رحلة في عالم ألذات

رحلة في عالم ألذات:
بقلم ( كامل سلمان )
أنا إنسان أعيش حياتي لفترة زمنية تتخللها أفراح وآلام ولكي أستمر المطاولة في هذه الفترة الزمنية أحتاج الى الهواء والماء والغذاء وأحتاج الى المجتمع والى الأجواء الصحيحة للعيش ، أحتاج الى الأمان والى السكن والمرأة والراحة ، هذه الاحتياجات وغيرها استطيع ان اوفرها لنفسي او ان المجتمع والطبيعة توفرها لي لإن في نقصان اي من هذه الاحتياجات تبدأ الآلام. لذلك واجب على نفسي خدمة نفسي اولا وما يفيض منها من فائدة يجب ان تذهب لعيالي والمجتمع والطبيعة ، هذا انا في الحدود العقلية الإنسانية المتوازنة ، ولكن هذا التوازن يختل عندما تختل الاوليات فتبدأ الفوضى التي تمتد للمجتمع وتنتقل فيما بعد الى الأجيال .
أستطيع ان أوفر أحتياجاتي بسهولة أحيانا وأحيانا بصعوبة لذلك علي ان اتعلم الصبر والتحمل والتفكير فهذا التعلم يزيدني معرفة ويزيدني قوة ولكن احيانا يختلط مع التعلم ملوثات وهذه الملوثات الأخلاقية تتوسع بسرعة عندما أجد فيها ضالتي وسلاسة تجاوز الصعوبات فتصبح قرين لي تبعدني عن نفسي الطبيعية وتتغلغل الى المجتمع الطبيعي فتتحول الجماليات التي رافقتني الى منغصات لإنني رضيت بها .
انا إنسان عندما أحافظ على كل شيء صحيح ضمن حدوده الطبيعية ولكن عندما اتجاوز هذه الحدود فقد خرجت من إطار إنسانيتي وهذا ما يقع فيه معظم الناس خاصة عند انعدام الرادع النفسي والرادع المجتمعي والرادع القانوني ، وهذا ما يسبب لنفسي و للمجتمع الالام ومن ثم انعكاس كل ذلك على الصحة البدنية والنفسية والعقلية لي و للمجتمع .
الطموح المفرط واحدة من اكبر المشاكل التي تخرج الإنسان من عالمه المتواضع الى عالم الجشع وهذا النوع من الطموح يظهر جليا عند اربعة فئات من المجتمع ( التجار ، السياسيون ، العلماء ، المجرمون ) وهذا الطموح يدخل الإنسان في دوامة من الصراعات والتحديات التي تستهلك اجزاء كبيرة من إنسانيته ، العلماء تكون نتيجة اعمالهم سلبية على انفسهم ولكنها ايجابية للناس ، والمجرمون تكون نتيجة اعمالهم سلبية على انفسهم وعلى المجتمع وأما التجار والسياسين فمرة هنا ومرة هناك حسب الظروف ، والمشكلة تتعاظم عندما يكون التاجر لا يملك العقلية التجارية فيتخبط بسلوكه التجاري ويضطر الى المكر والخديعة فبالتالي يجذب الكوارث الى الناس ، والسياسي عندما يكون غير كفؤ للعمل السياسي فيتحول عمله الى متاهات تدخل المجتمع في نفق مظلم ، وأما العالم فيتوقف عنده الطموح عندما يجد نفسه غير مؤهل فيركن جانبا ، وأما المجرم فإن مؤهلاته تتوسع طوعيا مع توسع جرائمه .
التعمق في فهم طموح السياسين هو الأهم لإن السياسة والسياسيون اصبحوا حديث الساعة فلا تخلو وسائل الأعلام من اخبارهم على مدار الساعة . وجود التجمعات والأحزاب السياسية كانت في السابق لها مبادىء وأفكار تعالج الواقع وبمرور الزمن أصبحت هذه الأحزاب مؤسسات عملاقة في الدول المتقدمة وأما في الدول المتخلفة فتحولت الأحزاب الى مافيات للسرقة والفساد وأصبحت لها مليشيات متخصصة بالاغتيالات والقتل وبعض المليشيات أضحت قوة ترهب الدولة وتتحكم بمفاصل الدولة ، فأصبح أفراد تلك الأحزاب عبارة عن ادوات يتحكم بها اشخاص معدودين بالقوة فاقدين لكل مقومات ألذات الصحيحة ولا يملكون لأنفسهم حول ولا قوة وبنفس الوقت يسعى قادة تلك الأحزاب الى بناء امبراطوريات مالية وحياة الترف وتتحول عندهم لغة السياسة الى لغة العنف والقوة فيصبحون كالمجرمين سواء من حيث بدأ المجرمون او حيث ينتهون ولكن هذه المرة بعنوان سياسي وقد يكون مغلفا بالدين . نحن كمجتمع نرى هذا السلوك المفرط بوضوح ، لكنهم يظنون ان الناس غافلون ، فيتكلمون بصيغة الإستغفال والثقة عندما يخاطبون الناس وهذا عيب ثاني يلازمهم طوال فترة تسلطهم حتى تحين الساعة التي تنكشف لهم مدى جهالتهم في فهم الناس ومدى زيفهم المفرط .
الضلالة مشكلة تصاحب اصحاب النفوذ ، ولو انهم استفاقوا وتساءلوا هل هذه هي السعادة والراحة التي كنا لها راغبون ، سيجدون في انفسهم الجواب . ونحن نقول لهم ان السلوكيات الخاطئة تجر سلوكيات اكثر خطئا وتبعد الإنسان عن الصواب لأن السعادة لا تسكن النفوس التي انجرفت وراء الموبقات ، وتبقى السعادة ساكنة في القلوب المطمئنة النظيفة التي لم تلوثها تقلبات الازمان . فالذات والانا النظيفة لها البقاء وما دونها مصيرها الزوال فهل يتعظون ؟
تموت النفس وهي غافلة
فياليتها ماتت قبيل الندم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here