عوائل الدواعش سكين الخاصرة

همام السليم
في العاشر من تموز 2017 اعلن القائد العام للقوات المسلحة العراقية الدكتور حيدي العبادي عن اكمال تحرير مدينة الموصل من دنس عصابات داعش التي سبق وان احتلتها في العاشر من حزيران 2014 واعلنت منها خلافتها المزعومة المبنية على القتل والتهجير والخراب والاغتصاب، وبذلك اكملت القوات المسلحة العراقية المهمة المناطة بها ( تحرير المدينة وانقاذ المدنيين) وبعد ان سكتت البنادق ستنتقل الموصل من مرحلة العمليات العسكرية الى مرحلة اعادة الاستقرار والبناء والاعمار وعليه فإنها سوف تواجه العديد من التحديات و المعضلات الانتقالية .
ومن بين التحديات الاجتماعية _ الأمنية المهمة مستقبلاً هو: ملف التعامل مع عوائل الدواعش فهل سيتم عزلهم في مخيمات خاصة ونبذهم كما يدعو لذلك البعض ؟ ام يستم تركهم في مناطقهم للعيش مع عوائل ضحايا داعش ؟ وهل كل عوائل الدواعش مجرمين ومؤيدين لفكر ابنائهم المنحرف أم فيهم معارض لذلك الفكر ؟ ما الذي سيولده ابقائهم في مناطقهم مع عوائل ضحايا داعش ؟ وماذا سيرتب عزلهم في مخيمات خاصة بهم ونفيهم من تداعيات مستقبلية ؟
هنا يمكننا القول ان عوائل الدواعش تنقسم الى قسمين احدهما مؤيد لفكر وعمل عناصر التنظيم من عوائلهم ، والاخر معارض لفكر وعمل ابنائهم مع التنظيم ولكنهم مغلوب على امرهم ولم يتمكنوا من منعهم، واذا ما ابقي على تلك العوائل من القسمين في مناطقها للعيش مع عوائل ضحايا التنظيم ومجازره ستواجه الحكومة تحديات امنية تتمثل بأعمال الثأر العشائري من تلك العوائل التي سيكون القسم الثاني منها خجلا من عمل ابنائهم، بينما سيمثل القسم الأول منها قنابل موقوته تنفذ اعمال تخريبية وتشكل عيون على مناطقها لمصلحة التنظيم الذي سيعود إلى اعمال الاغتيال والتفجير اذا لم تتم تصفية خلاياه النائمة.
وعليه فإننا نؤيد عزلهم مؤقتاً في مخيمات خاصة على ان يتم تثقيفهم واعادة تأهيلهم وخاصة اطفالهم وتلقينهم قيم المحبة والسلام والتعايش السلمي والقبول بالأخر والايمان بالتعدد وعدم تكفير الاخر او الغائه تمهيداً لإعادة دمجهم بالمجتمع ؛ لأن نفيهم وعزلهم دون رعاية سيولد جيل جديد من الارهاب بسبب حقدهم على الحكومة التي عاقبتهم والمجتمع الذي نفاهم وهذا تحدي اجتماعي وامني مستقبلي، لأننا سنوفر مكان وبيئة مناسبة نجمع فيها كل عوائل الدواعش المؤمنين بعمل ابنائهم وبالتالي سهولة التواصل فما بينهم والتأثير في بعضهم البعض والتخطيط لأعمال ارهابية مستقبلية فضلاً عن دفع العوائل غير المؤيدة لعمل ابنائه سابقاً نحو الارهاب مستقبلاً بسبب عقابهم الجماعي واخذهم بجريرة ابنائهم العاقين .
لذلك ينبغي ان يكون العزل مؤقتاً ومصحوباً ببرامج حكومية ودولية لإعادة التأهيل والدمج بالمجتمع على شكل دفعات تبداً بالعوائل غير المؤيدة لعمل ابنائها، الخيار هنا للحكومة والمجتمع اما ان نعد لجيل من المواطنين الصالحين المؤمنين بالعراق وحكومته وشعبه وجيشه عبر عزلهم مؤقتاً واعادة تأهيلهم كما فصلنا اعلاه ، وأما علينا الاستعداد لمواجهة جيل جديد من الارهاب الذي سيتولد بسبب مشكلة اجتماعية لدى الاطفال الذين سيعزلون ويعاقبون بجريرة ابائهم او اخوتهم ليحقدوا على الحكومة التي عاقبتهم والمجتمع الذي نفاهم .
مما تقدم يتضح بأن ملف عوائل الدواعش يشكل ما يشبه سكين الخاصرة بالنسبة للحكومة والمجتمع (التي لا يمكن للمصاب بها قلعها ولا يمكنه ابقائها وتحمل المها ) كذلك هو حال عوائل الدواعش مع الحكومة فلا يمكنها ان تبقيها في امكانها ولا يمكنها ان تنفيها في مخيمات بصورة دائمة، وينطبق عليها المثل الشعبي القائل ( بلاع الموس) ، كما يشكل هذا الملف قنبلة موقوته يمكننا ان نفككها ونعالجها (بالعزل الموقت المصاحب لإعادة التأهيل والدمج بالمجمع مستقبلاً) او نوفر لها بيئة تساعدها على الانفجار بالعزل الدائم والنفي والعقاب الجماعي للنساء والاطفال خاصة غير المؤيدين لعمل ابنائهم الدواعش وبالتالي جمع عوائل مؤيدة من اماكن مختلفة في مكان واحد مع عوائل غير مؤيدة وتوفير بيئة اجتماعية ناقمة على الحكومة والمجتمع ليتولد لنا جيل جديد من الارهاب .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب وباحث عراقي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here