مافيا بالة كبيركم خرف ( مارد, قمقم, ملائكة ) وصغيركم قاتل ذيل لايران ولامناص من كنسكم !!!

د. كرار حيدر الموسوي 
Inline image

تشهد العديد من الدول العربية مظاهرات شعبية عارمة وتغييرات كبرى في البني السياسية التقليدية للمجتمع العربي التي أدت لهيمنة دولة الفساد على الأمة العربية طيلة عقود طويلة امتدت منذ استقلال هذه الدول إلى اليوم. لقد أدت دولة الاستقلال مع مرور الزمن ومع سيطرة نظام الحزب الواحد والزعيم الأوحد إلى نشوء طبقة سياسية وفكرية ونخب ثقافية فاسدة سيطرت على كل مفاصل الدولة والمجتمع وكل المؤسسات الإعلامية والثقافية وكرست ثقافة تمجيد الفساد حتى تحول الفاسدين لرموز للنجاح الاجتماعي وأصبحت كل مظاهر الفساد من نهب للمال العام والرشوة والمحسوبية مظاهر عادية يمارسها الكل ضد الكل، بل وصل الأمر لحد توريث الفساد عبر توريث السلطة وأصبح المجتمع خارج دورة الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وهمش أبناء الشعب وأدخلوا دورة النسيان.

ولكن اليوم ومع الحركة الاحتجاجية التي تشهدها العديد من الدول العربية بأشكال مختلفة يبدو أن نور الأمل قد عاد للضياء من جديد مبشرا بنهاية زمن دولة الفساد وانطلاق حركة التحرر التاريخي الواعي من هيمنة الفاسدين على الفضاء العام ورد الاعتبار لقيم الدولة العادلة والقوية والراعية لكل مواطنيها. إن ما حدث في تونس عبر صندوق الاقتراع خاصة في الانتخابات الرئاسية هو ثورة كاملة عبر الصناديق ضد دولة الفساد ورموزها التي كنست كنسا عبر مكنسة الصندوق. لقد ألهمت هذه الثورة الناعمة بقية شعوب المنطقة للتحرك ضد الفاسدين وبينت أنه حان الوقت لتحرير قدرات الأمة.

تبدو قيامة الشعب اللبناني اليوم بعيدا عن الطائفية وعلى أنقاضها إعادة لروح الدولة اللبنانية التي هي في الأصل دولة مواطنين وليست دولة طوائف ولكن بارونات الحرب الأهلية استغلوا الانتماء الطائفي لتكريس هيمنتهم

هذا التحرر إن لم تتحرك لفرضه الشعوب لن يقوم به أحد خاصة مع تحالف النخب الثقافية والإعلامية مع الفاسدين ودفاعهم المستميت عن دولة الفساد التي تحولت إلى دولة راعية لهذه النخب الفاسدة التي تخلت عن دورها في بناء العقل وأصبح كل همها جمع الثروات على حساب كرامة الشعوب وأصبحت تتاجر في كل شيء حتى في الدين الذي أصبح تجارة رابحة تدر على هؤلاء ملايين الدولارات. لقد أثرت النخب على حساب كرامة الشعوب وأصبحت أداة تبرير لكل مظاهر الفساد بل أصبحت شريكا فاعلا فيها. حتى وصل بها الأمر لتبرير الحط من الكرامة الإنسانية والمس من الحقوق الأساسية للإنسان وتبرير كل أشكال التعذيب والاعتداء والاخفاء القسري التي تقوم بها دولة الفساد والاستبداد في حق شعوبها.

لقد أقامت تلك النخب الفاسدة الندوات والمؤتمرات وعشرات البرامج التلفزية والإذاعية وآلاف الأشرطة للدفاع عن الاستبداد وتزويقه في الداخل والخارج وتصوير كل معارضيه كإرهابيين وكافرين وملحدين. لقد أصبح هؤلاء شركاء في نهب المال العام والدعاية للرشوة والمحسوبية وغيرها من مظاهر الدولة الفاسدة في المجتمع العربي والإسلامي. إن ثورة الشعوب ضد الفساد وما جوبهت به من قمع مفرط خاصة في العراق تأكد التحالف القائم بين دعاة الطائفية والفاسدين خدمة لمصالح مشتركة في نهب المال العام. فهذا التحالف تمثل دولة المواطنة خطر يهدد كيانه ومصالحه ولذلك فهو مستعد لتدمير الكل حفاظا على تلك المصالح ولو تطلب الأمر التدمير الكلي للدولة العراقية. ونفس الأمر تعيشه لبنان في ظل نظام طائفي نخر كيان الدولة اللبنانية ودمرها من الداخل فأصبحت مجرد هيكل خاو لا روح فيه.

