لماذا انتشر الاسلام في قارة افريقيا

نبيل محمد سمارة

شاهدت مساء امس فلم لقس افريقي يدعوا جماعته من داخل الكنيسة إلى اعتناق دين الإسلام . وهذا الحادث من نوعه لم يحصل في اي زمان أو مكان . صار عندي فضول لاعرف المزيد و الدوافع التي جعلت الكنيسة ان تتحول إلى مكان لاعتناق دين الإسلام وانطلاقا للتبشير في وسط القارة السمراء ..

فعند بحثي من خلال اليوتيوب ظهر لي ان هذه القضية ليست المرة الأولى لاعتناقهم دين الرحمة والانسانية بل هناك جماعات وقبائل أفريقية دخلت دين الإسلام على شكل أفواج وجماعات كبيرة . وان اكثرهم أسلموا عن طريق مشايخ مسلمين سأذكر لاحقا اسماءهم وايضا عن طريق التلاحم التاريخي بين الحبشة والمسلمين و الفتوحات الإسلامية و الهجرات و دور الفقهاء و العلماء و التجار المسلمون و الطرق الصوفية .

فالإسلام في كل مكان وصلَ إليه قصة؛ تحكى جهود الأجداد في نشر الإسلام في ربوع الأرض، وبين كل البشر، ليعم الخير، وينتشر العدل، وتشرق الأرض بنور ربها. ومن بين البقاع التي نعمت بنور الإسلام في وقت مبكر، تلك الأرض الممتدة على الساحل الشرقي للقارة الإفريقية والأراضي القريبة منها كذلك، والتي تضم اليوم مجموعة من الدول هي إريتريا وإثيوبيا والصومال وكينيا وتنزانيا وأوغندا وجيبوتي وموزمبيق ومدغشقر وملاوي وزامبيا وزيمبابوي وبوروندي ورواندا وجزر القمر وموريشيوس وسيشيل وقد كان يطلق على الأراضي الساحلية منها أرض الزنج. قبل أن نخوض في العلاقات الوثيقة بين الإسلام وشرق القارة السمراء، نغوص معًا في أعماق التاريخ لنبدأ القصة من أولها، ولنكشف الستار عن الأحداث التي مهدت لهذه العلاقات الوطيدة التي جاء الإسلام ليثَبِتها ويوطدها، لا ليبتدئها أو ينشئها…

الشخصيات الاسلامية التي أثرت وغيرت اديان القارة الأفريقية –

عبدالله بن ياسين الذي نشر الإسلام في افريقيا

هو داعية ومجاهد وفقيه مغربي، ومن علماء المذهب المالكي ومن زعماء الإصلاح الإسلامي, جدد الإسلام بإفريقيا ووضع الأسس الأولى لدولة المرابطين في المغرب الأقصى ….

“الدكتور عبد الرحمن السميط”
( رجل أسلم على يديه 11 مليون إنسان )

هو شخصية غير كل الشخصيات، هو رجل أفنى حياته لإعلاء راية الإسلام و خدمة المغلوب عليهم في إفريقيا.
هو الدكتور عبد الرحمن السميط الملقب بـ:(فاتح إفريقيا)
من أهم إنجازاته :
-بقي السميط رحمه الله في إفريقيا لمدة 29 سنة و هو يدير في العمل الخيري الدعوي .
-استطاع أن يساهم في بناء أكثر من 5000 مسجد .
-استطاع أن يبني أكثر من 850 مدرسة و 4 جامعات و أكثر من 200 مركز إسلامي .
– حفر أكثر من 10 آلاف بئر
– درّس مجاناً 95 ألف مسلم
– قام بكفالة 15 ألف يتيم
– وزّع أكثر من 6 ملايين مصحف
-دخل الإسلام على يديه أكثر من 11 مليون شخص في إفريقيا..

الاستاذ الفاضل وليد عبد الحافظ يونس ابو بلال
رجل قارب عمره ٨٠ عاما
ولكن روحه وهمته تطاول الجبال
قضي حياته في الدعوة الى الاسلام في ادغال افريقيا وبين احراشها وغاباتها وقد أسلم على يده الالاف من الافارقة ..

أحمد ديدات داعية إسلامي من جنوب أفريقيا ذو أصول اسوية ، كرس حياته للدفاع عن الإسلام والدعوة لها ، واشتهر في العقود الأخيرة من القرن العشرين بمناظراته الدينية حول العالم وقد أسلم على يده المئات من الأمريكيين بقارتيها الشمالية والجنوبية وعدد من دول اوروبا ..

