مسلّحو داعش يلجأون إلى ضفة دجلة.. وإعلان التحرير مسألة وقت

بغداد / وائل نعمة

توشك معركة تحرير الموصل القديمة على الحسم بعد أُسبوعين من الاشتباكات الضارية، حيث قدرت القيادة العسكرية مقتل 600 مسلح في تلك المناطق. ويُعتقد أن تعلن الحكومة “بيان النصر” في غضون الايام القليلة المقبلة، وقد تتزامن مع الذكرى الثالثة لإعلان “دولة الخلافة” التي أعلنها زعيم داعش من جامع النوري.

ويشاغل ما تبقى من تنظيم “داعش”، القوات العراقية في مساحة تقل عن كيلومتر مربع واحد بعدما خسر أبرز معاقله قرب مئذنة الحدباء التي فجرها الاسبوع الماضي.
وقال قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي، أمس، إن “المتبقي من عناصر داعش (في الموصل) بين 200 إلى 300 مقاتل، غالبيتهم من الأجانب”. وأضاف أنه “في الأيام القليلة القادمة سنعلن النصر النهائي على داعش”.
وأبدى مقاتلو التنظيم مقاومة شرسة في المدينة القديمة، باستخدام قذائف الهاون والاحزمة الناسفة والقناصة، لإبطاء تقدم القوات العراقية. وكان الاسدي قد قال بعد ساعات من تحرير جامع النوري بان قواته قتلت نحو 600 مسلح في تلك المنطقة.
وكانت القوات العراقية قد أعلنت الخميس الماضي أنها استعادت جامع النوري الكبير في المدينة القديمة بغرب الموصل، الذي شهد الظهور العلني الوحيد لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي. وأقدم التنظيم في 21 حزيران على تفجير منارة الحدباء التاريخية وجامع النوري الكبير بعد تضييق الطوق عليه من القوات العراقية.
وأعتبر رئيس الوزراء حيدر العبادي أن استعادة جامع النوري إعلان “بانتهاء دويلة الباطل الداعشية”. وقال العبادي في بيان له، إن “تفجير الدواعش لجامع النوري ومنارة الحدباء وإعادته اليوم إلى حضن الوطن، إعلان بانتهاء دويلة الباطل الداعشية”.
وتعتبر منارة الحدباء أحد رموز المدينة، ويصفها البعض ببرج بيزا العراقي، نسبة إلى البرج الإيطالي المائل. وظهرت المنارة أيضا في علامات تجارية محلية وإعلانات عدة، وأعطت اسمها لعدد لا يحصى من المطاعم والشركات والنوادي الرياضية.
ونسب التنظيم، عبر وكالة “أعماق” المقربة منه، إلى غارة أميركية تدمير الموقعين التاريخيين، غير أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة أكد أن التنظيم هو من “دمر واحدا من أعظم كنوز الموصل والعراق”.
من جهة ثانية، أشار التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة إلى أن نهاية التنظيم أصبحت وشيكة. وقال المتحدث باسم التحالف الدولي في بغداد الكولونيل الأميركي راين ديلون إن الإعلان الرسمي عن استعادة الموصل “ستقوم به الحكومة العراقية. أنا لا أستطيع تحديد الموعد مكانها، إلا أنني أرى ذلك خلال أيام وليس أسابيع”.

