انقسام القوى السُّنيّة يدفعها لعقد مؤتمرين متزامنين في بغداد وأربيل بأجندات متباينة

بغداد / محمد صباح

حتى هذه اللحظة لم يتم تأكيد مشاركة شخصيات سُنيّة مطلوبة للقضاء في المؤتمر الذي تعتزم قوى سنية عقده في العاصمة بغداد منتصف شهر تموز الحالي. وما زاد الامر تعقيدا، موجة الاعتراضات التي تبديها قوى سنية مشاركة في العملية السياسية حول عودة المطلوبين للقضاء، وعدم إيجاد مخرج قانوني لتسوية قضايا المطلوبين بقضايا إرهاب.

وعلى خلفية هذا الانقسام الحاد بين الاطراف السنية، تتجه الهيئة القيادية التي يترأسها سليم الجبوري ونائباه أحمد المساري، ووضاح الصديد إلى عقد مؤتمر بغداد بمعزل عن الاطراف المطلوبة للقضاء التي ستعقد مؤتمرا خاصا بها في اربيل بالتزامن مع المؤتمر الاول.
وخلال عطلة العيد، كثفت قوى سنية حراكها انطلاقا من العاصمة الأردنية عمان في محاولة لترتيب أوراقها بما ينسجم مع أهداف مؤتمر بغداد، على أمل تشكيل مرجعية سياسية موحدة للمكون السني.
وكشف رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، الأسبوع الماضي، عن اتفاق توصلت إليه الأطراف السياسية لعقد مؤتمر شامل في العاصمة بغداد، تحضره شخصيات سنية مطلوبة الى القضاء. ومن بين هذه الشخصيات، بحسب الجبوري، وزير المالية السابق رافع العيساوي وخميس الخنجر وسعد البزاز. ويتحدث عضو مجلس محافظة صلاح الدين سبهان الملا جياد، في حديث لـ”المدى” امس، عن استعدادات القوى السنية لعقد أول مؤتمر لها في العاصمة بغداد بالقول ان “الاجتماع ستحضره اطراف سنية مشاركة في العملية السياسية وأخرى غير مشاركة لتوحيد الموقف السني قبل إجراء الانتخابات المقبلة”. وكشف مصدر بارز في اتحاد القوى، لـ(المدى) في أيار الماضي، عن مفاتحة جهات سنّية داخلية وخارجية، الحكومة بهدف الموافقة على عقد مؤتمر لها في العاصمة بغداد تحضره شخصيات مطلوبة للقضاء لمناقشة أوضاع سنّة العراق لمرحلة ما بعد داعش.
وكالعادة لا تخلو هذه المؤتمرات من اختلافات حادة بين القوى السنية المشاركة في العملية السياسية مع أخرى معارضة، إذ تدور هذه الاختلافات حول مشاركة شخصيات مطلوبة للقضاء بالعودة إلى العملية السياسية مرة أخرى.
ويلفت جياد الى ان “اغلب المدعوين للحضور إلى مؤتمر بغداد لديهم تحفظات على مشاركة بعض الأسماء المطلوبة للقضاء”، مبينا ان “التحضيرات لهذا المؤتمر اقتصرت على حضور خمسة وعشرين شخصية من أصل مئة شخصية ستشارك في المؤتمر المقبل”.
وكانت (المدى) قد كشفت، في 19 من حزيران الجاري، عن اتفاق بين اتحاد القوى والقضاء العراقي على مراجعة ملفات عدد من الساسة السنّة الذين صدرت بحقهم أحكام جنائية خلال السنوات الماضية. وفي مقدمة هذه الشخصيات طارق الهاشمي ورافع العيساوي اللذان يتواجدان خارج البلاد، كما تطالب قوى بمشاركة النائب المحكوم بالاعدام أحمد العلواني. وتؤكد القوى السنية أن عقد مؤتمراتها في بغداد بدلا من عواصم إقليمية يتوقف على نتائج مراجعة القضاء لملفات عدد من قياداتها، مشددة على ان المؤتمرات التي تعقد خارج العراق مؤيدة للعملية السياسية ولحكومة العبادي .