ولذلك تبدو قيامة الشعب اللبناني اليوم بعيدا عن الطائفية وعلى أنقاضها إعادة لروح الدولة اللبنانية التي هي في الأصل دولة مواطنين وليست دولة طوائف ولكن بارونات الحرب الأهلية استغلوا الانتماء الطائفي لتكريس هيمنتهم المطلقة على الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان بل أصبحت لبنان ملكية خاصة يورثونها لأبنائهم بمنطق يذكر بالنظام الاقطاعي في العصر الوسيط في عملية تقهقر تاريخي حان الوقت لإيقافه. لقد بدأ مسار الشعوب العربية نحو التحرر من دولة الفساد ولن يكون الأمر يسيرا وسهلا خاصة مع هيمنة تلك الدولة على كل أسباب القوة القمعية وتحالفها مع كل اللوبيات والمافيات والإرهاب وستستعمل كل تلك الوسائل لمحاولة ضرب صمود الشعوب وإصرارها على التغيير.

 

ولعل الدعم الخارجي لدولة الفساد هو أداة ضغط أخرى على الشعوب لأن التحرر من دولة الفساد وتكريس الدولة الوطنية وعودة السيادة للشعب تهدد مصالح العديد من القوى الاستعمارية الكبرى التي ترفع شعار الحرية والكرامة وحقوق الإنسان ولكن حينما يتعلق الأمر بمصالحها تدوس على تلك المبادئ. إن التحرر ليس أمرا يسيرا بل تحفه الدماء الزكية. واليوم يبدو أن الشعوب العربية قررت أن تسلك ذلك الطريق ومهما كانت التضحيات. أليس الصبح بقريب

 

أي قرارات تصب في الصالح العام وتقطع أصابع الفاسدين لتماديهم في فسادهم في محل ترحيب وسيباركها الجميع مهما ضخت المكائن الإعلامية سمومها في تحوير تلك القرارات “.

وتجريد لوبي الفاسدين من مهامهم والزج بهم في سلة المهملات إجراء صائب لا غبار عليه ولن يعارضه إلا من يستفيد من هذا اللوبي” .

و المضي قدما وكنس قمائم الفساد أينما وجدت بعيدا عن التحامل والتحيز على المثابرين والمؤهلين وعدم الاختيار وفقا لمعايير خاصة” .

كما ينبغي عليه تطبيق مبدأ الثواب والعقاب واختيار الكفاءات الشابة المشهود لها بالنزاهة والعمل بإخلاص وتفانٍ” .

وأما البقاء على تلك النفايات الفاسدة أو تدويرها، تفاقم بؤر الفساد مسببة كارثة بيئية تؤثر سلبا على المجتمع برمته

 

أنها ليست دراسة لواقع أمة تنحر أو تحليل لمعاناتها ودموية أوضاعها الداخلية بسبب الامراض السرطانية المزمة وأمراض وعدوى الفوضى السياسية التي عمت بها وأجتاحت أمنها ووجودها وإقتصادها وثروتها المبعثرة بين السرقة والنهب وبين السطوة والحرمنة واللصوصية، ناهيك عن تحول الصراعات السياسية ألى صراعات دموية حيث أسفرت عن سقوط الكثير من الضحايا.أما تعزيز المناهج المعادية من قبل اعدائها فقد أضرت بمصالح الأمة وأبناؤها أما موقف بعض الفصائل المحلية وخصوصا باعة الضمائر فقد كان وسيبقى موقفا معاديا وترك أثرا سبيا كبيرا وبصمة مؤلمة، وبما أن التطرق إلى تلك الأوضاع مسالة ضروريه وملحه لكنني أرجو القاريء الكريم عذرا وساحة الوطن الجريح حبلى بالأحداث اليومية المتعلقه بمرارة ومعاناة شباب الوطن وثورتهم التشرينية المباركة ألتي إنطلقت في سبيل الدفاع عن المطالب والحقوق وفي سبيل عزة الوطن وسيادته الثورة السلمية التي اعطت قوافل من الشهداء ولازالت تقدم القرابين في سبيل حريتهم ولوضع حد لمعاناة شعب ووطن. لالتغيير الوجوة المتسلطة وإنما ماأصبح ضروريا وملحا تبديل وجه العراق سياسيا وإقتصاديا لاعادة له سيادته وإلى قراره المستقل والخندق العربي لكي يأخذ دوره القومي والوطني وإبعاد عنه النهج العدائي والتبعي، وبألتأكيد أن لكل مرحلة أزماتها والحديث عن التصور الصحيح وتحليل المرحلة مابعد إنتصار الثورة الشبابية لربما سابق لاوانه رغم من إننا متفائلون بأن الثورة قاربت على الانتصار ودحر أعدائها وأعداء الوطن الجريح بات وشيكا وبعونه تعالى.

