خطيب الصلاة مرآة للفكر الذي يعتنقه

خطيب الصلاة مرآة للفكر الذي يعتنقه، نعيم الهاشمي الخفاجي

بظل الفوضى والتردي الثقافي والديني وعدم وجود أنظمة عربية تحكم بالدساتير، وبظل انعدام المساواة، واتباع اسلوب القمع والقتل من قبل الأنظمة العربية، صنيعة دول الاستعمار، الفيالق الإعلامية المرتبطة في الأنظمة العربية القمعية، يحاولون بشتى الطرق، تحميل خطيب وأمام المسجد مسؤولية كل التردي والظلم والقتل والتخلف.

متناسين أن الأصل هو وجود أنظمة عربية قمعية، الكثير منها استخدم العصابات الوهابية البدوية لكي يصنع من قطعان المجرمين والسراق مملكة خاصة به، مثل استعانة عبدالعزيز سعود بالوهابية وبدعم بريطاني ليصنع منهم مملكته والتي سميت في اسم عائلته، ال سعود.

التدين حالة فطرية بنفس الإنسان، تَدين الفرد من بني البشر، يكون نتاج قناعة بنوع الدين والمذهب والفكر الايدولوجي الذي اقتنع به ليوصله إلى بر الأمان.

كل الأديان والمذاهب والحركات الفكرية بالعالم، لها، قيم ومبادئ، اذا الشخص الذي يعتنق تلك الأديان والحركات الفكرية جاهل به، يصبح تدينه أشبه في مظاهر وعادات وممارسات يؤديها فقط.

قلة المعرفة بالدين والدخول إلى عالم الفلسفة بشكل قشري وليس بشكل دراسة معمقة، يعرّض مثل هؤلاء البشر إلى الانسلاخ من الدين، وخاصة حينما تجد فيالق إعلامية مدربة، متخصصة، بنشر الأكاذيب و الإفتراءات والشبهات.

قبل أربع وعشرين سنة وفي عام 2000م، قام قس مسيحي كاثوليكي في جنوب غرب أوغندا، بعمل حركة دينية باسم مميز، اختار لهذه الحركة، اسم من اعتقاد مسيحي وهو( مجموعة إحياء الوصايا العشر) مثل أكاذيب الوهابية في اتباع السلف الطالح، وليس السلف الصالح، هذا القس اقنع أتباعه، أن العالم انتهى، وستقوم يقوم القيامة، واقنعهم في بيع بيوتهم وممتلكاتهم، وسلموها للقس ليشتري لهم بيوت بالجنة، وحدد لهم يوم معين، لدخول الكنيسة، ويضعوا حداً لحياتهم بأيديهم لتلتحق، أرواحهم بالملكوت الأعلى، والعجيب قال لهم هذا القس انه، سيسافر إلى أوروبا، ومن القارة الاوروبية يسبقهم للذهاب للجنة، ويقوم في استقبال ارواحهم، وبالفعل دخل حوالي 470 شخصاً كنيستهم، في اليوم الذي حدد، وأغلقوا عليهم الأبواب والنوافذ، وأغلقوا الأبواب بشكل محكم، حتى لا يفكر أحد في الهرب والخروج ويخسر فرصة الانتقال إلى الفردوس، وسكبوا، النفط، والبنزين، في أنحاء الكنيسة وأشعلوا النار، وماتوا كلهم اختناقاً واحتراقاً، وفيهم عدد من النساء والأطفال، والقيس الدجال، نهب أموالهم وهرب إلى أوروبا.

خطب صلاة الجمعة، لدى المسلمين تعكس حقيقة الفكر الديني الذي يؤمن به أئمة وخطباء المساجد، غالبية الفكر الإسلامي السُني، بعد سيطرة الوهابية من خلال الوهابية أنفسهم، أو من خلال كوادر واعضاء وانصار حركات الإخوان المسلمين المتوهبين، خطبهم منصبة على التكفير وبث روح الكراهية، وتعميق الخلافات داخل أبناء المجتمع الواحد، ولدينا بالعراق أضيف إليهم خسة ونذالة البعثيين من ابناء المكون البعثي السني بشكل خاص.

البيئة المجتمعية الواعية تهتم في تطوير الوعي الثقافي، من خلال تحفيز وتشجيع اهتمام القراءة لدى طلاب المعارف على مختلف المستويات، وتعزيز الوعي الثقافي، إن تقدم البلدان يحتاج وجود أنظمة حكم مستقرة تحكمها الدساتير وليس اشخاص، إذا وجد نظام حكم مستقر ودستور حاكم، تبدأ عمليات تطوير الوعي الثقافي والمعرفي، وتكون الثقافة جزءًا من أهداف النظام السياسي الحاكم.

