ورقة المطالب السُنية إلى الجمود ومواجهة مؤجلة بين الصدر و الإطار

بغداد/ تميم الحسن

مرة اخرى يتم ركن ما يعرف بـ”ورقة المطالب السُنية” والتي تبدو فقدت قوتها عقب ترتيبات جديدة جرت داخل الإطار التنسيقي.

ويتمتع التحالف الشيعي الان باستراحة قصيرة، بحسب مراقبين، بعد قرار مقتدى الصدر زعيم التيار تجميد عمل الاخير لسنة على الاقل.

وخلال ذلك عادت الانباء تتحدث عن الاقليم السُني كورقة ضغط ضد الحكومة، التي وصفتها أطراف بانها “تهمة اطارية” لمحاصرة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان.

ويتوقع ان يقطع الحلبوسي اجازته ويعود الى البرلمان في وقت يقوم فيه الاخير بثاني زيارة عربية له منذ انقطاعه عن رئاسة المجلس وتفويض صلاحياته الى نائبه.

وزار رئيس البرلمان يوم السبت المملكة العربية لسعودية، والتقى ولي العهد محمد بن سلمان في مدينة جدة. بحسب بيان عن مكتب الحلبوسي.

وكان رئيس البرلمان قد زار القاهرة بعد يومين من تقديم اجازة الاسبوعين (مطلع نيسان الحالي) الى مجلس النواب.

وتوقعت مصادر سياسية آنذاك ان يستثمر الحلبوسي الاجازة المفاجئة التي تزامنت حينها مع وصول الموازنة الى البرلمان، في زيارات لدول عربية لجمع التحشيد له.

وتتوقع مصادر سياسية ان يقطع الحلبوسي اجازته بسبب فشل ما اعتبرت بانها خطة للضغط على الحكومة لتنفيذ ما يعرف بـ”ورقة المطالب السُنية”.

واحتسبت اجازة الـ15 يوما للحلبوسي من يوم 3 نيسان الحالي، بحسب ورقة الطلب المقدمة الى البرلمان والمنشورة في موقع المجلس الالكتروني، ويفترض ان تنتهي غدا الاثنين.

واعتبرت المصادر السياسية ان طلب الاجازة هو محاولة لعرقل تمرير الموازنة مقابل حصول الحلبوسي على ضمانات لتشريع قانون العفو العام على الاقل.

ويقول قيادي سني قريب من الحلبوسي في حديث لـ(المدى) ان “بنود الورقة مجمدة الان ولا يوجد تحرك على اي ملف”.

وتوقع القيادي الذي طلب عدم نشر اسمه، ان ذلك التراجع بسبب “حصر الإطار التنسيقي الخلافات حول الموازنة”.

وكان التحالف الشيعي قد اتفق على الموافقة على موازنة لـ3 سنوات مقابل حضور محمد السوداني رئيس الحكومة كل عام امام البرلمان لإجراء تعديلات.

ويخشى “الإطار” من تفرد السوداني والحصول على أكثر من 120 تريليون دينار بصفقة قروض في حال وافق على موازنة بـ3 سنوات.

وكان القيادي السني قد كشفت في وقت سابق عن انفراج بسيط بورقة المطالب عبر ارسال الحكومة نسخة قديمة وغير مكتملة من “العفو العام”.

واعتبر هذا التحرك آنذاك بانه جاء بسبب مخاوف الحكومة من انهيار الموازنة بعد اتساع الاعتراضات على مشروع القانون التي انخرط فيها الشيعة قبل ان يصلوا الى الاتفاق الاخير.

وكان الحلبوسي على ما يبدو، قد فشل في تشكيل إطار تنسيقي سُني على غرار الشيعي لتنفيذ بنود الورقة السياسية.

وتتضمن ورقة المطالب السُنية جملة من التعهدات، وضعت بعد ذلك في البرنامج الحكومي، أبرزها قانون العفو، حل المساءلة والعدالة، وحسم مصير المغيبين.

بالمقابل ينفي القيادي السني ما اشيع مؤخرا عن قضية اقليم الانبار او “الاقليم السّني” والتي انتشرت عشية وصول الحلبوسي الى السعودية.

وقال القيادي: “لم تطرح قضية الاقليم داخل حزب تقدم الذي يتزعمه الحلبوسي، وهي تبدو اتهامات من الإطار التنسيقي”.