بالتأكيد إن طريق الثورة لن يكون سهلا والنظام الفاشي سيقوم بتحريك عملائه من الداخل والخارج وسيقوم على تفجير الأزمات بعد أن اطيحت بمكاسبه المادية والسياسية. مما يعبتر ذلك خسارة فادحة لمن كان مولعا بتهريب الأموال وغيرها، والتعامل مع أية أزمه لابد وأن يكون مدروسا لكي لاتنشط القوى المعادية مرة اخرى وتهدد مسيرة الثورة الشبابية ألتي ضحوا من أجلها وسقط الشهداء في سبيلها ومن أجل اهدافها ونجاحها لكي يعيد الشباب دوره والمساهمة ببناء الوطن بعد المعاناة بجميع سلبياتها حيث لم يسعى النظام الهزيل لايجاد الحلول البديلة الذي صنعها الضعف الاداري لسلطه عجزت عن إدارة دوائرها على مر السنين لكونها منهمكة بصراعات داخل قبة بمايسمى بالربلمان الفاسد للحصول على مكاسب مادية ومنافع شخصي وسياسيه وغيرها، ناهيك عن أنها إبتعدت عن ممارستها مسؤوليتها إتجاه الوطن وأبنائه وهذا ماأعترف به الكثير من رموز السلطة القمعيه ونظامهم الفاشل أمام الملأ.

بصراحة لقد أصبح كنس وإسقاط السلطة واجبا وطنيا وضروريا والبدأ بمرحلة جديدة يسترد بها الوطن عافيته مطلبا ملحا بعد أن مورست شتى أنواع الممارسات وآخرها القتل المتعمد بحق أبنائه إشارة من النظام الصفوي والتوصيات التي اعتمدت عليها رموز النظام الفاشي في الوطن طهران وتنفيذا لرغبات قم وطهران ناهيك عن النفوذ الصفوي داخل الوطن والتحكم بالقرار السياسي الذي حقق لهم ليست مكاسب سياسية فقط وإنما مكاسب مادية وتجارية وصناعية وعسكرية حيث إستطاعت ومن خلال دعمها للصراعات السياسية والطائفية في الوطن أن تبعد وتصفي الكثير من خصومها على الساحة العراقية ومن وقف ضد سياستها الدموية والخطيرة.

في الحقيقة إن العقدة الأساسية للسلطة ونظامها وللنظام الصفوي هي أنها لم تستطع تحييز الشباب والتأثير على وفاء أبناء الوطن وضمهم إلى قمقم تبعيتها، حيث رفض أ بناء العراق الاوفياء لوطنهم بيع الوطن العزيز والوقوف دفاعا عن نظام إيران الصفوي بدل من أن يقفوا دفاعا عن الوطن والوفاء له بعد أن صعدت إيران الدموية من وتيرة علاقاتها مع الكثير من الدول العربية والأوروبية وأمريكا.حيث كان بنيتها جر الوطن العراق وأبنائه إلى معاركها لتجعلهم طعاما لمدافعها ونقل إراقة الدماء فوق تراب الوطن، بدلا من إيران ومعاركها فوق أراضيها أما رفض أبناء العراق فقد جاء وفاءا لوطنهم ومن منطلقا قوميا مخلصا وواجبا إتجاه الوطن ولأكتشاف النوايا العدوانية والمآرب الأيرانية التي لاتحمل سوى إرتكاب الجرائم وسفك الدماء وعلى أثر تصعيدها الأزمات مع الكثير من الدول لجر العالم من قبل السلطة الى حروب داميه والانتقام من الوطن وشبابة بكافة الأساليب القمعية والدموية.. لذا فقد حان الوقت لكنس السلطة وإسقاطها وفي ذلك ضرورة ومطلب ملح.

