اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة الانفال (ح 79)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في موقع منتدى جامع الائمة عن خطبة الجمعة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: بعد ايام قلائل يبدأ شهر رمضان المبارك ، شهر الله الاعظم وعيد اوليائه فيحسن بنا ان نتحدث اليوم عن فضيلة الصوم واهميته في الاسلام والحديث عنه كثير واكثره مسموع الا ان بعض التكرار لا يخلو من فائدة فان الذكرى تنفع المؤمنين والحديث فيه مع التوّسع طبعاً طويل جداً وقد ذكرنا في كتاب الصوم من فقه الاخلاق الجزء الاول قسطا وافيا منه الا ان الذي اريد التركيز عليه في هذا اليوم هو ذكر بعض الاخبار الواردة في فضيلة الصوم وشرحها واول واهم ما يواجهنا في ذلك الخطبة المروية عن الني صلى الله عليه واله في فضيلة الصوم وفي فضيلة شهر رمضان المبارك ، لا بأس ان نسمع شيئاً منها ، قال في مفاتيح الجنان صفحة 172 : روى الصدوق بسند معتبر عن الرضا عليه افضل الصلاة والسلام عن ابائه عن امير المؤمنين عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام قال: ان رسول الله صلى الله عليه واله خطبنا ذات يوم فقال : يا ايها الناس انه قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاءكم فيه مستجاب فسلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كباركم وارحموا صغاركم وصلوا ارحامكم واحفظوا السنتكم وغضوا عما لا يحل النظر اليه ابصاركم وعما لا يحل الاستماع اليه اسماعكم وتحننوا على ايتام الناس يتحنن على ايتامكم وتوبوا اليه من ذنوبكم وارفعوا اليه ايديكم بالدعاء في اوقات صلواتكم فانها افضل الساعات ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة الى عباده يجيبهم اذا ناجوه ويلبيهم اذا نادوه ويستجيب لهم اذا دعوه ايها الناس ان انفسكم مرهونة باعمالكم ففكوها باستغفاركم وظهوركم ثقيلة من اوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم واعلموا ان الله تعالى ذكره اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين والساجدين وان لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين. أيها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. قيل : يا رسول الله وليس كلنا يقدر على ذلك. فقال صلى الله عليه وآله: اتقوا النار ولو بشق تمرة اتقوا النار ولو بشربة ماء فان الله يهب ذلك الاجر لمن عمل هذا اليسير اذا لم يقدر على ما هو أكثر منه. ويستمر رسول الله صلى الله عليه وآله بخطبته الا اننا نكتفي بهذا المقدار لاجل اعطاء بعض الشروح لما سمعناه منها ولعلنا خلال الجمعات التالية يمكننا تغطية الخطبة كلها نصا وشرحا اذا بقيت الحياة وساعد الحال وهنا لا بد من الاشارة الى عدة نقاط : النقطة الأولى: انه صلى الله عليه وآله قال : (يا أيها الناس) ولم يقل يا ايها المسلمون او ايها المؤمنون ونحو ذلك لاحظوا وهذا يؤيد القاعدة التي يقول بها المشهور وهو الصحيح ايضا ، ان الكفار مخاطبون بالفروع وتجب عليهم التكاليف الاسلامية كما تجب على المسلمين من صوم وصلاة وحج وزكاة وخمس وغيرها غاية الأمر أنها لا تصح منهم حال كفرهم فيجب أن يدخلوا في الاسلام لاجل تصحيح عباداتهم فيكون دخولهم في الإسلام واجباً من ناحيتين : اولا : انه مطلوب في نفسه فانه يجب عليهم ان يُسلموا على اية حال. ثانيا : أنه مطلوب لاجل تصحيح ما هو مطلوب منهم وجوبا من العبادات والصحيح ان مقدمة الواجب واجبة ، وهذا يكون من قبيل مقدمة الواجب . فالمهم أن قوله (يا ايها الناس) يشمل جميع البشرية باديانها واصنافها واجيالها واماكنها ومجتمعاتها والله تعالى يريد الخير لكل البشر ويريد التوبة والتكامل لكل البشر وانه خلقهم من أجل خيرهم ونفعهم في الدنيا والآخرة اي في المدى اللانهائي وإنما هم الذين ظلموا أنفسهم وتقاعسوا عن العمل الصالح واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا. النقطة الثانية: أنه صلى الله عليه وآله قال: (انه قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة). اقول ان الله تعالى يعلم ما في نفوس البشر من النقص وما في اعمالهم من التقصير وما في تفكيرهم من القصور الامر الذي يؤدي بهم الى زيادة الذنوب والعيوب والى كثرة استحقاق العقاب وقلة استحقاق الثواب وبالتالي يؤدي الى ضعف التكامل المعنوي في درجات الايمان واليقين وهذا ما يؤسف له حقيقة وانما جناه الفرد على نفسه من حيث انه مستطيع للتكامل ومخلوق لاجل التكامل ومعطى فرصة السير في التكامل ومع ذلك فهو معرض عنه منصرف الى اللعب واللهو في شهوات الدنيا ومصالحها ومغرياتها وعلى اي حال فقد فتح الله تعالى الفرص الكثيرة جدا للتوبة والانابة والتكامل وهي فرص موجودة على عدد انفاس الفرد بل اكثر حتى كان يعبر بعض اهل المعرفة ان يد الله ممدودة للمصافحة ويكفي بالفرد ان يمد يده اليها فقط وهي عبارة اخرى عن الفرصة المعطاة من قبله جل جلاله للتوبة اولاً وللتكامل ثانيا ولذا ورد في القرآن الكريم : “وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ” (الانفال 67) يعني يريد لنا الاخرة لا لنفسه وهو غني عن العالمين. فكان من جملة لاحظوا هذه الفرص للتوبة والانابة والاستغفار والذكر شهر رمضان وكل ايامه ولياليه فرص فهو ليس فرصة واحدة بل ملايين الفرص للانابة والتكامل والتوجه الى الله سبحانه وتعالى ونحن نعلم ان الله تعالى جعل فرصاً من اجناس مختلفة للتوبة والانابة والثواب منها المساجد والمراقد المقدسة وبيت الله الحرام ومنها الازمان او الايام كشهر رمضان وعيد الفطر وعيد الغدير وعيد الأضحى ويوم عرفة وليلة النصف من شعبان وغيرها كثير وهذه الكثرة انما تكون من سعة رحمة الله سبحانه وتعالى ومن جليل كرمه والا كان في مستطاع الله سبحانه وتعالى أن يقلصها الي اقل مقدار ممكن. ومنها من فرص التوبة والرحمة القرآن الكريم نفسه الذي هو باب الهداية العظيمة والعامة للبشر اجمعين ومنها وجود المعصومين عليهم السلام أنفسهم فانهم عدل الكتاب وكتاب الله الناطق وأحد الثقلين في حديث النبي صلى الله عليه وآله: (إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here