التعامل معهم بشكل مهني. ان وضعهم في ذلك السجن بموجب ميزانية سنوية قد يتم اقتطاعها في اي لحظة (يعني ان الحراس لن يعودوا موجودين هناك) لن ينجح”.

ونقل التقرير عن مدير مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الاوسط وافريقيا البروفيسور عوزي ربيع اشارته الى التوتر بين الكورد وبين العشائر العربية على طرفي الحدود العراقية-السورية، موضحا “التوتر هائل وداعش يكتسب القوة، وما زال هناك العديد من الاماكن حيث بامكانه الحصول على الذخيرة والمعلومات الاستخباراتية والدعم”.

وخلص الى القول ان ذلك “يبدو كافيا لتحويل داعش الى حقيقة لا يمكن انكارها على الارض”.

كما اعرب عن اعتقاده ان الوضع في العراق هو في الواقع اسوا مما هو عليه في سوريا بسبب وجود “جنود صدام”، وهم عناصر سنية عربية كانوا يتمتعون بالسلطة في عهد صدام حسين وعلى استعداد لمحاربة الحكم الشيعي في العراق مهما كان الثمن، سواء الى جانب داعش او مع جهة اخرى.

اما مستشار الشرق الاوسط في الجمعية الدولية للشعوب المهددة ومقرها المانيا، الدكتور سيدو، فيعتبر انه في ظل غياب الدعم الامريكي القوي للكورد، فقد تصبح هناك زيادة في عدد العشائر العربية في شمال شرق سوريا التي ستؤيد داعش.

واوضح سيدو انه “اذا استمر الامريكيون في دعم الكورد بشكل حازم، فسيحاول العرب اصلاح العلاقات مع الكورد. واذا راوا موقفا ضعيفا وغير محدد (من جانب الاميركيين تجاه الكورد)، فقد يختارون داعش. ما زلت امل ان يدعم الامريكيون الكورد في قتالهم ضد داعش”.

واشار الى انه منذ القضاء على خلافة داعش، فقد لجأ التنظيم الى استراتيجية مختلفة تتمثل في شن حرب عصابات ضد قوات سوريا الديمقراطية والقوات العسكرية للعراق وسوريا، عوضا عن محاولة استعادة السيطرة على الاراضي.

لكن سيدو يحذر من انه بالنظر الى ضعف سوريا والعراق، فان “داعشستان”، تشهد ازدهارا في المنطقة الحدودية بين البلدين.

اما ابو ليلى فانه يحذر من تكرار عمليات الهروب من السجون اذا لم تعيد الدول الاجنبية مواطنيها الذين قاتلوا مع داعش ولم تتحسن صيانة مباني السجون.

وختم التقرير بالقول ان العديد من الزعماء الاجانب احتفلوا بالنصر على داعش قبل سنوات، وبرغم ذلك، لا تزال الايديولوجية المدمرة حية، ولا يوجد اي غياب في شمال شرق سوريا المضطرب وكذلك في المحافظات السنية في العراق، لهؤلاء الذين هم على استعداد لرفع الرايات السوداء لهذا التنظيم القاتل مجددا”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here