شبح «سقوط عبد المهدي» يلاحق تشكيل الحكومة الجديدة

بغداد/ تميم الحسن

يسيطر شبح سقوط حكومة عادل عبد المهدي قبل عامين على اغلب النقاشات، التي تدور خلف الكواليس، بين القوى السياسية للخروج من الازمة الحالية.

وتذهب أغلب آراء التيارات السياسية إلى ان مشروع الشراكة الواسعة، وهو مصطلح باتت تتبناه مؤخرا جماعة «الإطار التنسيقي» بدلا عن «التوافقية»، سيوصلنا الى الصدام مع الشعب.

وتبدو حالة «الانكماش السياسي» التي بدأت من الانتخابات المبكرة الاخيرة، قد وصلت الى اعقد الحلقات، وتوقف الجميع عن تقديم المبادرات والمقترحات، او حتى «التغريدات».

ووصل عدد المبادرات من قوى داخل وخارج الازمة ومن المستقلين الى 13 مبادرة، فيما تنتظر مبادرات اخرى قادمة في الطريق.

وتوقف تقدم تشكيل الحكومة عند عقدة اختيار رئيس الجمهورية، وبروز ما صار يعرف بـ «الثلث المعطل»، وفقاً للتفسير الشهير للمحكمة الاتحادية عن نصاب انتخاب «الرئيس».

وتفيد المداولات بين القوى السياسية بان الجميع بات في «مفترق طرق» حول شكل الحكومة المقبلة، والخشية من اثارة الشارع مرة اخرى.

مصادر مطلعة على تلك المداولات تحدثت لـ(المدى) عن ان «أكثر الاسباب التي تشطر آراء القوى السياسية بين تشكيل حكومة توافقية او أغلبية هو ما جرى في تظاهرات تشرين».

وتشير هذه المصادر الى ان المؤيدين لمشروع «الاغلبية السياسية» الذي يدافع عنه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يعتقدون انه «المشروع الاقرب لمطالب الشارع».

وتضيف: أن «المجموعة الاخيرة ترى ان ما يطرحه الإطار التنسيقي أصبح خارج التاريخ، ولن يغامر أحد بتكرار تجربة حكومة عبد المهدي».

الخشية من اثارة الشارع كما حدث في 2019، ثم سقوط الحكومة، هو ما يدفع القوى السياسية الى «مشروع الصدر»، كما تتحدث المصادر.

وتشدد المصادر، على أن «لا أحد من حلفاء زعيم التيار يرغب بتشكيل حكومة لا تستمر أكثر من 6 أشهر، إذا كانت بنفس طريقة تشكيل الحكومات السابقة».

وكان زعيم التيار، قد اعترف في منتصف ايار الحالي، بانه لم يستطع تشكيل الحكومة بسبب «الثلث المعطل»، لذا قرر الذهاب الى المعارضة لمدة لا تقل عن الشهر.

وبحسب ما فهم من «تغريدة الصدر» الاخيرة، بانه سوف يبقى في إطار المعارضة إذا استطاع غريمه «الإطار التنسيقي» تشكيل الحكومة.

لكن الطرف الاخر حتى الان لم يتقدم خطوة واحدة باتجاه تشكيل حكومة جديدة، ويعول على المبادرات الخارجية، وانتهاء مهلة الـ «30 يوماً» الاخيرة.

وبحسب أوساط «التنسيقي»، فان الأخير بات متأكداً من ان اي تغيير جديد على ساحة الازمة السياسية لن يحدث حتى بعد منتصف حزيران المقبل على الأقل.

ويقول رسول ابو حسنة، وهو نائب سابق عن حزب الدعوة لـ (المدى)، «على الارجح لن تتشكل حكومة جديدة بدون اتفاق بين الصدريين والإطار التنسيقي».

ويعقد ابو حسنة املاً ضعيفاً على ذهاب «الصدر» الى المعارضة بشكل كلي، ويضيف: «في تلك الحالة ربما تتشكل الحكومة من الإطار وبقية القوى السياسية».