من الواضح أن الإرهاب بكل أصنافه من جبهة نصرة وداعش وأحرار الشام، ولواء التوحيد، وكتائب نور الدين زنكي، وغيرها العشرات، بدأ يلملم أوراقه ويُكنس من خواصرنا التي سكن فيها كثيرا، فعاث فيها  فسادا سياسيا واخلاقيا وانسانيا واجتماعيا وثقافيا ودينيا.

تركت تلك المنظمات التكفيرية خلال فترة مكوثها انطباعات سلبية عن منطقتنا، فأعادت مدنا وقرى وحواضر مئات السنين للوراء، فقتلت، ودمرت وسبت نساء، وهجّرت طوائف وديانات، والواضح أنه قد حان وقت رحيلها وإخراجها من جحورها التي سكنتها.

طبعا هذا ليس أمانيّا أو توقعات، وإنما يمكن ملامسته ورؤيته يتجلى لو أمعنا النظر بتقهقر تلك التنظيمات الإرهابية التكفيرية وتراجعها أمام ضربات الجيش السوري في الكثير من المناطق التي سبق أن استوطنتها.

فبعد ما حققه الجيس العربي السوري من تقدم ملموس في الشمال والوسط، جاء الدور على الجنوب السوري، حيث استعاد الجيش مدينة الشيخ مسكين، وها هو يقف في حي المنشية بمدينة درعا على مقربة من حدودنا الشمالية، وهو الأمر الذي يجعلنا نشعر بالطمأنينة، ونحن نعرف أن الذي يقف عند خاصرتنا الشمالية جيش نظامي نعرف تحركاته، وليس تنظيمات إرهابية تكفيرية تتحكم فيها أهواء وأفكار لا تعرف الديمقراطية ولا تؤمن بها، وتنطلق من منطلقات تكفيرية لا تؤمن بالدولة المدنية الحضارية.

الأمر الذي يتوجب قوله قبل أن يفتح مؤيدو الأفكار الداعشية أبواق نقدهم، ويتهمونا بـ”التشبيح” ومناصرة نظام “دكتاتوري” بحسبهم، ويستحضروا تهما كثيرة لصرفها ضد كل من يخالفهم الرأي والرؤية والفكر والمعتقد، إن تأييدنا لإعادة الجيش فرض سيطرته على كامل الأراضي السورية إنما يأتي في إطار إيماننا بالحل السياسي لأي أزمة سياسية، وأهمية الحفاظ على الجيش، ومؤسسات الدولة السورية، والرفض الكامل والقاطع لوجود تنظيمات إرهابية من كل حدب وصوب على خاصرتنا الشمالية، وفي كل شامنا بشكل عام.

الحل السياسي الذي طالما عبّر عنه الأردن هو السبيل الوحيد لمعالجة الأزمة السورية، وهذا يكمن في الحفاظ على الجيش ومقدرات الدولة، وخاصة بعد الذي رأيناه وشاهدناه في ليبيا والعراق بعد حل الدولة وتسريح الجيش، وضياع الدولة الليبية باتجاه المجهول، ومعاناه الدولة العراقية لكي تتمكن من الوقوف على قدميها من جديد.

نعم نريد كنس الإرهاب وإخراجه من ثنايا شرايين شامنا، ومن قراها ومدنها، وفي نفس الوقت فإن ذاك لا ينفي حرصنا على حرية الشعب السوري، ونيله ديمقراطية يريدها ويصنعها هو، ولا تصنع في دول اقليمية ودولية.

نعم، وبصوت عال نريد أن يقرر الشعب السوري مصيره بشفافية ونزاهة وحرية من دون تدخل من أحد ومن دون تأثير من عواصم القرار، ومن دون شروط مسبقة يضعها البعض لإيصال شخصيات موالية لهم، لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالحرية ولا بالدولة المدنية وإنما همها وهدفها الجلوس على مقاعد القرار حتى لو كان هذا على أنقاض مقدرات الشعب، ومن دون إرادته.

لا نريد أن نرى في أفق العملية السلمية المقبلة من يتحدث باسم الشعب السوري، فيما هو يعبر عن رؤى عواصم القرار ويتبع  أنظمة إقليمية يقول ما تقول تلك العواصم ويحرد عندما تحرد.

