العراق.. حكومة أمل أم محاصصة مرفوضة؟

البرلمان العراقي يمنح الثقة لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني

أنهى العراق الخميس حالة من الجمود السياسي دامت أكثر من عام بمنح الثقة لحكومة جديدة برئاسة مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني.

وفي مواجهة الحدث، اعتبرت حسابات عراقية على مواقع التواصل الاجتماعي الحكومة الجديدة استمرارا لحكومات المحاصصة الحزبية، فيما دعا آخرون إلى منحها فرصة لتنفيذ برنامجها.

وغرد رئيس الوزراء الجديد الخميس معلنا حصول كابينته على “ثقة مجلس النواب”.

وتتألف الحكومة الجديدة من 12 وزيرا شيعيا، يمثلون الإطار التنسيقي، وستة وزراء من السنة، ووزيرين كرديين، ووزيرة واحدة للأقليات، فيما لا تزال وزارتان من حصة المكون الكردي، قيد التفاوض . وتشغل ثلاث نساء مناصب في الحكومة الجديدة.

ونشر الناشط محمد السهلاني صورا لعدد من الأشخاص في ساحة التحرير وسط بغداد، يحملون لافتات كتب عليها “حكومة المحاصصة مرفوضة”.

رحيم العبودي، عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، أحد مكونات الإطار التنسيقي الداعم لرئيس الوزراء الجديد، وصف الحكومة الجديدة في حديث لموقع “الحرة” بأنها “حكومة الأمل”.

وتابع “أن الحكومة الجديدة جاءت بعد مخاض عسير شهده المسرح السياسي في العراق”، مشيرا إلى أن “المواطن العراقي عاش كل الإرهاصات المظلمة التي أفقدته الأمل بعودة الأمور لطبيعتها في البلاد”.

ويرى العبودي أنه من الطبيعي وجود “اختلاف في الآراء حول حكومة السوداني في الشارع العراقي”، مضيفا أن هناك قوى سياسية عديدة في العراق ولها آراء مختلفة.

زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي هنأ الحكومة الجديدة، داعيا إلى التكاتف والتعاون في إدارة ثروات العراق و”موارده الوفيرة”.

وقال حساب يحمل اسم رافيد الباديلي إن “حكومة بدأت بضرب النواب المستقلين، ستكون وبالا على الشعب”، في إشارة إلى تعرض نواب من حركة امتداد للضرب الخميس في البرلمان.

وأرفق الباديلي تغريدته بوسم “حكومة المحاصصة مرفوضة”.

وخلال جلسة الثقة، أبدى النائب المعارض علاء الركابي من حركة امتداد المنبثقة من احتجاجات تشرين، اعتراضه على الحكومة الجديدة، ما أدى إلى حصول شجار داخل القاعة. لكن الجلسة تواصلت بعد ذلك، وفق وكالة فرانس برس.

وقال الركابي بعد الجلسة أمام صحفيين “طوال عقدين من الزمن أحزاب السلطة نفسها تتوافق في ما بينها … يشكلون حكومات محاصصة دمرت البلد”. وأضاف “نحن ضد هذه الحكومة وقد ولدت … وولدت معها معارضة سياسية في البرلمان العراقي”.

وقال المحلل العراقي، إحسان الجبوري وهو عضو حركة امتداد لموقع “الحرة” إن غالبية الشعب العراقي “يرفض” الحكومة الجديدة خاصة وأنها “لا تمتلك أي شيء جديد لتقدمه، وحتى أن آلية وجودها كانت بالآليات نفسها لتشكيل الحكومات السابقة”.

وأضاف أن “الرفض أيضا للحكومة الجديدة ينبع من أنها حكومة محاصصة بامتياز”، وهي لا تتعدى أن تكون “أداة بيد طهران، وهي تمثل الإرادة الإيرانية” داخل العراق، وهو ما تعارضه حركة امتداد.

وتنتشر على شبكات التواصل مقاطع مصورة قيل إنها لعراقيين محتجين على يعتبرونه “حكومة المحاصصة الجديدة”، أشعلوا النيران لقطع الطرق في مناطق جنوبي العراق. ولم يتسن لموقع “الحرة” التأكد من أصالة الصورة المنشورة.

