مادة الإنشاء المدرسية ” أكتب انطباعاتك عن الفيس “

مادة الإنشاء المدرسية ” أكتب انطباعاتك عن الفيس ”

بقلم مهدي قاسم

حسنا أيها الطلبة.. الهدوء رجاء !..
قال المدرس مخاطبا إياهم وهو يصفق بيده للفت الانتباه ، بعدما هدأوا تماما أضاف :
ــ ستكون مادة الإنشاء في هذه المرة عن موضوع ” أكتب انطباعاتك عن صداقاتك الفيسبوكية ” ، كما ـــ هنا علّت أصوات قاطعته بنبرة حماسية ..مشجعة ..مستحسنة ــ : موضوع جميل ..موضوع مهم ..موضوع العصر مو….
ــ حسنا .. شكرا .. ممتاز هذا الدعم الجماعي للفكرة …ولكن الآن .. الهدوء رجاء …..
.. ــ كرر المدرس مبتسما وراضيا عن حماس طلبته ــ دعوني أكمّل .. أقول ..كما تعلمون أن شبكة الفضاء الأزرق ، و عموما ، صفحات التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها و أصنافها قد باتت ــ أن شئنا أم أبينا ــ جزءِ ملازمِا لحياتنا اليومية ، بالطبع ، بكل تأثيراتها الإيجابية والسلبية على حد سواء .. فليكتب كل واحدة ،واحدا منكم حسب انطباعاته و تجاربه حتى لو كانت مفرحة أو مخيبّة .. و يجب أن تكون مادة الإنشاء هذه جاهزة في الأسبوع القادم ..أوكييي ..
******
بعدما جرت عملية تسليم المواد لفتت أنظار المدرس كتابات تالية :
ــ” أحيانا أكتب في صفحتي مخاطبا صديقاتي و أصدقائي : أنتِ أو أنت يا من هناك متلفّعا بعتمة ظلالك وبصمتك المتربص .. أعطس قليلا حتى أراك .. ناهيك عن أسمعك !.. حتى أشعر بعمق و دفء صداقتكم الحقة و ليست الشكلية والناشفة ..
****
بينما الطالب الثاني كتب أنه :
كلما زاد عدد صديقاتك و أصدقائك الفبيسبوكيين ارتفاعا عاليا وملحوظا
كلما تعمّق شعورك بعزلتك الشاهقة بعدا و علوا .. كأنك الغريب الأوحد في وسط هذا الرهط الكبير من صديقات و أصدقاء !..
ولكن عليك أن لا تستغرب ولا تندهش من ذلك ، لإحساسك بأن أغلب هؤلاء واللواتي ليسوا في حقيقة الأمر صديقاتك أو أصدقائك بمعنى الكلمة ، بقدر ما هم يبدون و كأنهم أعضاء في ناد اجتماعي لترفيه و تسلية أو لاستعراض نرجسي يصل أحيانا لحد عبادة ذات !..
ثم يسأل الطالب معترضا :
ــ فلماذا لا تستخدم إدارة الفيس تسمية أعضاء نادي فيسبوكي بدلا من صداقة فيسبوكية ؟ ..
هنا يعلق المدرس بين نفسه : يبدو لي السؤال ذكيا و مشروعا ..
***
بينما كتبت طالبة بنبرة كلها أسف وخيبة ولوم أنه :
ــ ما لفت نظري إنه بمجرد أن أعلق على منشور ما لأحد الأصدقاء قد يعجبني ، بتعليق لطيف أو إطراء جميل ، حتى سرعان ما يدخل صاحب المنشور على الخاص ليغازلني ، دون أن يفهم أن إعجابي بمنشوره لا يعني قطعا إعجابي بشخصه أيضا .. وقد كُررت معي هذه الحالة لمرات عديدة إلى درجة بطلتُ التعليق نهائيا ..
ثم تضيف الطالبة المخذولة بشكوى مريرة : لماذا يحرمنا هؤلاء البعض من تفاعل و مشاركة في التعبير عن آرائنا نحن البنات و النساء عموما ؟ ..
***
أما الطالب الثالث فكتب عن انطباعه الفيسبوكي التالي :
ــ الذي أدهشني حقا هو : كيف أصبح الهراء وضروب الهذيان والثرثرة الفضفاضة المنطلقة على عواهنها ” فنا ” قائما بذاته ، له هواته ومشجعيه وفي تزايد متواصل ومرتفع ، و فوق ذلك ، وليست بأعداد قليلة !..
كتب المدرس معلقا : ملاحظة ثاقبة و حصيفة فيها نسبة لا بأس بها من صحة و حقيقة مريرة ومؤسفة ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here