انهيار عرش الخلافة
ويرجح النائب أحمد الجبوري، المتواجد في جنوب المدينة القديمة، ان “يعلن النصر النهائي على داعش في الموصل خلال 3 أيام”.
وكانت الحكومة العراقية قد اجرت منذ عدة اسابيع استعداداتها لإعلان النصر تزامناً مع الذكرى الثالثة لسقوط الموصل. لكن شراسة المعارك في حيي الزنجيلي والشفاء حالت دون ذلك.
ويتوقع ان يتزامن اعلان النصر مع اعلان أبو بكر البغدادي قيام “دولة الخلافة”، في 4 تموز عام 2014، من على منبر جامع النوري. وطلب البغدادي وقتها البيعة من الفصائل المسلحة الذين حضر قادتهم وممثلوهم. وقدم قادة الفصائل المسلحة البيعة لزعيم التنظيم بعد صلاة الجمعة.
لكن الجبوري وفي اتصال مع (المدى)، قال ان التنظيم في “تراجع بشكل كبير وخسر ابرز مناطقه في المدينة القديمة خصوصا بعد تحرير جامع النوري، وهو الآن محاصر في مساحة 750 مترا مربعا”.
ويعد مسجد النوري من أكبر مساجد المدينة القديمة، وسمي باسم نور الدين الزنكي الذي حكم الموصل وحلب لفترة، وأمر ببنائه في العام 1172. وبعد سيطرته على المدينة الشمالية في حزيران 2014، هدد التنظيم المتطرف بتدمير منارة الحدباء، إلا أن السكان تمكنوا من إحباط ذلك بعدما شكلوا دروعا بشرية حولها.
وجاءت عملية تدمير المسجد والمنارة بعد ثلاثة أيام من بدء القوات العراقية هجوما على المدينة القديمة بغرب الموصل، حيث آخر مواقع “داعش”. ورغم أن المنطقة، التي لا يزال يسيطر عليها التنظيم صغيرة جدا، غير أن أزقتها وشوارعها الضيقة بالإضافة إلى تواجد المدنيين فيها، جعلت العملية العسكرية محفوفة بالمخاطر.
ويشير النائب الجبوري الى ان “أعداد المدنيين لم يعد بالحجم الذي كان مع بداية العمليات العسكرية، لكن رغم ذلك فالقوات العراقية حذرة جدا”.
وكانت التوقعات تتحدث عن وجود بين 100 الى 150 الف مدني في مساحة تقدر بـ2 كم متر مربع، لكن آخر التقديرات تشير الى احتمال وجود 15 ألف مدني فقط.

تحرير مختطفين
ورغم العدد القليل، فان تنظيم داعش مازال حريصاً على استخدامهم كدروع بشرية، إذ يقول هاشم البريفكاني، نائب رئيس اللجنة الامنية في مجلس نينوى، ان “داعش مستمر في عملية الانتقام من المدنيين الذين يهربون من سيطرته”.
وقال وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد الجاف، امس، إن “العدد الاجمالي للنازحين منذ انطلاق عمليات تحرير نينوى بلغ (900.857) نازح بضمنهم (176.455) نازح من ساحل الموصل الايسر .و(724.402) نازح من ساحل الموصل الايمن” .
ميدانياً، يؤكد البريفكاني لـ(المدى) ان الاشتباكات تدور في مناطق “المكاوي” و”محلة اليهود”، لافتا الى ان “المتبقي من المدينة هي الاحياء القريبة من نهر دجلة”. وتضم تلك المساحة، احياء اخرى مثل “الشعاريين”، “الشهوان”، “القليعات”، ومحلة “راس الكور”.
وكانت طائرات التحالف قد منعت “داعش” قبل ايام من بداية معركة المدينة القديمة، من استخدام اخطر اسلحته، وهي السيارات الملغمة. ووجهت الطائرات الغربية، عددا من الضربات بـ”الصواريخ اللولبية”، التي تحدث حفرا في الارض، والتي لاتستطيع العجلات تجاوز تلك الشقوق. وكانت عملية اقتحام المدينة القديمة قد انطلقت في 18 حزيران الماضي، من ثلاثة محاور، محورين من غربي وجنوبي المدنية بقيادة مكافحة الارهاب والشرطة الاتحادية.
بالمقابل كان المحور الشرقي لعزل المنطقة عن حي الشفاء، باشراف الفرقة التاسعة المدرعة/ جيش، فيما اسند الهجوم لقوات الرد السريع. ويقول البريفكاني ان “حي الشفاء قد تم تحريره مساء اول من امس، فيما تم تحرير 16 مختطفاً في مستشفى البتول ودار الايتام”. واكد المسؤول المحلي ان بين المختطفين “3 فتيات إيزيديات”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here