التقدد الديني!!

الأديان تتقدد ولا يوجد دين على وجه البسيطة لم تصبه الإنشطارات المتواصلة , ففي كل دين تنشأ مذاهب وفرق وجماعات وفئات ومدارس ورؤى وتصورات , والعجيب في أمر السلوك البشري , أن الصراع بين أبناء الدين الواحد بإنشطاراته المتناحرة يكون أشد وحشية وقسوة وشراسة من صراع أبناء الدين مع أبناء دين آخر.
ومن الصعب تفسير هذا السلوك التماحقي الفتاك الذي عصف بالأديان , والأمثلة كثيرة ومتكررة , وفي الديانة المسيحية ما لا يحصى من الحالات التماحقية المرعبة ما بين الكاثوليك والبروتستانت , وكذلك في الديانات الأخرى.
ومسيرة الإسلام فيها العديد من التفاعلات القاسية ما بين أبناء الدين الواحد ومنذ بدايات الدين.
ولا تزال الصراعات بين فرق الإسلام المتنوعة في ذروتها , وبين آونة وأخرى تظهر فرق وجماعات تدّعي بأنها تمثل الدين , وتريد إبادة الآخرين لأنهم من الكافرين والمتآمرين والخارجين عن الملة أو الجماعة , وتهمة الزندقة معروفة في مسيرة الإسلام.
ويبدو أن التطرف في الأديان ربما يعزز النزعات الغابية عند البشر , ويحرره من المسؤولية ويميت ضميره , وكأنه يمنحه التفويض الإلهي للقيام بإرتكاب الآثام والخطايا , لأنه ينفذ أمر ربه الذي يعبد , ويتقرب بما يقوم به إليه , ويؤكد صدق إيمانه وقوة إنتمائه بقتل إبن الدين الذي لا يرى مثلما يرى.
فكل فئة أو فرقة تدّعي بأنها هي التي ستفوز بجنات النعيم وغيرها إلى الجحيم , وعليها أن تقتل غيرها , لأنها هي المنزهة المنصورة المؤيدة الموعودة بالجنان , وغيرها ستلتهمه النيران , وهي من نسج الغيوب ولا دليل قاطع عليها , فالغيب سلطان وبموجبه تتصارع الأديان , وتتهاوى بنيان الدين بتدمير الأركان , فكأن الدين قتّال شديد لإبن الدين بعد إخراجه من كينونته الإنسانية , ووصفه بالزندقة والعدوانية , فيكون قتله من الإيمان السليم!!
فقل عاش قناع الدين!!
“واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”!!
و”إنما المؤمنون أخوة”!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here