رئيس المدى ينجو من الاغتيال.. والحوادث تتصاعد مع سريان هدنة الفصائل

بغداد/ تميم الحسن

في تزامن غريب تتصاعد عمليات الاغتيال في العراق بعد هدنة “غير معلنة” بين الفصائل والقوات الامريكية مستمرة منذ اكثـر من 20 يوماً. وفي احدث محاولة اغتيال، كان قد نجا فخري كريم رئيس مؤسسة (المدى) من هجوم مسلح مساء الخميس، في حي القادسية وسط بغداد المحاذي للمنطقة الخضراء شديدة التحصين.

وألمح محمد السوداني رئيس الوزراء، الى ان تلك الحوادث ومن يقف وراءها يسعون الى “عرقلة خطط الحكومة” في الإعمار والتنمية، خلال حديث الاخير مع وكالة الاستخبارات.

ويقدر حقوقيون ومؤسسات معنية بانتهاكات حقوق الانسان، ان نحو 40 محاولة اغتيال تجري سنويا في العراق، ضد ناشطين وصحفيين، وينجح المنفذون في أغلب تلك الحالات.

وتسجل حالات الاغتيالات في العادة ضد مجهولين، كما تؤثر ارادات سياسية وضغوطات من متنفذين على سير التحقيقات والنتائج في تلك الحوادث.

وكان لافتا في الاسبوعين الاخيرين تزايد حالات الاغتيال والتي تصادفت مع توقف الجماعات المسلحة والتي تطلق على نفسها “المقاومة العراقية” عن استهداف القوات الامريكية.

وبحسب تصريحات وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) فان قواتها في العراق وسوريا لم تتعرض لهجمات منذ 4 شباط الحالي.

وكانت بعض التحقيقات الرسمية في جرائم الاغتيال، قد اشارت الى تورط واعتقال مسلحين في فصائل معروفة، لكن لايعرف مصير المتهمين بعد ذلك.

في 2021 اعتقلت الحكومة قاسم مصلح، زعيم فصيل الطفوف (حشد) بسبب اتهامات بعلاقته بمقتل ايهاب الوزني، الناشط في كربلاء، ثم افرج عنه بعد ذلك بوقت قصير.

وعن محاولة اغتيال رئيس مؤسسة المدى، فتحت وزارة الداخلية تحقيقاً بالحادث الذي جرى في التاسعة من مساء يوم الخميس الماضي.

وكانت سيارة (بيك اب) قد قطعت طريق العجلة التي كان يستقلها كريم مع مديرة المؤسسة غادة العاملي والسائق، بعد ان أطلقوا 11 رصاصة.

ونجا رئيس مؤسسة المدى كما ينجو سنويا نحو 5% من الاشخاص الذين يتعرضون لمحاولات اغتيال، حيث تسجل سنويا بين 4 الى 5 الاف حالة قتل في العراق، 10% منها تكون حوادث اغتيال.

يقول مثال الالوسي السياسي والنائب السابق في مقابلة مع (المدى) ان “فخري كريم شخصية مؤثرة وفعالة في السياسة والثقافة لذا هو مستهدف لتلك الاسباب”.

الالوسي يؤكد ان رئيس مؤسسة المدى “مستهدف من داخل النظام السياسي”، وبان محاولة اغتياله “تستهدف الصحافة والقلم العراقي واشاعة جو من الارهاب والخوف في الشارع”.

واضاف الالوسي ان رئيس مؤسسة المدى: “شخصية سياسية نضالية يسارية وطنية معروفة على المستوى الداخلي والاقليمي بل حتى الدولي، ولعب دورا اساسيا وكبيراً في الصحافة العراقية وفي الادب في تشجيع الثقافة والنشر ومعارض الكتب التي اشرف عليها ودعمها”.

السوداني يتحدث عن ضغوطات

وتحرج عمليات الاغتيال الحكومة، حيث قال السوداني في زيارة لمقر وكالة الاستخبارات يوم الجمعة، إن “هناك من يريد عرقلة الجهد الخدمي وعمليات الإعمار والتنمية”.

واضاف رئيس الوزراء أن هذه المحاولات “لن تثني الحكومة عن المضي في خطط البناء والإعمار وتقديم الخدمات”.

وتسبب مقتل ناشط صدري الاسبوع الماضي، في الحلة جنوب بغداد، بتصاعد موجة العنف بعد استهداف مقرات لعصائب اهل الحق في بابل والنجف.

وتدخل مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، في الحادث الاخير، وقال إنه يتابع بشكل شخصي ومباشر ملف اغتيال أيسر الخفاجي خلال اتصاله مع والدة الناشط.

وسبق ان طلب زعيم التيار الصدري من انصاره ان “يتجنبوا الخوض بالدمـاء والفتـن وعليهم إلتزام (الكهف)”.

وحذر الصدر في بيان اصدره مايعرف بـ”وزير القائد” صالح العراقي، بـ”طرد” اتباعه الذين يتفاعلون مع “المليشيات الوقحة”.

وسبق هذا الحادث مقتل اثنين من اقارب هادي العامري زعيم منظمة بدر، في هجوم مسلح في منطقة الراشدية شمالي العاصمة.

تنافس الفصائل

واعتبر مثال الالوسي تزايد حوادث الاغتيال بسبب “تنافس العسكري والميداني بين الفصائل المرتبطة بايران واثبات اي منهم اكثر سيطرة على الشارع وعلى الملف السياسي والمالي”.

واضاف ان “ذلك التنافس والتدافع بين الفصائل المسلحة لاثبات انها قادرة على صنع الفوضى يترجم من خلال عمليات الخطف والاغتيالات”.

وكذلك اشار الالوسي الى امر اخر وهو وجود “حالات من مؤسسات رسمية لتكميم الافواه واصدار مذكرات اعتقال ضد ناشطين وسياسيين تساهم في اشاعة الخوف”.

وكانت اكثر عمليات الاغتيالات قد جرت في احداث احتجاجات تشرين في 2019، حيث سجلت 48 حادثة او محاولة اغتيال، بحسب الامم المتحدة.

في غضون ذلك يقول غازي فيصل، مدير المركز العراق للدراسات الستراتجية لـ(المدى) ان عمليات الاغتيال “تشمل تصفية الحسابات السياسية وبين الفصائل وتصفية حسابات مادية و للانتقام الشخصي”.

ويرى فيصل ان هذه الحوادث “تعكس استمرار السلاح المنقلت والمليشيات بالذهاب نحو مواجهات مسلحة وقتل واغتيالات وخطف وابتزاز مادي للشركات الاجنبية والعراقية والاستثمارات”.

ويفترض بحسب تصريحات وزارة الداخلية، ان السيطرة على السلاح المنفلت ستنتهي نهاية العام الحالي، بعد حملة لجمع السلاح ثم تثبت حتى الان نتائج في تقليل مستوى العنف في العراق.

ويشير مدير المركز العراقي الى انه “بدون تصفية وحل الفصائل التي تطلق على نفسها مقاومة، وتقديمهم للمحاكمات، ستبقى هذه الجماعات متحكمة بالشارع وتعبث بامن البلاد”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here