وشدد عضو تيار الحكمة العبودي على ضرورة “إعطاء فرصة حقيقية لمجلس الوزراء الجديد قبل أن يحكم على أدائه”، مؤكدا أن “تيار الحكمة يدعم الكابينية الحكومية الوزارية ويعتقد أنها قادرة على النجاح، إذا توفرت لها ظروف تدعم ذلك أكان بوجود دعم دولي، أو بوجود وفرة مالية، وحتى المناخ السياسي مناسب لتحقيق الإنجازات”.

وحث العبودي رئيس الوزراء على إبراز دور العراق، أكان على الصعيد الدولي، وعلى الصعيد الداخلي بتجسير فجوة الثقة الموجودة بين المواطن والحكومة، وهو ما لا يمكن أن يتم إلا من خلال “إيلاء الأهمية للشعب أكثر من القوى السياسية”.

وفي إشارة إلى ضحايا احتجاجات تشرين في 2019، الذي سقطوا برصاص القوات الأمنية والميليشيات الموالية لإيران، وصفت تغريدة حكومة السوداني بأنها “حكومة محاصصة جديدة تقوم على سفك دماء أبرياء جدد، وسرقة حصصة أخرى من قوت العراقيين وتهميش رؤوس شباب محتجين. حكومة تقوم على ولاء جديد لقيادات خارج الحدود وبيع ما تبقى من الضمائر الجافة”.

ونشر حساب عبر تويتر صورة قال إنها من “الناصرية”.

في المقابل، دعا النائب أحمد الموسوي من “كتلة الصادقون النيابية” التابعة لميليشيا العصائب، مباركته للسوداني، ودعاه للاستثمار في الطاقات الشبابية الموجودة في العراق.

ويخلف السوداني البالغ 52 عاما، مصطفى الكاظمي الذي تولى رئاسة الحكومة في مايو 2020.

وقال رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي في تغريده “تحملنا المسؤولية، وأدينا واجبنا الوطني، ونسلم الأمانة اليوم للأخ الرئيس محمد شياع السوداني. نتمنى له ولفريقه الحكومي كل التوفيق والنجاح”.

ولاقت تغريدة الكاظمي ردود أفعال غاضبة، معتبرين أنه “سلم الحكومة ليد الميليشيات التي كانت تسيطر في واقع الحال على المنطقة الخضراء”.

ولم يصدر أي تعليق من التيار الصدري حتى الآن عن الحكومة الجديدة وتشكيلتها.

وخلال العام الماضي، تصاعدت الخلافات والتوتر بين طرفي الأزمة، التيار الصدري والإطار التنسيقي، بشكل كبير. وفي أواخر أغسطس، تجلت عنفا داميا في الشارع، قتل فيه أكثر من 40 من مناصري الصدر في اشتباكات مع ميليشيات تابعة لقوى في الإطار التنسيقي.

وقال رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري لوكالة فرانس برس إن “العلاقة مع الصدر هي أهم تحد بالنسبة لحكومة محمد شياع السوداني، باعتبار أن الصدر أعطى مواقف مسبقة باتجاه حكومة يشكلها الإطار، باتجاه المرشح نفسه”.

ويشرح أن على السوداني والإطار التنسيقي “مد جسور سريعة مع زعيم التيار الصدري” ومنحهم “ضمانات تعد تطمينات في قضية اشتراطات زعيم التيار الصدري في ما يرتبط بعملية الإصلاح وحتى إجراء انتخابات مبكرة”.

ويتوقع المحلل السياسي العراقي، علي البيدر أن يتجلى الغضب الشعبي، وغضب مناصري مقتدى الصدر في “احتجاجات مشتركة” بين هؤلاء و”محتجي حراك تشرين”، الذي هز العراق في أكتوبر 2019، وفق وكالة فرانس برس.

ورحبت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في بيان بمنح الثقة للحكومة الجديدة، منبهة الى “تحديات خطيرة تتطلب إجراءات حاسمة” تنتظرها، مثل “معالجة الفساد” و”آثار التغير المناخي”.

وهنأت السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوفكسي في تغريدة الحكومة الجديدة بنيلها الثقة وقالت “نتطلع قدما للعمل مع الحكومة الجديدة لتعزيز أهدافنا المشتركة خلال هذه المرحلة المحورية للعراق وشعبه”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here