وكان مكتب الحلبوسي قد نفى صحة مخاطبة بينه وبين ولي العهد السعودي يطلب فيها مقابلة الاخير لتشكيل “الاقليم” بسبب عدم تنفيذ ورقة المطالب السُنية.

وذكر مكتب الحلبوسي في بيان أن “مواقع التواصل الاجتماعي تداولت مخاطبة مزورة منسوبة إلى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي”، مؤكدا أنها وثيقة مزورة ولا صحة لها.

وأضاف، أنه “سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق الجهات والأشخاص الذين تعمَّدوا التزوير والنشر”.

وأثيرت قضية الاقليم السني أكثر من مرة في السنوات الـ10 الاخيرة، وقال عبد الله خربيط النائب السابق القريب من الحلبوسي في اخر موجة من التصريحات حول هذه القضية ان “الحلبوسي هو رئيس الاقليم”.

وتحدث الخربيط في لقاء العام الماضي مع محطة محلية عن ان “اعلان الاقليم في الانبار مسألة وقت”، مبينا ان نظامه سيكون “رئاسيا وديمقراطيا”.

وعن رئيس الاقليم المفترض، أكد الخربيط ان القوى الاجتماعية والسياسية في الانبار اختارت محمد الحلبوسي.

وبدأت العلاقة بين الحلبوسي والإطار التنسيقي تتوتر منذ ان أطلق الاول تهديدات نهاية العام الماضي، بانه قد ينسحب من العملية السياسية إذا لم تنفذ ورقة المطالب.

ويقول القيادي السني القريب من حزب تقدم ان “خصوم الحلبوسي والإطار التنسيقي ينشرون اشاعات لخلط الاوراق مثل قضية تغيير الوزراء”.

وكانت قضية التلويح بإجراء تعديل وزاري يشمل وزراء الحلبوسي تحديدا تزامن مع انباء اعلان “الاقليم السني”.

ويملك الحلبوسي في حكومة السوداني 3 وزارات وهي: التخطيط، الصناعة، والثقافة، اضافة الى منصب رئيس البرلمان.

ولمحت أطراف من “الإطار” في اوقات سابقة، باحتمال ان يشمل التغيير الحكومي بعض وزراء السُنة، بعد انتهاء فترة التقييم التي حددها السوداني بـ6 أشهر.

ويبدو الإطار التنسيقي قد تخلص الان بشكل مؤقت من بعض الضغوط عقب قرار مقتدى الصدر تجميد عمل التيار لعام واحد قابل للتمديد.

ويقول احسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي في حديث لـ(المدى) ان “قرار الصدر هو تنظيمي وعقائدي أكثر مما هو سياسي”.

واشار الشمري في تفسيره لإجراءات الصدر الاخيرة الى ان اي زعيم ديني “سيكون قلقا من وجود انحرافات عقائدية وسيسعى الى تصحيحها”.

وقال الصدر في تغريدة له فجر يوم الجمعة، إنه لن يستمر في قيادة هذا التيار وفيه من سماهم “أهل القضية” وبعض الفاسدين، على حد قوله.

وسبق هذا القرار إلغاء الصدر “الاعتكاف” الذي يقوم به أنصاره ابتداء من اليوم الـ24 من شهر رمضان ولغاية الـ27 منه في مسجد الكوفة في مدينة النجف جنوب بغداد، بسبب ما سماها “تصرفات بعض الفاسدين ممن يسمون بأهل القضية”.

كما يأتي قرار إلغاء الاعتكاف، كما يبدو، بعد أن ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لشخص يدعو فيه الذين “سيعتكفون” في مسجد الكوفة إلى مبايعة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على أنه الإمام المهدي، وعلى ضرورة نصرته.

وجاء بعد ذلك أمر أصدرته إحدى محاكم بغداد بتوقيف 65 متهماً من أفراد مجموعة أصحاب القضية لترويجهم أفكاراً تسبب إثارة الفتن والإخلال بالأمن المجتمعي، حسب قول المحكمة.

ومن الناحية السياسية يعتقد الشمري وهو باحث في الشأن السياسي، ان “قرار التجميد كان في مصلحة الإطار التنسيقي الذي يشعر بقلق دائم من مواقف الصدر”.

لكن الشمري يقول ان “الصدر قد يعود باية لحظة عن مواقفه السابقة حين يجد الظروف تدفعه الى العودة”.

واضاف: “قلق الإطار التنسيقي سيستمر لأنهم أكثر دراية بمواقف زعيم التيار وما يجري هو مواجهة مؤجلة بين الطرفين”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here