المفرح أن المعطيات على الأرض تؤشر بعودة الجيش السوري كلاعب أساسي ومحرك محوري، وهو معطى إيجابي يدعو للارتياح، والأمل أن تتعزز في ذات الإطار قناعة دول إقليمية بالتوقف عن تقديم السلاح والذخيرة والعتاد لمنظمات تكفيرية إرهابية.

المهم أن نرى في شامنا دولة مدنية حضارية لا يوجد فيها مكان لنعرات طائفية من أي نوع، ولا نزعات فئوية ولا عرقية ولا جندرية، ولا عمليات سبي أو قتل على الهوية من أي طائفة، كما لا نريد أن نشاهد في الرقة من يقف في منتصف ساحتها ليطلق النار على والدته لقتلها بتهمة أنها أزجت له نصيحة بترك داعش التكفيري! لا نريد لمثل أولئك الأشرار ان يكونوا بيننا، ونريد لشامنا حلولا سياسية تفضي لدولة مدنية حضارية ديمقراطية إنسانية تتسع للجميع ولا مكان فيها لكباش طائفي أو فئوي أو عرقي.

 

 

 

يشبه الوضع في العراق جدار منخور و متهرئ آيل للسقوط لكن لا يوجد من يدفعه ؟؟ يتلخص أهم هدف من أهداف الحركة الوطنية العراقية في هذه المرحلة بالقدرة على حرمان الاحتلال من تحقيق أهدافه السياسية ، وراهنت الكثير من تجارب الشعوب المقهورة في مقاومة الاحتلال على المطاولة والصبر حيث تنضج ظروف داخلية وخارجية تساهم في ترجيح كفة الشعوب في معادلة الصراع لتتحقق المعادلة التاريخية في حتمية النصر . في العراق تم على مستوى الشق العسكري إنزال هزيمة مذلة وقاسية بقوات الاحتلال الأمريكي وطي صفحته من خلال اعتراف إدارة الاحتلال بالهزيمة وإعلانه إستراتيجية الهروب من العراق وجدولة انسحابه وبتوقيتات محددة وما ضعف وتأرجح حكوماته المتعاقبة إلا انعكاسا حقيقيا لهزيمة واندحار المشروع الأصلي للاحتلال ، الأمر الذي يرتب على الحركة الوطنية العراقية الشروع دون إبطاء في آليات تصفية آثار الاحتلال السياسية وكنس قمامته المعششة في مفاصل العراق. بعد 19 عاما هي المؤشرات الايجابية في القضية العراقية عدا النصر العسكري ، المؤشر الخطير الأول والذي يمثل نصرا لا يقل عن النصر العسكري يكمن في المستوى الاجتماعي وهو عودة الوعي العميقة للشعب العراق واستعادته لهويته الوطنية بعد تساقط الادعاءات المزيفة وانتهاء مفعول المورفين الطائفي والعنصري ، ساعد في ذلك زيف إدعاءات التحرير التي حاول تسويقها عرابي الاحتلال وهم طبقة سياسية من شذاذ الآفاق ليست لديهم قضية في العراق يدافعون من أجلها سوى مصالحهم ، هذه الطبقة تتراوح ما بين عملاء رسميين للاحتلال جاءوا مع الدبابة الأمريكية وما بين إنتهازيين وطفيليين التحقوا فيما بعد بعملية الاحتلال السياسية بدليل عن الأرض بعد لم تهتز تحت أقدامهم في المنطقة الخضراء فشرعوا بتهريب أموالهم خارج العراق . كما إن تدهور أوضاع الشعب المعيشية وتفاقم البطالة وحجم السرقات والنهب المنظم لثروات العراق الهائلة الذي تمارسه عصابات السلطة والتي تطلق على نفسها صفة أحزاب فالفقر والجوع كما يقول غاندي يشكل أعلى درجات