الشهيد الصدر الأول بين القتل المادي والمعنوي

مع ذكرى شهادة مفخرة الحوزة العلمية والتشيع السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قد) على يدي طاغية الحكم البعثي البائد لا بد أن نستحضر القتل الأشد إيلاما الذي يتعرض اليه العلماء العاملون والمصلحين العظام في الحوزة النجفية وهو القتل المعنوي.
ويتجسد هذا القتل المعنوي في محاولة تهميش اولئك العظام ، والتشكيك بشرعية تصديهم لقيادة المجتمع ، وذلك من خلال الطعن باجتهادهم وعدالتهم تارة بصورة مباشرة ، والتقليل من نتاجهم العلمي وعدم استحقاقهم للتصدي للمرجعية تارة أخرى .
والسيد الشهيد محمد باقر الصدر (قد) أحد اولئك العظام الذين ذاقوا مرارة القتل بشقيه المعنوي والمادي ، والملاحظ أن هؤلاء الشهداء الاعاظم كانوا يعلنون على الملأ استعدادهم للشهادة وسعيهم إليها لأن تحقيق هدفهم باصلاح المجتمع كان هدفهم الأسمى ولذلك كانوا لا يبالون وقعوا على الموت ام وقع عليهم من قبل الظالمين.
الا أننا نعود إلى القتل المعنوي الذي ينطبق على بيان ووصف فداحته قول الشاعر :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
وكان معاناتهم من هذا الظلم قاسية نتيجة لتأثير هذا التشويه في مسيرة حركتهم الاصلاحية والتسقيط لشخصهم والذي يجعل الكثير من فئات المجتمع تتورط في حملات البهتان والظلم لهم عن جهل وتعصب .
والسيد الشهيد الصدر الاول (قد) عانى من حسد الكثير من حواشي المرجعية الأخرى لنبوغه العلمي وعطائه الفكري ونشاطه الاجتماعي ، لذلك كانت التهم تلاحقه بأنه تارة (عمامة حزبية) وتارة أخرى متواطئ من البعث ، والتهمة الجاهزة الأخرى لاقصائه عن موقع المرجعية هو عدم اجتهاده والطعن في فقاهته.
ومن المفارقات المضحكة المبكية أنه حتى بعد عقود على شهادته لا زالت تلك التهم الحاقدة تلاحقه من قبل بعض العمائم غير المنصفة ، وبالرغم من احتفاء (روسيا) بلاد الشيوعية سابقا والتي هدم الشهيد الصدر (قد) أسسها ومرتكزاتها باقامة نصب وتمثال في أرقى جامعاتها في موسكو لهذا العالم والمفكر الاسلامي الكبير ، الا أننا نفاجأ أن تنطلق الاصوات النشاز من عاصمة التشيع والحوزة (النجف الاشرف) لتطعن بعد عقود بالشهيد الصدر (قد) وتهرج بأنه لم يكن مرجعا ولم يتصدى للمرجعية ؟! ، مع انه طبع تعليقته على منهاج الصالحين للمرجع محسن الحكيم (قد) في ستينات القرن العشرين وهو ما يعني عرفا في الوسط الحوزوي بمثابة اعلان لمرجعيته ودعوة الناس لتقليده .
وبالرغم كذلك من ان الشهيد الصدر الأول (قد) اصدر رسالته العملية الفريدة في اسلوبها (الفتاوى الواضحة) في منتصف سبعينات القرن العشرين؟ (1)
مؤخرا خرج الينا المدعو الشيخ فرحان الساعدي وفي إطار تدليسه التاريخي بمقطع فيديو لاحدى الندوات التي تقام له اعلن فيه بأن السيد محمد باقر الصدر (قد) لم يعلن نفسه مرجعاً ؟ (2)
وكالعادة لم يثبت الساعدي ادعائه الكاذب واخذ يناور في الكلام ويكسر ويجبر من خلال اعترافه باجتهاد الشهيد الصدر الأول (قد) واهليته للمرجعية ، ثم ينفي إعلان الصدر (قد) لمرجعيته احتراما وتعظيما للمرجعية العليا آنذاك بحسب ادعائه ؟
إن هذا التجني والظلم والتزوير التاريخي يندرج ضمن سلسلة محاولة تحجيم المراجع العاملين وقطع الطريق أمام اي مجتهد يعلن مرجعيته لأنه سيتعرض في مشروع مرجعيته إلى سلسلة لا تنتهي من حملات الطعن باجتهاد وعدالته ودينه من قبل بعض الجهات واللوبيات في الحوزة والتي تخصصت ولا تزال في مشروعها غير الشرعي واللا اخلاقي والمتجسد بالقتل المعنوي ومحاولة تصفية أي مشروع مرجعية رشيدة حركية وأجهاض مشروعها مقدما لغايات واهداف مريضة وبائسة يتبعون بها خطوات الشياطين من حيث يعلمون او لا يعلمون..

(1) محمد باقر الصدر ،الفتاوى الواضحة، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف
(2)مقطع فيديو ، https://youtu.be/GGvjOmqo-JM?si=aaZTCWuOfopMIr39

احمد البديري
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here