لذلك، المثقف جزء مهم من المجتمع، و يكون المثقف عامل مؤثر، في تطور المجتمع، وله اليد العليا في نشر الوعي، والمسؤولية الاجتماعية للمفكر والمثقف، تقتضي منه الحضور والتعبير عن رأيه.

في صلاة الجمعة، في المملكة العربية السعودية، كان السديسي والعريفي يبكون عندما يذكرون الآيات التي نزلت بحق اليهود والنصارى، بعد الضغط الغربي على النظام بالسعودية، منعهم ولي العهد السعودي، من ذكر الآيات بخطبهم، ومنعهم حتى من دعاء الله لشعب فلسطين، لذلك ترى الخطباء، وأئمة الصلاة يتحدثون عن أمور جانبية ليست لها علاقة في أصل إقامة صلاة الجمعة.

بل وصلت الحالة، النسبة الأكبر من المصلين، يتأخرون من الذهاب إلى المساجد، بل يكون مجىء الغالبية منهم، قبل نهاية خطبة صلاة الجمعة بعدة دقائق، أي قبل الإقامة للصلاة، رغم أن خطبة الصلاة، تعتبر جزء من الصلاة نفسها، لذلك غالبية المصلين من أهل السنة والجماعة باتوا، لا يعنيهم حضور خطبة الصلاة.

حضرت قبل عدة سنوات صلاة الجمعة، واستمعت لخطبتي الصلاة، وكان السيد محمد الصدر أمام صلاة الجمعة، في مسجد الإمام علي بن أبي طالب ع، في العاصمة الدنماركية كوبنهاكن، يحث المصلين في التمسك بالأخلاق الفاضلة، وعدم السرقة والاحتيال، ويشدد على احترام الزوج لزوجته والزوجة لزوجها، ويحث على دعم الأطفال في الدراسة بشكل جيد، ويذكر آيات قرآنية وأحاديث نبوية عن أئمة آل البيت ع بضرورة التعلم والمعرفة في الجوانب العلمية مثل الطب والهندسة والاقتصاد والفلسفة، وكذلك تطوير المعارف الدينية، وليس التركيز على الجانب الديني فقط، مثل ما يفعل أئمة مساجد الوهابية، يحثون المصلين في استخدام المسواك بدلا عن فرشاة الأسنان وتقصير الاثواب بحيث يصبح هؤلاء اثوابهم قصيرة أشبه في تنورات نسائية قصيرة.

الكثير من أئمة وخطباء ومكاتب الاستفتاء لدى مراجع الشيعة، يحثون الناس حتى في أبسط الأشياء مثل عدم ترك اضاءة الغرف مضيئة، وأنت خارج عنها، والاقتصاد في المياه في الغسل والوضوء، وإن كانت المياه، مجانا، بل رأيت فيديو إلى السيد السيستاني يتوضأ، كل كمية المياه التي أستعملها للضوء لا تتجاوز، كلاص( قدح) ماء واحد لا غير، بيانات المرجعية تحث في عدم إلقاء القمامة فى الشارع، والتجاوز على الشوارع، لكن للأسف تجد هناك من يلقي القمامة بالشارع، أو يتجاوز على أراضي الشارع الذي أمام بيته، بحيث يصبح منظر الحي السكني غير متناسق.

خطبة صلاة الجمعة تلعب دورًا مهمًا فى تعزيز، المعرفة والثقافة، رأينا مؤامرة داعش وكيف زحفت قوى الشر على بغداد، خرج الشيخ عبد الهادي الكربلائي الخفاجي بصلاة الظهر وأثناء الصلاة أذاع، بيان السيد المرجع السيستاني في حمل السلاح وبشكل كفائي للتصدي الإرهابيين، رأينا ملايين الناس خرجت لقتال اراذل فلول البعث وهابي، وتم هزيمتهم شر هزيمة، وتدخل صانعيهم لحمايتهم بكذبة كبرى اسمها تحالف لمحاربة داعش.

القوى العظمى ومن خلال دول البداوة وملياراتهم الدولارية وزعوا الملايين على الكتاب والصحفيين، وبل حتى النشطاء العاديين يهبون لهم أموال كبيرة لمجرد إعادة نشر تغريدة معينة، لذلك لعبت منصات التواصل الاجتماعي، بالدول العربية، دور سيء في نشر التطرف والكراهية والتشجيع على تدمير وقتل مكونات ومذاهب واديان في العديد من أبناء الدول العربية.

بينما في دول الغرب، يقع على عاتق ناشطي ورواد التواصل الاجتماعي، بنشر ثقافتهم المبنية على أسس لخدمة دولهم بالدرجة الأولى.