العنف فالشباب اليائس والمحبط خزان متقد للثورة لأنه لم يعد لديه شيء يخسره. وربما كان من حسن حظ الحركة الوطنية العراقية إن يتسابق جميع أفراخ وأيتام الاحتلال دون هوادة للاشتراك بغنيمة السلطة والحكومة ، مما ترك الشارع فارغا لأي نشاط أو قوى وطنية صادقة لقيادة الشارع الذي يغلي بل ويبكي على قيادات وطنية ميدانية ومستقلة . على المستوى الدولي والإقليمي يأتي اضمحلال الدور الأمريكي في العراق وانحساره سياسيا على ضوء انهياره عسكريا ليشكل أهم ملمح في المشهد السياسي العراقي القادم وتأتي رياح الثورة العربية من تونس ومصر لتعيد من جديد الأمل في النفوس وتعيد بعض من توازن القوة في المنطقة مقابل اندفاع الضغوط الأجنبية والإقليمية إلى العمق العربي نتيجة الفراغ الذي تركه العراق ومن قبله مصر لصالح إسرائيل وإيران وتركيا . للشعب العراقي خصوصية لمن يريد استعارة نموذجي الثورة التونسية والمصرية فعدا عن الاحتلال فإن التجانس سمة واضحة في نواة الثورتين ، فكل شيء في العراق يخضع لحساسية مفرطة ومن يريد للحراك الشعبي العراقي والشعور العميق بالظلم أو الخداع الذي يوحد العراقيين هذه الأيام عليه أن ينتقي أهدافه بدقة عالية ومدروسة وأن لا يرمي بها مرة واحدة ، لان الناس سوف تسمعك ببطونها وليس بعقولها لذا فإن الأهداف المرحلية يجب أن لا تتعدى ما يشعر به المواطن مباشرة على هذه الأهداف أن تنسجم مع معاناة الناس وحرمانهم وأن تتنفس هوائهم ، إن جدولة محسوبة للأهداف تنطلق من ( نقص الخدمات وتفشي البطالة في وسط الشباب وملفات الفساد والفاسدين وتحسين مفردات البطاقة التموينية ، إطلاق سراح المعتقلين ، سن قانون فوري لرعاية ملايين الأرامل والأيتام ، زيادة رواتب المتقاعدين ) هي الحزمة الأولى التي يجب التركيز عليها أما الأهداف على المدى المتوسط والأكثر عمقا فهي تلك الأهداف التي يتحسس خطورتها وتتفاعل معها شريحة المثقفين والشباب المتنورين الذين يدركون مدى خطورة هذه الأهداف وتأثيرها الفعلي والمحرك للتغيير الحقيقي بعض هذه الأهداف ( إلغاء الاتفاقية وطرد الاحتلال ، تعديل الدستور وإسقاط النظام السياسي للمحاصصة وتجريم كل من يتبناها ويروج لها ، رفض الفيدرالية والحفاظ على هوية كركوك العراقية ، وقف التعامل مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، سن قانون للأحزاب والانتخابات ، المطالبة بتعويضات مادية ومعنوية جراء الغزو الأمريكي البريطاني ..) تكمن خصوصية مزاج الشخصية العراقية في عفويتها وفطرتها البسيطة ومصداقيتها والتي كثيرا ما يتمخض عنها سلوك عاطفي ومزاجي أحيانا تصاحبه تقلبات ، ولان الشخصية العراقية عبر التاريخ ليست سهلة القياد فإن النظام وشدة التنظيم فقط كفيلة بإنجاز أهدافهم وكفيلة بإدامة زخم المطاولة لديهم وهذا يقود الى المفتاح الثاني الذي يتعلق بوجود هيكلية ما من النخبة مسؤولة عن إدارة الأزمة وزخمها