في ذكرى عيدهم … العمال من الاحتجاجات إلى الاحتفالات

د. رمضان مهلهل سدخان

عيد العمال، المعروف أيضاً باسم يوم العمال العالمي، هو احتفال بالطبقة العاملة والاسهامات التي قدّمها العمال إلى المجتمع. ولهذه المناسبة تاريخ طويل ومتعدد الأوجه يعود إلى أكثر من قرن من الزمان. في هذا المقال، سأستعرض بعضاً من تاريخ عيد العمال منذ نشأته وحتى يومنا هذا.
اصول عيد العمال
يمكن إرجاع أصول عيد العمال إلى أواخر القرن التاسع عشر، عندما كانت الحركة العمالية في الولايات المتحدة تنمو بقوة. ففي ذلك الوقت، غالباً ما كان يُطلَب من العامل الأمريكي العادي العمل 12 ساعة يومياً، سبعة أيام في الأسبوع، لمجرد تغطية نفقاتهم. وكانت الأجور متدنية، وظروف العمل في كثير من الأحيان كانت غير آمنة وغير صحية.
وبسبب هذه الظروف، بدأ العمال في تنظيم أنفسهم ضمن نقابات، للتشاور بشكل جماعي من أجل تحسين الأجور وظروف العمل. وكان نقابة “فرسان العمل” من أكثر هذه النقابات تأثيراً، إذ نظمت سلسلة من الإضرابات الناجحة في ثمانينيات القرن التاسع عشر.
في العام 1882، اقترحت نقابة “فرسان العمل” مناسبة جديدة لتكريم اسهامات الطبقة العاملة. وقد اختاروا أول يوم اثنين من شهر أيلول ليكون تاريخاً لهذه المناسبة، وسرعان ما اكتسب هذا اليوم شعبية واسعة. وقد أقيم أول احتفال بعيد العمال في 5 أيلول من العام 1882 في مدينة نيويورك، وتميّزَ باستعراضٍ للنقابات والعمال.
انتشار عيد العمال
مع ازدياد قوة الحركة العمالية، ازداد زخم الاحتفال بعيد العمال. وبحلول أوائل القرن العشرين، أصبح هذا اليوم عيداً وطنياً في العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا.
وفي بلدان أخرى، مثل المملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا، يجري الاحتفال بيوم العمال في يوم مختلف، عادةً في شهر آيار أو تشرين الأول. ومع ذلك، تظل الرسالة الأساسية لهذه المناسبة هي: تكريم اسهامات الطبقة العاملة والدعوة إلى تحسين ظروفه عملهم وأجورهم.
أهمية عيد العمال
في وقتنا الحالي، يجري الاحتفال بعيد العمال بشتى الطرق، كأن يكون يوم راحة واسترخاء في بعض البلدان، أو في بلدان أخرى ربما يكون يوماً للاحتجاج والمطالبة بالحقوق.
في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، غالباً ما يُحتفَل بعيد العمال عبر المسيرات والقيام بالنزهات والاحتفالات الأخرى. ومع ذلك، فهو أيضاً اليوم الذي يطالب فيه العمال ونقاباتهم بتحسين الأجور، وظروفِ عملٍ أكثر أماناً، وحماية أقوى ضد التمييز وبعض المضايقات.
وفي بلدان أخرى، يعدّ عيد العمال يوماً يزخر بالاحتجاجات والمظاهرات. وفي بعض الأماكن، قد يخرج العمال إلى الشوارع للمطالبة بتحسين ظروف العمل أو للفت الانتباه إلى الظلم الذي يلقونه في أماكن عملهم.
في الختام
يبقى عيد العمال مناسبة تنطوي على تاريخ ثرّ ومعقد، يضرب جذوره عميقاً في كفاح الطبقة العاملة لتأمين أجور وظروف عمل أفضل، وقد تحوّلت المناسبة إلى كرنفال عالمي للإشادة بمنجزات العمال وإسهاماتهم في المجتمع.
وإذ يحتفل العالم أجمع بعيد العمال في الأول من آيار، لابد من تذكّر التضحيات التي قدّمها العمال عبر التاريخ لتحسين حياتهم وحياة أُسَرِهم. ويجب مواصلة النضال من أجل تحسين الأجور، وظروف عمل أكثر أماناً، وحماية أقوى ضد التمييز وشتى ضروب المضايقات. ومن خلال العمل معاً يمكن إيجاد عالَم يحظى فيه العمال بالكرامة والاحترام الذي يستحقونه.
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here