هجاء المرأة


اعتدنا أن نسمع من الشعراء أعذب الكلام عن المرأة وحسن صورتها ورشاقة بدنها وحلاوة صوتها، بيد أن بعض الشعراء توجهوا إلى معالم قبحها وقباحة صوتها. كذا فعل ابن الرومي في وصف قبح صوت إحدى المغنيات.
وأعطانا قبح بعضهن نماذج من الظرف والفكاهة بما يدغدغ مشاعر السامع ويثير الغيظ والنقمة منهن.
ولعل هذا هو ما دعا البهاء زهير إلى التستر على اسم السيدة موضوع الهجاء خوفاً من هجومها عليه لضربه بحذائها، وهو ما تعرض له المتنبي عندما سخر من بنات الحضر فهجمن عليه بأحذيتهن.
أما البهاء زهير فقد صاغ سخريته بهذه الأبيات:
فلانة من تيهها تغص بها مقلتي
وقد زعمت أنها وليست بتلك التي
لا وجه إن أقبلت، ولا ردف إن ولتِ
أما ابن الرومي فقد أثار سخريتنا في وصفه لامرأة حدباء. وكذا فعل شاعر آخر حين قال:
رقطاء حدباء يبدي الكبد مضحكها
قنواء بالعرض والعينان بالطول
لها فم ملتقى شدقيه نقرتها
كأن مشفرها قد طر من فيل
أسنانها أضعفت في خلقها عدداً
مطهرات جميعاً بالرواويل
وبينما تبذل فتيات هذا الزمان الغالي والنفيس للتخسيس وتخفيض الوزن والحصول على أرق ما يمكن من قامة، كان الناس في الأجيال الماضية يفضلون الأجسام الممتلئة على نحو ما نجد في اللوحات الفنية الكلاسيكية، ولا سيما لوحات روبنز وفلاسكس.
وعندما شاهد أحد شعرائنا بالأمس امرأة رقيقة القامة، لم يتمالك غير أن يعبر عن سخطه على منظرها بهذه الأبيات:
لها جسم برغوث وساق بعوضة
ووجه كوجه القرد بل هو أقبح
وتبرق عيناها إذا ما رأيتها
وتعبس في وجه الضجيع وتكلح
لها منظر كالنار تحسب أنها
إذا ضحكت في أوجه الناس تلفح
إذا عاين الشيطان صورة وجهها
تعوذ منها حين يمسي ويصبح
وتهكم شاعر آخر من امرأة نحيلة فقال:
كأن ذراعها على كفها
إذا حسرت جنب الملعقة
ومن أقسى ما قيل في الرشيقات كان ما كتبه أبو المفطس:
منيت بزمبرة كالعصى
ألص وأخبث من كندش
لها وجه قرد إذا زينت
ولون كلون القطا الأبرش
لها رُكب مثل ظلف الغزال
أشد اصفراراً من المشمش
وساق تخلخلها حمشة
كساق الجرادة أو أحمش
كأن الثآليل في وجهها
إذا سفرت بدد الكشمش

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here