والمناورة بالإمكانات لحين تحقيق الأهداف ( إطار سياسي وطني ) بعيد كل البعد عن الطروحات الإيديولوجية المعقدة بسيط ولكنه قادر على الإجابة على كافة التساؤلات في عقول الناس ويضع حلول للتناقضات التي يعاني منها العراق ، فالمظاهرات العفوية بالعراق لوحدها لا تكفي وقد تقود إلى الفوضى المجردة وتجهض الهدف الحقيقي من ورائها . ومن خلال دراسة معمقة للمزاج الحالي للشعب العراقي ممزوجة ببعض الأهداف العقلانية يمكن صياغة الأهداف الرئيسية التالية : أولا – إسقاط حكومة المحاصصة الطائفية في المنطقة الخضراء واستبدالها بحكومة كفاءات وطنية مستقلة . ثانيا – محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين وملاحقة الهاربين منهم خارج العراق . ثالثا – تقديم الخدمات الضرورية للشعب العراقي وتحسين مستواه المعيشي . لا يشكل كل الذي تقدم سوى نصف مقومات نجاح أي ثورة، نصف المعركة الثاني كما أثبتته التجربة التونسية والمصرية كان من نصيب الإعلام ، فعناصر مثل التحشيد والأهداف الاعتداءات على المتظاهرين ما كان لها لتأخذ كل هذا الحجم لولا ثورة الاتصالات والمعلومات فالشباب الذي يتباهى في الفضاءات الالكترونية الافتراضية ممزوجا بهذه الشبكة من القنوات الفضائية حشرت الأنظمة السياسية رغم كل جبروتها في زاوية الحلبة وأسقطتها بالضربة القاسية وحققت الشعوب من خلالها نصرا وفوزا نظيفا في أوقات قياسية خارج كل التوقعات والحسابات المنطقية . إن مهارات الكترونية مثل التصوير الدقيق عالي المستوى للحدث لحظة بلحظة وضغط الأفلام المصورة وإرسالها إلى الفضائيات عبر منظومات الانترنت المتنقلة كفيل بأن يجعل ليل الأنظمة الديكتاتورية أطول من المعتاد واشد ظلاما وسوادا وأسوأ كوابيسا . خلاصة القول يمكن اعتماد المعادلة التالية التي تصلح إبتداءا لانطلاق شرارة الثورة العراقية : ( فكرة وأهداف واضحة + قيادات شابة ميدانية + شعارات مبسطة + إعلام = ثورة شعبية أكيدة ) ، من شان تكامل عناصر مفاتيح هذه المعادلة استكمال ما بدأته المقاومة العراقية في المرحلة الأولى من الصراع هذه المقاومة الباسلة التي أجهزت بدماء أبنائها البررة على مشروع الاحتلال في شقه العسكري وكبدته خسائر مادية وبشرية هائلة ، فإن اللحظة قد حانت والظروف قد نضجت للمباشرة بالمرحلة الثانية لكي يتم كنس ما تبقى من قمامة الاحتلال ورميها في مزبلة التاريخ وتصفية آثار الاحتلال السياسية والاقتصادية هذه المرحلة التي يجب أن تكون من أهم ملامحها أن تكون مرحلة تغيير حضارية لا تراق بها الدماء وتتحصن بالهوية العراقية الوطنية وتمتلك رؤيا وأهداف واضحة المعالم وتقبل القسمة على جميع أبناء الشعب العراقي ، فنكون عندئذ على عتبة تحقيق أهداف الشعب الإستراتيجية التحررية المتمثلة بتحقيق الاستقلال الناجز والحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا وصيانة هويته العربية والإسلامية