من الذي اوصل الاسلام الى افريقيا؟

برزت شخصية القائد الإسلامي العظيم عقبة بن نافع كشخصية عسكرية كبيرة في التاريخ الإسلامي، وفي سجل الانتصارات العظيمة لأمة التوحيد. فهو من أوائل الفاتحين الذين شقوا طريق الإسلام عبر المغارب الأدنى والأوسط والأقصى منها حتى وصل سواحل الأطلسي أو ما يعرف حينها ببحر الظلمات ..

لماذا لم تتجه الفتوحات الاسلامية الى افريقيا؟

أغلب مناطق أفريقيا كانت مجهولة بالنسبة للعالم ، ورحلة الكشوف الجغرافية لقارة أفريقيا بدأت مع نهاية القرن الخامس عشر ! فكيف المسلمون سيذهبون لفتح مناطق مجهولة ؟؟؟

الإسلام في النيجر؟

وقد دخل الإسلام النيجر منذ القرن الأول الهجري على يد عقبة بن نافع الفهري عام 46هـ، الذي وصلت فتوحاته إلى الصحراء الكبرى، وكان التجار المسلمون يجوبون صحراء النيجر للتجارة والدعوة، واستقرت بها بعض القبائل العربية، وانتشر الإسلام في غرب النيجر بوصول المرابطين إليها عام 460هـ، ومنذ ذلك الحين انتشرت اللغة العربية فيها

وكتبت فاطمة العشماوي مقالا مطولا يحمل اسم ( انتشار الإسلام في افريقيا ) وهنا اوجز بعض ما كتبته :
عرفَ أهلُ الجزيرةِ العربيةِ قديمًا الأفارقةَ عن طريقِ العَلاقاتِ الاقتصاديةِ والتجاريةِ بينهم وبين شرقِ إفريقيا، فيما كانَ يُسمَّى بـ “ساحلِ الزِّنْجِ”. والتجارةُ هنا لم تَكُنْ تجارةَ العبيدِ كما يَحلو للمُستشرقينَ أنْ يُصَوِّروها، وإنما كانتْ تجارةَ العاجِ والذهبِ وغيرِها. كانتْ للحبشةِ ارتباطاتٌ وثيقةٌ باليمنِ جَنوبيّ الجزيرةِ العربيةِ، بل إنَّ الحبشةَ كانتْ تحكُمُ اليمنَ قبلَ مَوْلِدِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم. وكانَ لزِنْجِبارَ على الساحلِ الشرقيِّ من القارةِ ارتباطاتٌ تاريخيةٌ بسلطنةِ عُمانَ قبلَ انتشارِ الإسلامِ في كِلَيْهِما. وأطلقَ العربُ اسمَ “أرض السودان” (نسبةً إلى سوادِ بشرةِ أهلِها) على بلادِ جنوبِ الصحراءِ الكُبْرَى والنوبةِ، وقسَّموها إلى السودانِ الشرقيِّ والسودانِ الغربيّ ..

كانتْ إفريقيا أَوَّلَ أرضٍ دخلَها الإسلامُ بعدَ مكَّةَ المكرمةِ؛ فعندما ازدادَ ظلمُ واضطهادُ مُشْرِكي قُرَيْشٍ للمؤمنين،
قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأصحابِه: “لَوْ خَرَجْتُمْ إلى الْحَبَشَةِ؛ فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لاَ يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ”. فهاجرَ إليها نَفَرٌ مِنَ المسلمين في رجبٍ مِن العامِ الخامسِ مِنَ البَعثةِ، وكانَ فيهِم عُثْمانُ بنُ عَفّانَ وزَوْجُهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وجعفرُ بنُ أبي طالِبٍ. وهكذا عرفَ الإفريقيّونَ الإسلامَ قبلَ هجرةِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأصحابِه إلى المدينةِ المُنَوَّرَةِ