بدول الغرب وبقية دول العالم الغير عربية، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي تؤدي دورًا رئيسًا في بناء الوعي، وأصبحت تشكل، ركنًا أساسيًّا للتواصل اليومي واستقبال المعلومات بالنسبة لكثير من الأشخاص في العالم، وفي البيع والشراء……الخ.

من أروع ما قيل في الحكمة، يقول عنترة بن شداد:

لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ

وَلا يَنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ

وَمَن يِكُن عَبدَ قَومٍ لا يُخالِفُهُم

إِذا جَفوهُ وَيَستَرضي إِذا عَتَبوا

قَد كُنتُ فيما مَضى أَرعى جِمالَهُمُ

وَاليَومَ أَحمي حِماهُم كُلَّما نُكِبوا

لِلَّهِ دَرُّ بَني عَبسٍ لَقَد نَسَلوا

مِنَ الأَكارِمِ ما قَد تَنسُلُ العَرَبُ

لَئِن يَعيبوا سَوادي فَهوَ لي نَسَبٌ

يَومَ النِزالِ إِذا ما فاتَني النَسَبُ

إِن كُنتَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَنَّ يَدي

قَصيرَةٌ عَنكَ فَالأَيّامُ تَنقَلِبُ

اليَومَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَيَّ فَتىً

يَلقى أَخاكَ الَّذي قَد غَرَّهُ العُصَبُ

إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها

عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ.

عنترة بن شداد كان فارس معروف في قطف رؤوس من ينازلوه بساحات الوغى، ولم يكن عربيا، بل هو افريقي اسود اللون باعوه كعبد، لكن شاء أن يكون أشجع الفرسان، لذلك توسل به العربان لينتسب إلى قبائلهم وينكح نساؤهم.

وقد روى الشيخ البهيقي قول أحد الفلاسفة بحد زعمه، من تفكر كفر، ويقول شيخ المفخخين، إبن تيمية من تمنطق تنزدق. وقول اخر إلى أبن تيمية، يقول، من يكثر من لماذا وكيف سيكفر، فيا معاشر المسلمين، من اهل السنة والجماعة، لا تفكروا ولا تسألوا وكونوا كالأغنام والحمير.

بروز القوى الشيعية المقاومة كداعمة لشعب غزة السُني، أحدث ذلك، تغير مواقف الكثير من المثقفين السنة تجاه الشيعة، افزع القوى التي تضطهد الشعب الغزاوي الفلسطيني، لذلك رأينا حملة للإعلام البدوي الوهابي ضد كل شخص يقف مع الشيعة، وحذروا من تشيع الكثير من المواطنين العرب السُنة، بل أحد الكتاب الصهاينة، وكالعادة قلبه محروك هواي على الشيعة، ويكتب في اسم مستعار، ظاهره مسلم شيعي، الاخ حذر الشيعة أن فلان شيخ مصري وهابي وفلان شيخ فلسطيني وهابي واسماهم في الدواهي، قد أثروا على الشباب الشيعة وتسببوا في تسننهم ههههه وإن على الشيعة عدم تفويت الفرصة وعليهم إقامة إقليم من سامراء للفاو ههههه عفية إقليم ههههههه أصبح مثل حبة البندول، يصلح لكل شيء، بكل الاحوال تقسيم العراق لم ولن يحدث، الأقاليم يجب أن لا تكون على أسس قومية ومذهبية، طرق إقامة الأقاليم كثيرة، ومن الأفضل عدم إقامتها، ربما بعد مائة عام، يقتنع العراقيين في عمل نظام اقاليم، هذا الأمر متروك لاحفادنا ان شاء الله.

استقرار العراق مرتبط في القضاء على الفكر البعثي الوهابي، من خلال دعم شخصيات عراقية سُنية تؤمن في العيش المشترك والمشاركة في صنع القرار السياسي، وضمان المساواة والعدالة الاجتماعية، وليس في إقامة اقاليم قومية ومذهبية.

في الختام يقول المفكر الأيراني علي شريعتي، قلت لصديقي، لماذا لا يصيح ديكُكم ؟.

قال، اشتكى منه الجيران لأنه يوقظهم فذبحناه.

هنا فهمت أن كل من يوقِظ الناس من سباتهم على امتداد التاريخ، هناك من يريد قطع رأسه، في حياتنا يتداول الناس اسم الدجاج ولا أحد يذكر الديك، يفكرون بمن يملأ بطونهم ولا يفكرون بمن يوقظ عقولهم وأفكارهم، إياك أن تكون ديكاً.

مع خالص التحية والتقدير.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

6/5/2024

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here