تاريخ بسطال السلطة

حمزة الحسن

اختلف المؤرخون والمصادر في تحديد تاريخ

الحذاء فالعالِم في جامعة واشنطن أريك ترينكوس

حدده بتسعة آلاف سنة في حين هناك من يقول

ظهر قبل 30 الف سنة لكن العالم تشارلس باناتي يدعي إن القبقاب ظهر في زمن الفراعنة من البردي،

ومن غير المتوقع أن ملوك وملكات سومر وبابل كانوا يمشون حفاة وقد أسسوا حضارات عظيمة.

لكن مقارنة بين تاريخ الحذاء والنعال،

يبدو أن تاريخ النعل أقدم،

لأن رسومات الكهوف تبين إرتداء الناس للنعل،

من العشب والبردي،

ويمكن تخيل الملكة سميراميس بثوب أزرق شفاف وهي

تتجول في الحدائق تحت زقزقة العصافير في نهار صيفي

بنعال من العشب ومحاط بزهور القرنفل،

وهي تفكر في خطة تنمية عن تنظيم الري والسدود

ونفق حجري تحت نهر الفرات وتعد للحرب.

أشهر حذاء في الكتاب المقدس هو حذاء مار مرقس،

وحذاء حكاية سندريلا وحذاء أبو القاسم الطنبوري الذي ظل خالداً

في حين تلاشت نظم فاسدة وستتلاشى

وأي سيرة حذاء لمواطن عربي أجمل وأفضل من سيرة سياسي

نهب البلاد والعباد.

اختلف الفقهاء حول لبس الحذاء في الصلاة

او لبس النعال وفي العربية فارق بين اللبس والارتداء،

وكان النبي الكريم محمد يصنع أحذيته بنفسه،

ولا أعرف لماذا صور السيد المسيح في الايقونة

وعلى الصليب تظهره حافي القدمين.

في التقليد الفظ يقول الشخص لمن لا يعجبه الكلام:

” إلبس”.

لوحة الحذاء للفنان فان كوخ التي بيعت بملايين الدولارات اختلف ثلاثة من كبار فلاسفة الغرب في تحليل لوحة حذاء فان كوخ

عن حذاء مهترئ قديم وهم جاك ديريدا وهايدجر وشابيرو.

من الناس من يخلع صاحبه كحذاء

ومن يثبته كخاتم والخلع والتثبيت ثقافة ومبادئ.

في معركة صفين وخلال التحكيم اتفق الامام علي ومعاوية أن يوكلا عمرو بن العاص عن معاوية وأبا موسى الأشعري عن الامام واتفقا على ان لا يختارا لا عليا ولا معاوية خلال التحكيم لكن عمرو نكث العهد ، قال أبو موسى الأشعري: إني أخرجت عليا من يدي هذه، كما أخرج الخاتم هذا من يدي. وقال عمرو بن العاص: إني إثبت معاوية كما أثبت هذا الخاتم في يدي.

تطور الحذاء الى الاشكال الحديثة،

فصار للحرب والرقص والتنزه والرياضة والافراح

أحذية حتى وصلنا الى الحذاء الآلي على بطارية،

ولو اخترع الحذاء الطائر،

لما بقي عربي في وطنه،

في موسم هجرة الاحذية بدل الطيور واللقالق.

هناك مداخل كثيرة لقراءة الماضي والحاضر

ومن زوايا كثيرة وأهمها الزوايا المنسية والمهملة

وليس من الاحداث الكبيرة دائماً.

مع تطور الحذاء ظهر أقذر حذاء في التاريخ

هو بسطال السلطة ومن هذه اللحظة المشؤومة

تحولت وظيفة الحذاء من خدمة الانسان الى اذلاله،

ولا يخلو ظهر أو وجه عراقي وعربي من أثر أو ذكرى حذاء على الظهر

أو الوجه مما إعتبره الروائي البريطاني جورج أورويل

علامة تحدد شكل المستقبل:

” إذا كنت تريد أن تعرف المستقبل،

تخيل وجهاً يسحقه حذاء”،

والأدب هو فن التفاصيل المهملة لا الشعارات الضخمة

لأن الشيطان في التفاصيل.

أي سلطة قهرية في العالم لكي تحافظ على المظاهر

لا تستعمل الحذاء كوسيلة عقاب في الأمكنة المفتوحة،

إلا في حالات نادرة وتعاقب على ذلك لكي لا تظهر

بمظهر غير أخلاقي لأن هذه الاداة تستعمل في الأمكنة المغلقة

والأقبية والسجون،

لكنها طورت ما هو أخطر من الحذاء كوسيلة ترويض وعقاب

وهو الخطاب السياسي،

وهو ما نصفع به كل يوم،

بمرح وتحليل وتوقع،

لكنه في النهاية يؤدي دور السحق والترويض الناعم

واذا لم ينجح هناك الترويض الخشن والدوس بالاحذية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here