 

سؤال عادل ومشروع يدور على بال كل إنسان في العراق: هل يمكن لسلطات دولة فاسدة كالعراق، حيث تحتل المرتبة 169 في الفساد من بين 180 دولة في العالم في العام 2017 ولم يتحسن الوضع في العام 2018 بل تفاقم، أن تحارب الفساد وتكافح الفاسدين، وتُطهر العراق من رجسهم وشرورهم وعواقب الرجس والشرور وسبب عدالة ومشروعية هذا السؤال يكمن في حقيقة أن الفساد لم يعد ظواهر متفرقة يمارسها هذا الموظف الكبير، أو هذا المصرفي أو التاجر أو القاضي أو ذاك، بل أصبح الفساد المالي والإداري، ومنذ أن تم احتلال العراق في العام 2003 بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية والحاكم المستبد بأمره باول بريمر وبأوامر من إدارة جورج دبليو بوش أولاً، ومنذ أن سَلَّمت سلطة الاحتلال الدولة العراقية بسلطاتها الثلاث بيد الأحزاب الإسلامية السياسية العراقية ومن تعاون معها ثانياً، نظاماً متكاملاً وفاعلاً وحاكماً في سلطات الدولة الثلاث وأجهزتها المدنية والعسكرية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي المجتمع. إن هذا الواقع الفاسد لا يعني إن النظام البعثي قبل ذاك لم يكن فاسداً، بل كان الفساد يمارس من قبل قيادة البعث الحزبية ومجلس قيادة الثورة مع حفنة من الأعوان ومن يرغب النظام مشاركتهم في الفساد، ولكنه كان يعاقب من يمارس الفساد دون علمه أو خارج إرادته. وكان العقاب يمس الغالبية العظمى من الشعب، إلا في سنوات الحصار الاقتصادي الذي أجبر الكثير من البشر على ذلك بسبب العوز. ولكن ما حصل في العراق يختلف تماماً. فالاحتلال أفسد الحكام الجدد بالرواتب والمخصصات ووضع ميزانية الدولة بيد الفاسدين والمفسدين، ونشأت فئة اجتماعية رثة فاسدة من حيث السلوك السياسي والمالي والاجتماعي. مثل هذا الواقع الفاسد لا يعني أيضاً عدم وجود مجموعة من الأفراد تتميز بنظافة اليد والعفة، ولكن هذه المجموعة لا تشكل سوى قلة قليلة، إذ من طبيعة النظام الفاسد أن يدفع بأفراد المجتمع بكل السبل المتوفرة إلى ممارسة الفساد، إذ بذلك فقط يمكنهم مواصلة فسادهم واستمرار قهرهم للمجتمع، وإلا لما كان لأبطال هذا النظام الفاسدين مكانٌ لهم في العراق.لا يمكن أن يعيش الفاسد طويلاً في بلد تسود فيه الحريات العامة والحياة الديمقراطية، إذ سرعان ما يُكتشف الفاسد وتنشر فضيحته ويحاكم. ولكن الفساد ينمو كالفطريات ويتعاظم عدد الفاسدين في ظل الجهل والأمية وانتشار الخرافة ودور شيوخ الدين المسلمين المزيفين منهم، أو الساكتين عن الفساد، أو الذين يعيشون على صدقات كفارة الفاسدين التي يدفعونها لغسل فسادهم، أو كما يعترف الفاسد أمام الكاهن خلف ستار في الكنيسة مثلاً. ففي الدول المتقدمة تحصل حوادث فساد غير قليلة، ولكن سرعان ما تفضح عبر وسائل الإعلام وعبر صحفيين نزيهين لا يخشون القتل على أيدي الفاسدين الذين تم فضحهم، كما يحصل في بلد كالعراق، حيث جرى اغتيال الكثير من الناس الأوفياء لوطنهم وشعبهم بسبب فضحهم للفاسدين في مقالات أو تقارير نشرت لهم، كما حصل للمغدور الدكتور علاء المشذوب وغيره، أو كما يقال عن تسميم الدكتور أحمد الجلبي الذي قام بنشر تقارير عن فساد هائل لمئات المليارات حصلت في فترة حكم المستبد بأمره نوري المالكي على سبيل المثال لا الحصر، رغم أن الرجل كان جزءاً من النظام السياسي الطائفي القائم.

{لا يمكن أن يعيش الفاسد طويلاً في بلد تسود فيه الحريات العامة والحياة الديمقراطية، إذ سرعان ما يُكتشف الفاسد وتنشر فضيحته ويُحاكم.}؟

{الواقع الفاسد في العراق لا يعني إن النظام البعثي السابق لم يكن فاسدا، لكنه أيضاً لا يعني عدم وجود مجموعة من الأفراد تتميز بنظافة اليد والعفة.}

 

لقد وضع الفاسدون نصب أعينهم أن يحولوا العراق كله إلى فأر اختبار لصفقاتهم و تجارتهم، وهذا ما فعلوه عبر سنوات سلطتهم الفالتة من أية رقابة، لم يتركوا مكانا في عراقنا الجديد والمتعثر إلا ونشروا الفساد فيه جاعلين منه مثلا اعلى لجميع اللصوص وما حصل للشعب العراقي بسبب الفساد الذي صار ظاهرة اجتماعية تعجز المنظمات الدولية المعنية بالأمر عن فهمه ولن تتمكن من القضاء عليه. فهو فساد يجري في الممرات السرية للكيان الاجتماعي كما يجري الدم في جسد الإنسان , قد نسمع في عدد من البلدان وزيرا فاسداً او مسؤول محليا قام بمغامرة تجارية مستغلا المال العام. أما أن يكون موظفو الوزارة أو المؤسسة كلهم فاسدون، من الوزير إلى حراس الوزارة، فتلك بدعة تم استحداثها في العراق وحده، بل هي وباء جنوني اصاب حتى وزارة الرحمة والانسانية “الصحة” فكانت النتيجة هي ان غادرنا أضعف البشر على الاطلاق و اختاروا السماء لكي يكونوا طيورا بجنائنها

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here