وبات «التنسيقي» في الآونة الاخيرة يخفف من مطالبته بحكومة «التوافقية» بسبب رد فعل الشارع الرافض لذلك المصطلح والذي يذكر بالحكومات السابقة، وعوضاً عن ذلك بات يستخدم كلمة «حكومة موسعة» وهو مصطلح أطلقه زعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم.

ويظن جناح من «الإطاريين» ان مصطلح «حكومة موسعة» سيكون مخرجاً للأزمة وهو حالة متوسطة بين حكومتي «التوافق والاغلبية»، حيث ستجنب التيار الصدري حرج ضم قوى شيعية اخرى الى حكومة الاغلبية التي يدعوها لها دون المساس بأصل المشروع.

ويقف الإطار التنسيقي على اعتاب إطلاق مبادرة جديدة، قد ترضي بحسب بعض التسريبات، الصدريين، لكن بشروط تبدو صعبة التحقق.

ويشترط الصدريون، بحسب ما يتم تسريبه، انه في حال القبول بتشكيل حكومة مؤقتة تمهد لإجراء انتخابات جديدة، يجب ان تكون «حكومة اغلبية سياسية وتستبعد نوري المالكي رئيس الوزراء الاسبق، وقيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق».

وجزء من هذه الشروط خصوصا المتعلقة بـ «الممنوعين» من قبل زعيم التيار، قد تعيد الامور الى المربع الأول، حيث رفض «التنسيقي» أكثر من مرة التخلي عن المالكي او أحد تشكيلات التكتل الشيعي.

ويعتقد بحسب ما يتداول في الكواليس، ان طهران وبدفع من المالكي، هي من تقف في كل مرة ضد اية محاولات «انشقاق» داخل الكتلة.

ومؤخرا، كشفت بعض الاجنحة داخل الإطار التنسيقي لـ(المدى) بان هناك اقتراحات لم تصل بعد الى مرحلة المبادرة، في تشكيل «حكومة مؤقتة برئاسة مصطفى الكاظمي ترتب لانتخابات خلال عام» في حل اخير للازمة من وجهة نظر «الإطاريين».

ويتعلق نضوج هذه الاقتراحات بتطورات حدثت مؤخراً بين الحزبين الكرديين، الديمقراطي والاتحاد الوطني، حيث هناك تسريبات باحتمال تقديم مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي، مبادرة جديدة.

ويفضل «التنسيقي» الانتظار حتى صدور شكل نهائي للمفاوضات التي تجري بين الحزبين وتطورات ما سيحدث، قبل ان يبادر هو بطرح الورقة الاخيرة.

وحتى الان، فان الحزبين شكلا لجاناً للتفاوض لحل المشاكل بين الطرفين، فيما لم تتطرق المفاوضات الاخيرة الى ازمة تشكيل الحكومة حتى الان.

وفي هذا الإطار أكد عرفات كرم، وهو أحد مستشاري زعيم الحزب الديمقراطي، ان الاخير حاول التواصل منذ بداية الازمة مع كل القوى السياسية الفائزة وغير الفائزة.

وقال كرم بحسب وسائل اعلام كردية: «المشكلة ليست مشكلة إسناد رئاسة الجمهورية لمرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، بل المشكلة بالنسبة للطرف الآخر تبدأ بعد انتخاب رئيس الجمهورية».

وأوضح كرم وهو نائب سابق، أن «الإطار التنسيقي يرى أن التيار الصدري بصفته طرفاً شيعياً، يشكل أقلية في تحالف إنقاذ وطن، ويعتقد أن هذا يشكل خطراً على المكون الشيعي، ولو دققنا في بياناتهم نجدهم يشددون على أن المذهب في خطر، وأن حقوق المكون في خطر، لهذا يريدون تشكيل الكتلة الأكبر».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here