ويشير جياد، وهو احد المدعوين لمؤتمر بغداد، الى ان “جميع المدعوين ليس لهم علم بالاجتماعات التحضيرية التي كانت ترتب لعقد مؤتمر بغداد من قبل الهيئة القيادية من اجل معرفة المخرجات والنتائج والمواقف التي دفعت لترتيب هذه الاجتماعات”.
ويتابع السياسي اليساري من محافظة صلاح الدين بالقول “هناك اجتماعان سيعقدان في آن واحد الأول في العاصمة بغداد سيقتصر الحضور فيه على المشاركين في العملية السياسية، والثاني في اربيل سيقتصر على المطلوبين للقضاء”، مؤكدا “عدم امكانية حضور شخصيات مطلوبة قضائيا إلى بغداد مالم تتم تسوية كل ملفاتها التي يعكف القضاء على مراجعتها”. ويبين الملا جياد ان “الهيئة الإدارية الجديدة لتحالف القوى السنية، التي يترأسها سليم الجبوري ونائباه كل من احمد المساري ووضاح الصديد، تضم في عضويتها خمسة وعشرين شخصية عملت على الدفع بعقد مؤتمر للقوى السنية في بغداد”.
ويتابع عضو مجلس محافظة صلاح الدين أن “العمل جارٍ على تشكيل هيئة سياسية تضم في عضويتها مئة شخصية تمت دعوتهم جميعا إلى مؤتمر بغداد من اجل تأسيس وتشكيل التحالف السني الجديد”. واضاف “بعد الإعلان عن هذا التحالف سيصار إلى دعوة لمؤتمر ثانٍ تشارك فيه (400) شخصية لتشكيل الهيئة العامة للقوى السنية”.
وكشف جياد عن حراك لقوى سنية مختلفة في العاصمة الأردنية عمان، جرى خلال عطلة العيد، لوضع اللمسات الأخيرة على عقد مؤتمر للقوى السنية المرتقب، بعدما تمكنت من الحصول على موافقة التحالف الوطني والحكومة الاتحادية على عقده في العاصمة بغداد”.
وعبر رئيس الحكومة حيدر العبادي، مؤخرا، عن استيائه من قيام أطراف سياسية بعقد مؤتمرات لها خارج العراق، معتبرا انه “أمر مرفوض ولا يمكن قبوله”. واكد العبادي ان هذه المؤتمرات “تحضر لها أجهزة مخابراتية تابعة لدول جوار العراق، وتسعى لدعم أطراف في الانتخابات المقبلة”.
وكشف رئيس الوزراء عن اتصالات أجرتها حكومته مع أطراف إقليمية طلبت فيها منع استضافة هكذا اجتماعات، منوهاً إلى أن “الحكومة العراقية لا تمانع من عقد هذه المؤتمرات داخل العراق، ومستعدة لاستضافتها في بغداد”.
وحول أبرز جدول أعمال المؤتمر المرتقب، يؤكد سبهان ملا جياد ان “الأغلبية الساحقة من القوى السنية مع تأسيس دولة المواطنة وتوحيد الموقف بين كل القوى والمكونات بما يضمن وحدة العراق”، مؤكدا ان “المطالبة بالفدرلة قد خفتت في الآونة الأخيرة بعدما كانت مطلبا لبعض الأطراف السنية سابقا”.
ويرجح ملا جياد مشاركة سفراء الولايات المتحدة الامريكية ودول عربية وإقليمية في مؤتمر بغداد المقبل.
إلى ذلك يعترف النائب عن اتحاد القوى العراقية محمد نوري عبد ربه بوجود اختلافات في وجهات النظر بين القوى السنية حول مشاركة بعض الشخصيات المطلوبة للقضاء. واضاف عبد ربه ان “الهيئة القيادية التي يترأسها سليم الجبوري ونائباه أحمد المساري، ووضاح الصديد تبنت عقد مؤتمر في بغداد بمعزل عن الاطراف المطلوبة للقضاء التي اتجهت بمنحى آخر وهو عقد مؤتمرا لهم في اربيل”. ويؤكد عضو اتحاد القوى ان “كلاً من المؤتمرين لهما رؤى وأهداف مختلفة عن بعضمها البعض ولا توجد ملتقيات بينهما”، لافتا الى ان “هناك اختلافات بين جهات سنية على مشاركة شخصيات مطلوبة قضائيا ودخولها في التحالفات السنية الجديدة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here