فتعد أفريقيا ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان بعد قارة آسيا، وتعتبر القارة المسلمة الأولى في العالم حيث يشكل المسلمون حوالي 52 % من سكانها، فيما يشكل المسلمون غالبية السكان في 29 دولة أفريقية (من إجمالي 53 دولة)، يتمركزون في شمال وغرب القارة. كما أن الإحصاءات تفيد أن بين كل عشرة أشخاص في أفريقيا يتركون الديانات الوثنية التقليدية، يدخل تسعة منهم في الإسلام وواحد في المسيحية. ومع ذلك لا تهتم بها مناهجنا المدرسية أو برامجنا الإعلامية والثقافية، مما يسهل على المحتلين لليوم امتصاص خيرات أفريقيا واستعباد أهلها بواسطة الفقر والجهل والمرض، وذلك في مسيرة من الظلم لأفريقيا تمتد لمئات الأعوام. وقد نبهت بعض المراجع على أن الظلم لأفريقيا وصل أيضاً لخريطتها المنتشرة، حيث لا تمثل الحجم الحقيقي للقارة، بل هي تظهر على الخرائط بحجم أصغر من حقيقتها، إذ تبلغ مساحتها أكثر من ضعفي أوروبا!
أما قصة أفريقيا مع الإسلام فهي قصة قديمة، تسبق حتى قصة المدينة المنورة مع الإسلام. إذ ترجع قصة أفريقيا مع الإسلام إلى السنة الخامسة للهجرة حين هاجر بعض الصحابة بقيادة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم للحبشة فراراً من بطش قريش. فمباشرة من مكة لأفريقيا كان مسار الإسلام، ولكن من ينتبه لهذه الصلة القديمة بين الإسلام وأفريقيا؟!
وببقاء الصحابة هناك عدة سنوات، وحماية الملك النجاشي لهم وسماحه بإعلان إسلامهم، أسلم بعض أهل الحبشة ومنهم النجاشي نفسه. ولكن بعد رجوع الصحابة للمدينة، ضعفت الدعوة الإسلامية في الحبشة.
وفي خلافة الراشدين ، تم فتح مصر بوابة أفريقيا، ومن ثم طرابلس ثم فتح تونس، وبعدها توسع الإسلام في المنطقة. وكان البربر هم حملة اللواء لنشر الإسلام في ربوع تلك المناطق، ومنهم القائد المشهور طارق بن زياد. وبذلك يكون شمال أفريقيا وغربها قد دخل في كنف الإسلام، وهذه هي المرحلة الأولى.
ومن ثم بدأت قوافل التجار والقبائل المهاجرة تنقل الإسلام لمنطقة وسط أفريقيا. كما أن التجار بين الجزيرة العربية وشرق أفريقيا أوصلوا الإسلام لشرق القارة. لكن بسبب وجود الجبال في شرق القارة لم يتغلغل الإسلام كثيراً فيها لصعوبة وصول التجار إليها، بخلاف غرب أفريقيا ذات السهول المنبسطة، والتي ساحت فيها الدعوة الإسلامية؛ فعبر الإسلام الصحراء الكبرى ووصل إلى الغابات الاستوائية على الساحل الغربي للقارة. وعبر الرحلات البحرية وصل الإسلام من موانئ لدول تنزانيا وكينيا وموزمبيق على الساحل الشرقي الجنوبي. وهذه هي المرحلة الثانية من تاريخ الإسلام في أفريقيا.
وقد أسهمت جهود بعض المصلحين الأفارقة، مثل عبدالله الزيلعي وأحمد القرين وغيرهما من شرقي أفريقيا، وعبدالله بن ياسين وعثمان بن فودي وعمر الفوتي وأحمدو شيخو وأحمدوا صمدو وأحمدوا بيلو في الغرب الأفريقي، في استقرار الإسلام وازدهاره، حتى ظهرت عدة ممالك إسلامية كبيرة في أفريقيا، ذكر بعض أخبارها ابن بطوطة في رحلته..

وأن أغلب الفئات التي تعتنق الإسلام في افريقيا هي حاليا من الفئات الواعية والذين درسوا دين الإسلام وتاريخه ، فَهم الذين يبحثون ويختارون من قرار أنفسهم هذا الدين ومن غير أن يكرههم أحد عكس ما يحدث في التنصير الذي يوجه للبؤساء الذي يستغلون في جهلهم وضعف ذات اليد .

دين الإسلام دين رحمة {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}: الدين الإسلامي هو آخر الديانات الإلهية، وهو هدي البشر إلى يوم القيامة.
ولقد جعل الله تعالى في الإسلام قدرات واسعة. الإسلام دين يتحمّل كافة الاتجاهات والأفكار، والقرآن والسنة يدلّان على القدرات الواسعة العالية للإسلام وإن الله تعالى لم يكره أحدا على قبول الدين الإسلامي، وليس لنا أن نجبر أحدا على اعتناق الإسلام .
والحمد لله على هداية قلوب الاقوام والشعوب التي اعتنقت دين الرحمة وانشاء الله سنشاهد المزيد من الذين أهداهم الله للطريق الصحيح …….

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here