سلسلة حوادث تقلق الأسر.. الجرائم العائلية تنخر جسد المجتمع العراقي

بغداد/ حسين حاتم

خلال أقل من 24 ساعة، شهدت محافظة بابل جريمتين مروعين ليستا الأولتين من نوعهما، تمثلتا بإبادة عائلة كاملة، وانتحار رجل بعد قتله لزوجته.

وتصاعدت حدة تلك الجرائم، خلال الأشهر الماضية، وتسببت بمقتل عشرات المواطنين في مختلف محافظات البلاد، فيما يعزو مختصون أسباب توسعها، الى الفراغ الذي يشهده المواطن وسوء الأوضاع الاقتصادية، والتراكمات التي خلفتها الحروب.

وتحدث مصدر أمني، امس السبت، لـ(المدى)، بأن “شاباً أقدم على قتل خمسة أفراد من أُسرة واحدة في قضاء المسيب شمالي محافظة بابل”.

وأضاف المصدر، أن الشاب “أطلق النار على أفراد الأسرة وارداهم قتلى في الحال”، عازيا سبب “وقوع الحادثة إلى خلافات عائلية”.

وأشار الى ان “الشاب حاول الانتحار بواسطة إطلاق النار على نفسه لكنه لم يُفارق الحياة ونُقل إثر ذلك إلى مستشفى مدينة الحلة الجمهوري لتلقي العلاج”.

في المقابل، أكدت قيادة شرطة بابل، أن سبب وقوع الحادث “نتيجة خلاف عائلي”.

وذكرت القيادة في بيان تلقته (المدى)، أن “قوة أمنية طوقت المكان وباشر خبراء الادلة الجنائية بالكشف الموقعي على الحادث وضبط السلاح المستخدم نوع بندقية كلاشنكوف”.

ولفتت القيادة الى، “وضع حراسة مشددة على القاتل الذي يرقد في العناية المركزة بعد محاولته الانتحار”.

ولم تمر نصف ساعة، حتى شهدت المحافظة جريمة أخرى تمثلت بانتحار شخص بعد قتله لزوجته.

وقال مصدر أمني لـ(المدى)، أن “رجلاً أقدم صباح الأمس على قتل زوجته وبعدها قام بإطلاق النار على نفسه وفارق الحياة فورا في منطقة (سريديب) ضمن ناحية النيل شمالي مدينة الحلة مركز محافظة بابل”.

وهذه الجرائم “العائلية” لم تكن الاولى في بابل، فقد شهدت المحافظة فاجعة مشابهة لم يمض على حدوثها شهر واحد، عندما أقدم أب على قتل ابنته وأمها وجدتها قبل أن ينتحر وسط مدينة الحلة.

وتعليقا على تلك الاحداث، تقول استاذة علم النفس في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز في حديث لـ(المدى) إن “حالات العنف الاسري التي يشهدها العراق عبارة عن تراكمات لما مر به المواطن من ظروف قاسية وذاق ويلات الحروب والوضع الاقتصادي غير المستقر”.

وأضافت عبد العزيز، أن “نتائج دراستنا النفسية توقعت مرور العراق بظواهر خطرة تستدعي تكاتف السلطات الأمنية والمواطنين”.

وأشارت استاذة علم النفس الى، أن “اغلب العراقيين بحاجة الى إعادة تأهيل نفسي لا سيما الشباب، بإخضاعهم الى برامج علاجية ونفسية”.

وتابعت، “يجب تشخيص حالات العنف الاسري واحتواء المتسببين بها قبل بلوغهم مراحل خطرة تؤدي الى القتل كما حدث في بابل وقبلها في اكثر من محافظة”.

وبينت عبد العزيز، أن “الجانب الاقتصادي وانعدام فرص العمل له تأثير كبير في حدوث تلك الجرائم وتوسعها”.

بدوره يقول الباحث في الشأن الأمني علي البيدر بحديث لـ(المدى)، إن “السلك الأمني لا يمكنه مواجهة تلك الجرائم التي تصنف جرائم مجتمعية، وإنما تُعالج تلك المسألة وفق عدة اتجاهات، منها نفسية واقتصادية، وأمنية، وحتى سياسية، فضلاً عن إشاعة الثقافة والتعليم، بين طبقات الشعب، ما ينعكس سريعاً على الخلافات، وكذلك الجرائم”.

واضاف البيدر، أن “الجرائم العائلية لا يتم تسويقها قانونا او التعامل معها وفق القانون وانما تُعد من ضمن إجراءات التأديب”.

ويرى الباحث في الشأن الأمني، أن “هناك فراغا كبيرا تعيشه شريحة كبيرة من المجتمع العراقي يحتاج الى فرص عمل وبرامج تأهيل إضافة الى وسائل ترفيه وملاعب رياضية وغيرها العديد من الوسائل التي من الممكن ان تسد فراغ هذه الشريحة وتحد من سلوكياتها الجرمية”.

ومن أسباب توسع تلك الجرائم أيضا، بين البيدر، أن “هناك ضعفا في فرض سلطة الدولة، وانعداما للمحاسبة الشديدة على تلك الجرائم”.

يشار الى ان العراق سجل خلال عام 2020، 4 آلاف و700 جريمة قتل كانت خلفها دوافع جنائية، مقارنة مع 4 آلاف و180 جريمة في 2019.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here