أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (٥)

                                 نــــــــــزار حيدر

   {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

   لا تجد في كلِّ آياتِ القرآن الكريم التي يربو عددَها على الـ (٦) آلاف آية، أَشدَّ من هذه الآيةِ المُباركة، أَتعرفونَ لماذا؟!.

   لأَنَّ الجريمة التي تُعرِّض الأَمن القومي للخطر هي من أَشدِّ الجرائِم ليس في نظرِ الاسلام فحسْب وإِنَّما في كلِّ النُّظُم السَّماويَّة منها والأَرضيَّة، ولذلك مثلاً لا يحقُّ للسُّلطات هنا في الولايات المتَّحدة الأَميركيَّة إِسقاط جنسيَّة المواطن لأَيِّ سببٍ من الأَسباب مهما عظُمَ إِلّا اذا ثَبُتَ عند القضاء بأَنَّهُ يعرِّض الأَمن القومي للخطر!.

   ولقد شنَّت واشنطن حربَين متتاليتَين وأَسقطت نظامَين عندما شعرت بأَنَّ الارهاب يعرِّض أَمنها القومي للخطر!.

   ولقد صبرَ أَميرُ المؤمنين (ع) على الخوارج فتشاهد معهُم، حتَّى إِذا قطعوا الطَّريق وعرَّضوا الأَمن القومي للخطر قاتلهم شرَّ قِتال!.  

   ولو أَنَّ السُّلطات العراقيَّة كانت قد تعاملت مع الارهابيِّين ومَن يقف خلفَهم بمعشارِ شدَّة هذه الآيةِ المُباركة لما كُنَّا شهِدنا اليوم مِثل جريمتهِم النَّكراء التي تتكرَّر بين الفَينَةِ والأُخرى في العاصمةِ بغداد وغيرِها من المُدن العراقيَّة!.

   أَمَّا عندما ينزل الارهابي في سجن (٥) نجوم ويتمتَّع بامتيازاتٍ لا يحلم بها وهو خارج السِّجن! وقد يتمُّ تسليمهُ الى بلد المنشأ ليُعاد تدويرهُ وإِنتاجه مرَّةً أُخرى! فانَّنا سنظلَّ نُواجه جرائمهُم ببرودةِ أَعصاب المسؤولين! خاصَّةً وأَنَّهم محميُّون منها فضحايا الارهاب هم أَولاد الخايبة ووُلد الملحة! فلماذا يستعجل المسؤولون في تنفيذ أَحكام الاعدام بحقِّهم؟! دعوهم يبيعونَ ويشترونَ ويساومون ويبتزُّون بدماءِ الابرياء من العراقييِّن الذين باتت حياتهُم أَرخص من سعر الطَّماطم والباذنجان المستورد!.

   لقد ثبُت بالدَّليل القاطع أَنَّ الارهابيِّين لا ينفع معهُم شيءٌ إِلّا الاستئصال، فالذي يفجِّر نَفْسَهُ في ساحةٍ عامَّةٍ لا يوجد فيها أَي هدفٍ رسميٍّ أَو سياسيِّ أَو حزبيِّ أَو عسكريِّ أَو أَمنيٍّ، فكلُّ ما فيها هم جمهورٌ من العوائل التي تجمَّعت عند محلٍّ للمُثلَّجات خرجت في مُنتصفِ اللَّيلِ مع أَطفالها الصِّغار لتشمَّ الهواء العليل في العاصمةِ بغداد في ليلةٍ رمضانيَّةٍ جميلةٍ! لا تنفع معهُ نصيحة ولا تردعهُ آية أَو رواية ولا يوقفهُ عند حدِّه شيءٌ!.

   كما أَنَّ الذي يرتدي حزاماً ناسفاً ليفجِّر نَفْسَهُ في داخلِ كنيسةٍ في مِصر المحروسة أَو يقطع الطَّريق على مجموعةٍ من الأَقباط لينفِّذ فيهم مجزرةً دمويَّةً رهيبةً فيقتل ويجرح العشرات! هل تظنُّ أَنَّ حِواراً عقلانيَّاً ومنطقيَّاً ينفع معهُ فيشجِّعهُ على إِعادة النَّظر في منهجيَّتهِ وطريقتهِ في تعريض الأَمن القومي للخطر؟!.

   إِنَّ مَن يتصوَّر أَنَّ هؤلاء ومَن يقف خلفَهم من السياسيِّين وأَصحاب الأَموال وأَجهزة الاستخبارات والعُملاء المتواطئِين معهُم الَّذين يغضُّون الطَّرف عن الارهابي ليمرَّ من نقطة التَّفتيش والسَّيطرات الأَمنيَّة! تفيدُ معهُم [التَّسوية التَّاريخيَّة] و [المُصالحة الوطنيَّة] لا يضحك إِلَّا على ذقنهِ! وصدقَ الله تعالى الذي قَالَ في مُحكمِ كتابهِ الكريم {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}.

   كفى مجاملةً مع الارهابيِّين! كفى مشاريع جبانة! كفى مشاريع الذُّلِّ والمَهانة! كفى مشاريع خيانة! كفانا تردُّداً وخوفاً! كفى الْعِراقِ هزائِم وفشل وفساد!.

   أَيُّها السَّاسة المهزومون! أُتركوا السُّلطة لغيرِكم! إِذا لم تجدوا الشَّجاعة الكافية في قلوبِكم! فالإرهابُ لا يواجَهُ بحقوقِ الانسان! والدِّماءُ لا تُحقن وتُصانُ بها!.

   لا يخدعنَّكم الغرب بهذهِ الشِّعارات [الانسانيَّة] و [الحقوقيَّة] البرَّاقة! التي يحمونَ بها الارهابيِّين في بلادِنا فقط! إِنَّهم يُرهِبوننا بها فقط لصالحِ الارهابيِّين! ولا يُعيرونها أَهمِّيَّةً في بلادهِم!.

   أَلا ترَون أَنَّ الغرب يتلفَّع بصمتِ أَهل القبور إِزاء ما يجري من إِنتهاكاتٍ صارخةٍ لحقوقِ الانسان في اليمن والبحرين تحديداً على يد نِظامِ القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرةِ العربيَّة، إِبنهم المُدلَّل وبقرتهُم الحَلوب؟! بل على العكسِ من ذلك! فلقد كافأَهُ الرَّئيس ترامب وشجَّعهُ على الاستمرارِ في إِنتهاكاتهِ الخطيرة عندما وقَّع معهُ أَكبر صفقة تسليح في التَّاريخِ المُعاصر! كما كافأَتهُ بريطانيا وفرنسا [زعيمتا الدِّيمقراطيَّة والحريَّة وحقوق الانسانِ في العالم] من قبلُ!.

   إِنَّ الغربَ كذَّابٌ أَشِر! وأَنَّ الهيئات الدَّوليَّة منُافقة! وإِذا أَردنا أَن ننتظرَ مُنهم حمايةً لحقوقِ الانسان فسيُباد الشَّعب العراقي بأَجمعهِ قبل أَن يحموا حقّاً واحِداً من حقوقِنا!. 

   إِنَّ الغربيِّينَ {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا}.  

   ٣٠ مايس (أَيار) ٢٠١٧

                            لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com

‏Face Book: Nazar Haidar

‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1

(804) 837-3920 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here