قصة قصيرة. العراقيين ما ينطون وجه!

قصة قصيرة.

العراقيين ما ينطون وجه!

احمد صادق.

كان شاب في الثلاثين من عمره يجلس إلى جانب رجل تجاوز السبعين على تخت قديم في ركن منزو من مقهى محلة شعبي. كانا يتحاوران بينما كان شباب آخرين يجلسون في مقدمة المقهى المطل على درب المحلة يتصايحون ويتمازحون مما صعَّبَ على الشاب والرجل أن يتحاورا براحة، وفي نفس الوقت سهَّل عليهما ان يتحاورا دون أن يتطفل عليهما احد من الشباب.

قال الشاب “ لو صدام ناطي شويه حرية للشيعة ما جان احتل الأمريكان العراق وصار بينه ما صار.”

قال الرجل ” نطاهم شويه حريه.” ثم سحب نفسا من نركيله كانت امامه.

سأل الشاب “ ها، شوكت؟”

أجاب الرجل “ إنتَ جنت بعدك صغير. نطاهم شويه حرية قبل سنة لو سنتين، ما اتذكر تمام بعد ما شاف راح يخسر الحرب ويه إيران.”

سأل الشاب “ إي بعدين شصار؟”

أخذ الرجل نفسا عميقا من النركيله. بقبق الماء في الشيشه وتوهجت جمرة النار في الصحن الصغير في أعلى النركيله. “ ما صدكو العراقيين صدام نطاهم شويه حريه ….”

قاطعه الشاب “ شصار؟”

قال الرجل “ كامو يصلون بالشوارع أيام الجمع، يتركون المساجد وهي قريبة عليهم ويصلون بالشوارع ويكطعون طريق الناس، وصارو يمشون لكربلاء، وصارو يقرون بالحسينيات، وصارو يلطمون ويطبرون، وصارو …..”

قاطعه الشاب “ إي وتالي؟

أخذ الرجل نفسا طويلا من الناركيله ثم رفع رأسه ودفع بالدخان بعيدا في الهواء. “ كام صدام منع كل هاي الأشياء وما نطاهم بعد ولا شويه حرية من ذاك اليوم.”

قال الشاب “ لا، ليش؟”

قال الرجل “ إبني، العراقيين ما ينطون وجه. مو مال حريه.”

قال الشاب “ وهسه الوكت إلهم. يصلون بالشوارع، يمشون لكربلاء، يقرون بالحسينيات، يلطمون، يطبرون. الحكم إلهم. منو يكدر يمنعهم؟”

قال الرجل الذي تجاوز السبعين “ بس اخاف يجي واحد مثل صدام ياخذ الحكم منهم ويخسرون الأول والتالي.”

سأل الشاب” يخسرون كل شي؟ يعني لا حُكم، لا شعاير حسينية ……؟”

قال الرجل “ يمكن يبقون على الشعاير الحسينية بس.”

قال الشاب “ ويقبلون يروح الحُكم منهم ويبقون على الشعاير الحسينية بس؟ يعني الشعاير الحسينية أهم من الحُكم؟ ما معقوله.”

قال الرجل الذي تجاوز السبعين “ ليش ما معقوله؟ هو اكو شي معقول بالعراق اليوم؟”

قال الشاب “ حجي، نركيلتك انطفت، خلصت جمرته.”

قال الرجل “ آني هم خلَّصِتْ.”

بغداد في 1/8/2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here