إسرائيل تتمادى في غيها ومصيرها الهلاك

بقلم أ.د عبودي جواد حسن
بروفسور الترجمة الإعلامية\ نجف \العراق

كل الحروب العربية مع إسرائيل لم تستطع ان تفعل ما فعلته حرب 7 أكتوبر 2023 التي قادها الفلسطنينون وحدهم وقدموا فيها ضحايا ذكرت عالمنا هذا بما تعرضوا له من ظلم وما عانوه من تقصيرعبر عقود من الزمن من العدو وكذلك من ذوي القربى في وقت المحن… وذكرت العالم بالمقايس المزدوجة في الحكم على قضايا الشعوب وايقظت الضمائر الحرة في كل مكان لما كان يعانيه شعب قلسطين باطفاله وشيوخه ونسائه.
حيث دون غيرها من الحروب التي شهدتها المنطقة أوصلت هذه الحرب الى العالم رسالة واضحة مفادها ان هناك حقوق مهضومة لشعب عربي مضطهد وان هناك دولة مصطنعة مدعومة من أمريكا والغرب بشكل عام تواصل انتهاك كل الأعراف الإنسانية . ويضا دون غيرها من الحروب أظهرت هذه الحرب مدى ضعف دولة الاحتلال وقدرة الابطال الفلسطنينين على استرداد هيبتهم ووضوح حقوقهم المهضومة . وهي وحدها التي أظهرت خسة ودغش بعض الأنظمة في العالم التي ادعت بالوفاء للمبادىء. كما دون سواها من الحروب كسب الفلسطينيون والشعوب العربية الحرة الحرب الإعلامية في عصر التكنلوجيا الحديثة رغم محاولات الغرب في استعطاف الراي العام العالمي تحت مقولة حق الدفاع عن النفس وإرهاب المقاومين الاحرار متناسين مقولة إرهاب الدولة التي أصبحت واضحة للعيان .
لن يكون العالم بعد هذه الحرب كما كان قبلها حيث ستختفي و سيتغير معنى ما يسمى بالإرهاب وسيتغير مفهوم حق الدفاع عن النفس الذي دفع بالمغتصب والمعتدي الى التمادي في الاجرام وقتل الأطفال والنساء وغيرهم من المدنييين العزل. المهم ستتغيير معظم او جميع المقايس والمقاهيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما ستتعرض وظائف المنظمات الدولية كالامم المتحدة الى التطور والتغير وذلك بفضل عدالة بعض القضايا الدولية .
ففي اخر استطلاع للرأي(Latest Poll ) أجرته النيويورك تايمز في ست مناطق انتخابية متارجحة(Swinging States ) في أمريكا تخلف بفاصل كبير الرئيس الحالي بايدن عن منافسه الجمهوري ترامب حيث ابدى الكثير من المستطلعين وخاصة من الشباب في خمس من المناطق الانتخابية الست أعلاه (60% من هم دون 30 سنة) معارضتهم لما قام به الرئيس بارسال الاساطيل الى مناطق الشرق الأوسط لدعم دولة الإرهاب. هذه من أوائل ملامح التغير لدى الأجيال القادمة من الشعوب الغربية وحتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيراس ابدى غضبه واحتجاجه بشكل مبطن واحيانا صريح من أفعال إسرائيل مما حدى بممثل إسرائيل في الأمم المتحدة الى مطالبته بالاستقالة.
احقا نحن في عالم على هذا الكوكب تظهر فيه احتجاجات ملونية في دول العالم وفي الغرب بالذات منددة ومستنكرة بافعال مدللة الغرب إسرائيل ( The Darling of the West) ؟
نعم هذه هي الحقيقة الان فكم استغرق من الزمن كي يفهم الغرب بالذات حقيقة قيام دولة مغتصبة بكسر الصاد بتشريد شعب وسلب ارضه (Usurpation of land ) وإرهاب وقتل أطفال هذا الشعب ونسائه وشيوخه.
يبدو ان هذا الوليد المدلل يعمل خارج اطار الإنسانية وخارج اطار القانون الدولي و حتى خارج عنان اسياده في حرب غير متكافئة disproportionate War)) ولا ينصاع لاي عرف او قانون وهو يعلم يقينا انه مزورع كجسم غريب في ارض غير ارضه. وما البناء غير الشرعي وغير القانوني للمستوطنات في أراضي الغير ورفض الحلول الدولية للمشكلة المتمثلة في قرارات الأمم المتحدة ( 242 و338) وحل الدولتين وعدم الامتثال للاتفاقية أوسلو والتملص من العهود الا دليل على تعنت وعجرفة هذا الوغد الدخليل.
وها نحن بعد كل هذا نتسأل هل تسمح اية دولة في اية قارة او في أي كوكب وتحت أي حجة او ذريعة لاحد ان يقيم دولة على ارضه ويشرد السكان الأصليين ويضطهدهم بمباركة الغرب ودوله ما لم ينضال شعبه ؟ الم يكن هذا سؤال مشروع في سياق حروب العرب والفلسطينين بالذات مع إسرائيل؟ فقد ادرك العالم الان هذه الحقيقة بعد هذا الواقع المرير جدا المرئي والمسموع من منابر التواصل الاجتماعي.
ما اردنا قوله هو ان العالم بدأ يتغير وسيصبح عالم ما بعد 7 أكتوبر 2023 غير عالم ما قبله حيث سيردع المعتدي بقوة إرادة الشعب الفلسطيني وإرادة شعوب العالم وحكوماته المجبرة على طاعة هذه الشعوب والدليل هو مظاهرات الاحتجاجية المليونية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here